«مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة» يواصل مسيرة الإبداع

670 كيلوغراماً من الحرير و120 أخرى من الأسلاك المطلية بالذهب لحياكة «أرفع رداء لأشرف بناء»

العمال في «مجمع الملك عبد العزيز» بمكة المكرمة أثناء العمل في أحد أجزاء ثوب الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
العمال في «مجمع الملك عبد العزيز» بمكة المكرمة أثناء العمل في أحد أجزاء ثوب الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
TT

«مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة» يواصل مسيرة الإبداع

العمال في «مجمع الملك عبد العزيز» بمكة المكرمة أثناء العمل في أحد أجزاء ثوب الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)
العمال في «مجمع الملك عبد العزيز» بمكة المكرمة أثناء العمل في أحد أجزاء ثوب الكعبة الجديد (تصوير: أحمد حشاد)

يحتاج «مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة» في مكة المكرمة، إلى نحو 670 كيلوغراماً من الحرير الخالص و120 كيلوغراماً من الأسلاك المطلية بالذهب لنسج رداء الكعبة المشرفة.
المجمع يضم مائتي نساج وحرفي يعملون في نسج رداء الكعبة المشرفة بحيث ينتهي العمل فيه ويكون جاهزا بعد 10 أشهر.
المجمع الذي عرف باسم «مصنع كسوة الكعبة» أصبح يحمل اسم «مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة».
وخلال حديث مع مدير «مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة» الدكتور محمد باجودة، أشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تغيير اسم «مصنع كسوة الكعبة» إلى الاسم الجديد، يأتي تعبيرا عن اهتمام القيادة السعودية بمكانة الكعبة، وعرفانا بما قدمه الملك عبد العزيز، فهو أول من أمر بإنشاء أول مصنع في التاريخ خاص بصناعة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة قبل نحو 90 عاما.
وأوضح باجودة، أن التسمية الجديدة نابعة من مكانة الكعبة المشرفة في هذا الدين ومنزلتها في نفوس المسلمين وتعبيراً عن الاهتمام الرسمي بها، مشددا على أن تغيير الاسم من «مصنع» إلى «مجمع» له دلالاته الواضحة في النقلة النوعية والقفزة الحضارية التطويرية لرسالة المجمع ليشمل كل ما يتعلق بالكسوة من أقسام وأجهزة ومعدات وطاقم بشري وتشغيلي وكوادر مؤهلة، وتطوير شامل في كل متعلقاته بكل احترافية ومهنية.
ولفت إلى أن تغيير اللون غير وارد قطعاً بناءً على ما تلقته الأمة الإسلامية عبر العصور التاريخية وما ألفته من تواتر اللون والتصميم والشكل القائم في الوقت الحاضر، مشدداً على أن بحث هذا الشأن يكون من اختصاص ولاة الأمر.
وأوضح أن عملية نسج كسوة الكسوة تحتاج إلى نحو 670 كيلوغراماً من الحرير الخالص الذي يشترى من إيطاليا، و120 كيلوغراماً من الأسلاك المطلية بالذهب التي تشترى من ألمانيا، و100 كيلوغرام من الفضة، و650 كيلوغراماً من البطانة القطنية.
وذكر أن المجمع لا يفكر في إنتاج أقمشة مشابهة للكسوة على سبيل الإهداء أو البيع، ويركز جهوده على صناعة كسوة الكعبة المشرفة والأعلام الرسمية وشعارات المصالح الحكومية، وفقاً للتوجيهات، ولا يتعاطى البيع أو الإهداء بصفته جهة حكومية ذات سيادة رسمية.
وفيما يتعلق بمنع وجود أقمشة مقلدة تشبه قماش وتطريز كسوة الكعبة المشرفة، اكتفى مدير «مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة» بالقول: «المجمع جهة حكومية معنية بصناعة كسوة الكعبة المشرفة بنسختها الأصلية وفق المواصفات المرعية والمتعارف عليها منذ عقود طويلة، دون التفات إلى شأن حركة البيع والمنتج المقلد، الذي هو شأن جهات أخرى».



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.