صلاة مشتركة بين سلفا كير ومشار تنهي الحرب بينهما

ضغط دولي على الحكومة والمتمردين أدى إلى اتفاق سلام

صلاة مشتركة بين سلفا كير ومشار تنهي الحرب بينهما
TT

صلاة مشتركة بين سلفا كير ومشار تنهي الحرب بينهما

صلاة مشتركة بين سلفا كير ومشار تنهي الحرب بينهما

من المتوقع أن يبدأ اليوم (السبت) تطبيق اتفاق لوقف إطلاق النار بين حكومة جنوب السودان ومتمردين، لإنهاء خمسة أشهر من المعارك الدامية دفعت بالبلاد إلى شفير الإبادة والمجاعة.
وجاء الاتفاق الجديد بعد لقاء جمع رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، في أديس بابا، مساء أمس (الجمعة)، حيث تصافحا وأديا صلاة مشتركة، واتفقا على وقف كل الأعمال العدائية فورا، في غضون 24 ساعة.
وينص التعهد الذي وقعه كير ومشار على أنهما اتفقا على أن تشكيل حكومة انتقالية يوفر أفضل الفرص لشعب جنوب السودان، تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة لم يحدد تاريخها، بحسب ما أوضح سيوم ميسيفين، وزير الخارجية الإثيوبي السابق وأحد المفاوضين الرئيسيين في السلطة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد).
وقال كير: «الآن وبعد أن وقعنا الوثيقة، أود أن أؤكد لكم أن الحزب والجيش اللذين أقودهما سينفذان هذا الاتفاق من دون إخفاق.. أؤكد لكم أن شعب جنوب السودان لا يحتاج لحرب».
وينص الاتفاق أيضا على «فتح ممرات إنسانية والتعاون مع الوكالات الإنسانية والأمم المتحدة بغية إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق في جنوب السودان» بحسب ميسفين.
وسيتفاوض وفدان من طرفي النزاع على تفاصيل الاتفاق في الأيام القادمة ثم يعقد لقاء آخر بين كير ومشار في غضون 30 يوما.
وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أغوير إن اتفاق الهدنة يبدو مطبقا.
وقال: «المعلومات لدي تفيد أنه لم تقع أي مناوشات اليوم. المتمردون تحت إمرة مشار، ومشار هو من أعلن الحرب ضد الحكومة»، معربا في الوقت ذاته عن مخاوف «من قوى أخرى ليست تحت إمرة مشار».
وتوسط أيضا في محادثات السلام، رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريم ديسالين، الذي يرأس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد).
وقال ديسالين: «نحن نراقبكما ولن نسمح لكما بالعودة إلى الحرب».
وتعرض كل من كير ومشار لضغوط دبلوماسية كبيرة، بينما عبرت واشنطن والأمم المتحدة عن قلقهما من خطر وقوع «إبادة» و«مجاعة».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعا الزعيمين، بداية مايو (أيار) الحالي، إلى تكثيف الجهود لوقف المعارك والتجاوزات، مهددا بفرض عقوبات محددة.
وقال كيري في بيان: «الرحلة الصعبة على طريق طويل تبدأ الآن والعمل يجب أن يستمر». وحث الزعيمين على «القيام بإجراءات فورية لضمان تطبيق هذا الاتفاق بالكامل، والتزام المجموعات المسلحة في كلا الطرفين بشروط الاتفاق».
وتحدثت البعثة المحلية للأمم المتحدة أول من أمس (الخميس) عن مؤشرات جدية إلى «جرائم ضد الإنسانية» ارتكبها الجانبان، وأحصت فظائع رأت فيها المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس (الجمعة)، «مؤشرات كثيرة لإبادة».
وقالت بيلاي إن على الزعيمين أن «يوقفا القتل قبل أن تأتي النار التي أشعلاها على إحراق البلاد بأسرها».
واعتبرت منظمة العفو الدولية في تقرير أخير لها أنه «كلما طال أمد الخصومات العرقية وتعمقت، تفتت جنوب السودان، مما يجعل من تحقيق المصالحة والسلام أكثر صعوبة».
وقالت وكالة الإغاثة البريطانية أوكسفام، إن الاتفاق «تقدم في محله بعد أشهر من الآمال الضائعة».
وقالت سيسيليا ميلان، رئيسة أوكسفام في جنوب السودان: «المدنيون الذين يعانون في هذا النزاع الدامي بحاجة إلى ثقة كاملة بإمكانية عودتهم إلى ديارهم دون أن يخافوا من العنف».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.