بين الرُطب والتمر... عمليات كيميائية لتكوين اللون البني

تمر ثمار شجرة النخل بخمس مراحل من النمو، هي: مرحلة الطلع، ثم الخلال ذات اللون الأخضر، ثم البسر مع تغير اللون إلى الأصفر أو الأحمر حسب نوع الشجرة، ثم الرُطب الذي تنضج فيه الثمرة لتكون حلوة الطعم وغنية بالماء وملائمة للتناول، ثم مرحلة التمر الذي يكتمل فيها نمو الثمرة لتكون لينة في بنيتها وغامقة اللون وبقشرة متجمدة وتحتوي كمية أقل من الماء.
ويشكل الماء نسبة 65 في المائة من الرُطب بينما يُشكل نسبة 25 في المائة في التمر. وتشكل السكريات نسبة 70 في المائة في التمر ونسبة 30 في المائة في الرطب. وهذا التطور من الرطب إلى التمر يتم بالإبقاء على ثمار الرُطب في أشجارها كي تتم عملية «الأكسدة البنية» Browning Oxidation بطريقة طبيعية وكي تحصل عملية التجفيف الطبيعي بالتعرض لأشعة الشمس، كل هذا بالاستفادة من جهاز مناعة النخلة لإتمام تلك العملية دون تعرض الرُطب للتلف.
وتحتوي ثمار الرُطب على مادة كيميائية تُسمى «حمض داكتيليفيرا» Dactylifric acid، وهو أحد الأنواع الفريدة من أنواع «ركائز أنزيمات تكوين اللون البني» Enzymic Browning Substrates الموجودة في التمور، والتي اكتشفت في عام 1964. وعملية تكوين اللون البني هي من العمليات الكيميائية الحيوية التي تحصل في أنواع شتى من الثمار والحبوب والفواكه، وتمثل أحد المجالات الخصبة للبحث العلمي في جوانب تتعلق بالصحة والقيمة الغذائية وصناعة الغذاء.
والمحصلة النهائية هي تكوين الصبغات البنية Melanosis ضمن مكونات ثمار الرُطب لتصبح تمرا. وفي بعض أنواع الثمار يكون تكوين المادة البنية علامة سيئة في جودة الثمار كما في التفاح وإجاص الكمثرى والموز وغيره، وفي منتجات أخرى يكون علامة جيدة فيها من نواحي القيمة الغذائية والطعم والفوائد الصحية وكمية محتواها من المواد المضادة للأكسدة كما في ثمار التمر والزبيب والتين والقهوة والشاي والشوكولاته وغيره.