بوتين: الأسد ارتكب أخطاء... ولا نريد «الصوملة» في سوريا

الخارجية الروسية تجري اتصالات لعقد اجتماع آستانة منتصف الشهر

بوتين خلال حديثه في بطرسبوغ أمس. (أ.ب)
بوتين خلال حديثه في بطرسبوغ أمس. (أ.ب)
TT

بوتين: الأسد ارتكب أخطاء... ولا نريد «الصوملة» في سوريا

بوتين خلال حديثه في بطرسبوغ أمس. (أ.ب)
بوتين خلال حديثه في بطرسبوغ أمس. (أ.ب)

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لا يدافع عن بشار الأسد، لكنه دافع عن النظام السوري في الاتهامات الدولية باستخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون في ريف إدلب، وقال إنه لا يريد أن يتكرر المشهد الليبي في سوريا، في وقت دعت الخارجية الروسية إلى عقد لقاء جديد في آستانة منتصف شهر يونيو (حزيران) الحالي.
وقال بوتين خلال الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي أمس: «نحن لا ندافع هناك عن الأسد، بقدر ما ندافع عن الدولة السورية»، وأضاف أن «روسيا لا تريد أن ينشأ وضع على الأراضي السورية مثيل للوضع في ليبيا، أو الصومال أو أفغانستان، حيث تنتشر هناك قوات (حلف شمال الأطلسي) الناتو على مدار سنوات طويلة، دون أي تغير نحو الأفضل». وكرر أن «روسيا تريد بقاء الدولة السورية والمضي على أرضيتها باتجاه التسوية السياسية للمشكلة السورية».
لكن بوتين رفض تحميل الأسد مسؤولية الهجوم على خان شيخون بالسلاح الكيماوي. وفي إجابته على سؤال ما إذا كان يرى أن الأسد شرير ارتكب أخطاء، قال: «أجل، على الأرجح ارتكب عدداً غير قليل من الأخطاء. لكن أولئك الذين يقفون ضده، هل هم ملائكة؟». واتهم أولئك الخصوم بأنهم يقتلون الناس ويعدمون الأطفال ويقطعون الرؤوس.
وترى روسيا في كل الاتهامات الموجهة لنظام الأسد «فبركات وسيناريوهات مغرضة» وترفض بما في ذلك تحميل النظام السوري مسؤولية التعذيب والقتل في السجون ومنها في سجن صيدنايا، وتقول إنها «فبركات»، وكذلك الأمر بالنسبة لمسؤولية النظام عن الهجمات الكيماوية. وهذا ما أكده بوتين في تصريحات أمس، حين أشار إلى عدم وجود أي أدلة تثبت مسؤولية الأسد عن قصف خان شيخون بالسلاح الكيماوي، ووصف ما جرى بأنه «عمل استفزازي (..) وربما استخدم أي أحد غاز السارين في خان سيخون، لكن ليس الأسد، بل أحد ما قام عن عمد بذلك العمل لاتهام الأسد». وانتقد رفض اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية اقتراحا روسيا - إيرانيا بتشكيل لجنة أخرى للتحقيق في تلك الحادثة، وهو اقتراح قدمته موسكو وطهران في الوقت الذي كانت فيه لجنة من المنظمة تجري التحقيقات الضرورية، ودعت موسكو فيه إلى تشكيل لجنة على مبدأ التمثيل الجغرافي، بحيث تضم اللجنة ممثلين عن روسيا وإيران.
إلى ذلك قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الرئاسي الخاص إلى الشرق الأوسط، إن موسكو تدعو إلى عقد اجتماع جديد حول سوريا في إطار مفاوضات آستانة في منتصف يونيو الحالي. وأكد في تصريحات صحافية الجمعة إن «اتصالات تجري بهذا الخصوص»، وأعرب عن اعتقاده بأن «اجتماعاً جديداً سيعقد قريباً في آستانة»، وكشف عن اتصالات تجري للاتفاق على الموعد نهائياً. وقال إن موسكو تنوي بحث المفاوضات على مساري «آستانة» و«جنيف» مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي سيزرو العاصمة الروسية الأسبوع القادم. وأشار بوغدانوف إلى أن المحادثات مع دي ميستورا ستتناول بما في ذلك «تطورات الوضع في سوريا ومن حولها عموماً، فضلاً عن تعزيز وقف الأعمال القتالية، ومكافحة الجماعات الإرهابية «داعش» و«جبهة النصرة»، كما ستتناول المحادثات عملية التسوية السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 تحت إشراف الأمم المتحدة في جنيف، بحسب قوله دون أي إشارة إلى «بيان جنيف - 1» أساساً للتسوية. وأعرب بوغدانوف عن أمله بأن تعمل تركيا بنشاط مع المعارضة السورية المسلحة، للمشاركة في لقاء آستانة المقبل، وأشاد بالاتصالات التي تجريها الأردن مع مجموعات المعارضة المسلحة في المناطق الجنوبية، وقال إنها اتصالات مفيدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.