عرضان راقصان آتيان من نيويورك، حملا حداثتها وامتزاج الفن بالتقنية، والضوء مع الصورة، ومؤثرات بديعة أخرى، كلها امتزجت لتشكل سحر العملين اللذين قدمتهما فرقة «بريدجمان ــ باكر»، مساء أمس، على «مسرح المدينة»، بحضور جمهور غفير جاء يحتفي بافتتاح الدورة التاسعة لمهرجان «ربيع بيروت» الذي تحييه «مؤسسة سمير قصير» سنوياً في ذكرى اغتيال الصحافي الذي قضى غدراً في بيروت.
مع براعة أجساد الراقصين وليونة الحركة، ثمة مهارة في استخدام فن الفيديو، ليصبح المشهد الخلفي بسرعته وبنائه الضبابي الدائم الحركة، جزءاً من الخشبة. يتداخل إذن، الافتراضي المصور، مع الراقص الحي القائم أمامنا، مما يتيح تركيب مشهديات سوريالية، وتقديم لوحات آسرة، ليس بمقدور الراقصين وحدهم، مهما بلغت قدراتهم أن يجعلونا نحصل على مثيل لها، دون توظيف الجامد مع المتحرك ودمج المؤثرات بانسجامية مذهلة. عرضان بديعان، شاهدهما اللبنانيون أمس، حملا اسمي «تذكُّر ما لم يحدث مطلقاً» و«تحت الجلد»، لكل منهما نكهته، وتمايزه وموسيقاه إلا أن الأول الذي صمم منذ عامين، أكثر حيوية ونبضاً، من الثاني الذي أنتج عام 2005.
وكان الثنائي آرت بريدجمان وميرنا باكر، أسسا الفرقة عام 1987 وبنيت الكوريغرافيا التي عملا عليها من حينه على المزج بينها وبين الفيديو. وهذا الحفل المزدوج الذي قدماه في لبنان هو الأول لهما في بلد عربي.
ويستمر المهرجان على مدار خمسة أيام تنتهي في السابع من الحالي، ويتضمن أربع حفلات. وهي عروض تقدم مجاناً، كما جرت العادة، في كل سنة. ويوم الأحد مساءً هو موعد الجمهور مع الأخوين بشار ورامي خليفة (ولدي مارسيل خليفة) في عزف على البيانو، كما يعزف معهما على آلة التشيلو ساري خليفة. ويقام الحفل في ساحة سمير قصير وسط بيروت، في الهواء الطلق. وكانت الاستعدادات قد بدأت منذ مدة لإقامة منصة خاصة لاستقبال الفنانين الثلاثة.
ويوم الثلاثاء موعد طربي مع المغنية التونسية درصاف حمداني، المعروفة بأسلوبها الشرقي وهواها الصوفي، وثقافتها الموسيقية العالية. وكانت قد غنت أصعب الألحان لأم كلثوم وأسمهان. إلا أنها في بيروت هذه المرة، ستقدم حفلاً في «ميوزيكهول» تقيم فيه مزجاً موسيقياً غنائياً تجريبياً، باللغتين الفرنسية والعربية بين أغنيات فيروز والمغنية الفرنسية الراحلة بارابارا. أما الحفل الرابع والأخير فهو مسرحي مع المخرج الموهوب جداً عصام بوخالد الذي سيقدم هذه المرة مسرحية «كارنيفورس» أو «أكلة لحوم البشر» يوم الأربعاء المقبل، على مسرح «دوار الشمس» في الطيونة. ويأتي ذلك بعد غياب طويل قطعه بمسرحية تحمل عنوان «مأساتي» قدمها منذ أشهر قليلة، مصطحباً دمية سمحت له بأن يقدم عرضاً مونولوجياً محبباً، ساخطأ وساخراً.
في «كارنيفورس» يعود عصام بوخالد للعمل مع زوجته برناديت حديب التي ستكون على المسرح مع سعيد سرحان. وهو عرض يحكي قصة عائلة عربية عادية، لكنها تعيش في ظروف الضغوط المتلاحقة، والتهديدات الأمنية التي لا تنقضي؛ مما يجعل الأزمات جزءاً من اليوميات. العمل من إنتاج «مؤسسة سمير قصير» وهو ختام المهرجان الذي يأتي كالعادة مختصراً، لكنه يحرص على أن يكون نوعياً وناجحاً، ويركز على الفنون الأدائية والبصرية.
مهرجان «ربيع بيروت» يبدأ راقصاً بحيوية نيويوركية
مهرجان «ربيع بيروت» يبدأ راقصاً بحيوية نيويوركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة