أمانسيو أورتيغا مؤسس «زارا»... ملياردير يقيم الترف بالعمل حتى آخر رمق

غيّر مفهوم الأناقة والموضة ولم يتغير مفهومه للحياة البسيطة

آخر ما تعرضه محلات {زارا} لربيع وصيف 2017
آخر ما تعرضه محلات {زارا} لربيع وصيف 2017
TT

أمانسيو أورتيغا مؤسس «زارا»... ملياردير يقيم الترف بالعمل حتى آخر رمق

آخر ما تعرضه محلات {زارا} لربيع وصيف 2017
آخر ما تعرضه محلات {زارا} لربيع وصيف 2017

أجمل قصص النجاح هي تلك التي تبدأ بقصة بسيطة ومبادرة عصامية، وليس أدل على هذا من قصة أمانسيو أورتيغا في عالم الموضة. فهو لم يحقق النجاح الذي حوله من رجل بسيط إلى ملياردير فحسب، بل أثر في عالم الموضة بشكل لا يمكن تجاهله، لأنه أثر أيضاً على أذواقنا ومنظورنا للأناقة ككل. وصفته كانت ولا تزال مختلفة عن كل ما هو مطروح في الأسواق الشعبية، عبر الاعتماد على فكرة توفير أزياء وإكسسوارات أنيقة بأسعار معقولة ومقدور عليها، من مدريد حتى مانشستر، ومن بوينس آيرس إلى بكين. وحتى كبار المصممين يعترفون بأن ما يطرح في محلاته المترامية في كل أنحاء العالم تقريباً، يتمتع بجودة واهتمام بالتفاصيل كانا مفقودَين سابقاً. فنوعية الأقمشة أفضل، كما أن التصاميم تواكب آخر صيحات الموضة إلى حد أنه من السهل الاعتقاد بأنها من ماركة أغلى بكثير. كل هذا من دون أن يستنسخها بشكل حرفي يدفعهم لمقاضاته أو اتهامه بالتقليد، وجعلت أسماء مرموقة مثل دوقة كمبردج، كيت ميدلتون، وسامانثا كاميرون وغيرهما من أفراد الطبقات المخملية يرتدين قطعاً من «زارا» في عدة مناسبات.
* فمن هو أمانسيو أورتيغا؟
هو رجل يبلغ الآن 80 عاماً، لم يتخرج أو يحصل على شهادة عالية، بل ترك المدرسة في سن الـ13، ومع ذلك نجح ليصل مجمل ثروته إلى نحو 58 مليار جنيه إسترليني. في خضم مشواره، نجح في تحويل مسقط رأسه، مدينة لا كورونيا الإسبانية التي يقدر عدد سكانها بـ240 ألف نسمة واقتصرت شهرتها فيما مضى على صناعتي الأسماك والألمنيوم، إلى عاصمة للموضة والأزياء. فإلى جانب سلسلة متاجر «زارا» يملك أيضاً عدة عقارات في لندن تقدر بـ1.1 مليار جنيه إسترليني، إضافة إلى حصته البالغة 59 في المائة في مجموعة «إنديتيكس»، الشركة الأم لـ«زارا» وأسماء أخرى، مثل «بول آند بير» و«ماسيمو دوتي»، الأمر الذي أدى إلى تصنيفه واحداً من أثرى أثرياء أوروبا. بل تفوق منذ بضعة شهور، لفترة وجيزة، على كل من بيل غيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت»، والمستثمر البارز وارين بفيت، وجيف بيزوز، مالك مؤسسة «أمازون»، كأغنى رجل على وجه الأرض.
وفي ظل التوقعات باستمرار الازدهار الكبير لـ«إنديتيكس»، فإن الملياردير المالك لـ«زارا» سيبقى متربعاً على عرشها طويلاً.
تبدأ فصول القصة عام 1936 عندما ولد أورتيغا في إسبانيا تمزقها حرب أهلية مدمرة. كان والده يعمل في السكك الحديدية، وأرسل للمشاركة في بناء خط سكة حديد في لا كورونيا، حيث استقرت الأسرة في كوخ بجانب خط السكة الحديد، مما جعله يرتج بقوة كلما مر قطار.
عانت الأسرة من فقر مدقع. وقد ذكر في سيرته الذاتية أن «مذلة» مشهد رفض صاحب البقالة تمديد أجل دين والدته كانت تجربة حاسمة في مشوار حياته. عقد بعدها أورتيغا عزمه على المساهمة في تحمل أعباء أسرته، مما دفعه على الفور للانقطاع عن المدرسة والشروع في العمل بمجال صناعة القمصان. كان حينذاك في الـ13 من عمره، لكنه كان على درجة بالغة من الذكاء والاجتهاد جعلته في غضون 4 سنوات فقط يتولى إدارة متجر أكبر للملابس. وهناك، التقى روزاليا ميرا، التي أصبحت زوجته الأولى. ساعدته روزاليا على بدء نشاطه التجاري وبنائه. بحلول ستينات القرن الماضي، اتسعت آفاق أورتيغا، وفي عمر الـ26 استأجر مساحة بأحد الشوارع الخلفية وأسس أول مصنع له لإنتاج الملابس، بالتعاون مع روزاليا وشقيقه أنطونيو. ونظراً لظروف الطقس السيئ بمنطقة غاليسيا وغياب التدفئة عن معظم المنازل، كانت واحدة من الخطوات البارعة المبكرة من جانبه إنتاج فساتين مبطنة أنيقة ومريحة باع منها المئات. بيد أن عبقريته الحقيقية تجلت في إدراكه مميزات السيطرة على جميع جوانب نشاطه التجاري، ففي الوقت الذي كانت فيه هناك شركات أخرى، إما تصنع الملابس أو توزعها أو تبيعها، اضطلع هو بكل بهذه المهمات. بعبارة أخرى لم يعتمد قط على وسطاء، وهو الأمر الذي يتمسك به حتى اليوم. وفي غضون عقد، ارتفع عدد العاملين تحت قيادته إلى 500 موظف، وأصبحت منتجاته تصل إلى مختلف أرجاء إسبانيا.
وشكل اختيار مواقع حيوية لمتاجره عنصراً محورياً من معادلة النجاح بالنسبة له. في عام 1975، افتتح أول منفذ يحمل اسم «زارا»، ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا على ناصية مزدحمة في قلب مدينة لا كورونيا.
صحيح أن سلسلة «زارا» لا تحتاج لأي إعلانات عنها، لكن الحال كان مختلفاً في الأيام الأولى التي كان يسعى خلالها أورتيغا لفعل أي شيء يجذب لها الاهتمام، بما في ذلك وضع ديك صغير في نافذة العرض الخاصة بالمتجر.
أيضاً، استغل الموارد الهائلة المتوفرة في غاليسيا وعلى رأسها العمالة النسائية الماهرة بمجالي التطريز والحياكة، ففي مطلع ثمانينات القرن الماضي، كان هؤلاء النسوة يتكسبن قوتهن بصعوبة من خلال توفير خدمات الحياكة والتطريز للأصدقاء والجيران. وجاء أورتيغا ليفتح لهن أبواب العمل معه على مصراعيها وبرواتب أفضل بالمقارنة، وفي المقابل، حصل هو على يد عاملة محلية توضع تصاميم جديدة وتُنجزها بسرعة فائقة لاختبار مدى تقبل ذوق الجمهور لها داخل أحد المراكز التجارية قبل طرحها في المتاجر الأخرى بسرعة بالغة استجابة للطلب الذي كان يتلقاه. وكما هو متوقع، أسهم ذلك في ازدهار الاقتصاد المحلي.
مجموعة «إنديتيكس» مثلاً أسهمت في الاقتصاد المحلي بـ2.5 مليار يورو (2.16 مليار جنيه إسترليني) عام 2014، علاوة على مساهمتها في خلق نحو 32 ألف فرصة عمل في منطقة غاليسيا وحدها.
ويتردد أيضاً أنه بفضل أداء «زارا» المبهر هذا العام، سيتشارك حوالي 160 ألف شخص من العاملين فيها في علاوات بقيمة 535 مليون جنيه إسترليني. وحتى يومنا هذا ينظر الكثيرون من أبناء غاليسيا إلى أورتيغا كبطل.
بيد أن العنصر المحوري في قصة نجاح «زارا» يكمن في آلاف مديري المتاجر الذين يحرصون على رفع تقارير حول اتجاهات البيع وتعليقات العملاء إلى مقر الشركة الرئيسي.
ونظراً لتمتع «إنديتيكس» بمثل هذه المنظومة الإنتاجية السريعة، فإن باستطاعة الشركة إعادة ملء أرفف متاجرها بقطع تحظى بالشعبية والإقبال قبل الجهات الأخرى المنافسة بأسابيع طويلة.
بالنسبة لأورتيغا، فهو لا يزال يعمل 9 ساعات في اليوم ويتناول طعامه في الكافتيريا المخصصة للعاملين داخل الشركة، رغم أن ثروته تفوق بكثير قدرته على الإنفاق. بيد أن هذا لا يعني أنه زاهد في الترف، فهو يعيش في ضيعة في الريف ويملك يختاً متواضعاً نسبياً يبلغ طوله 100 قدم وطائرة خاصة.
حياته الشخصية لم تكن ناجحة مثل حياته المهنية. فقد أثمر زواجه من روزاليا عن طفلين؛ ساندرا (48 عاماً)، وماركو (45 عاماً). كان أورتيغا يأمل في أن يصبح ابنه وريثاً لإمبراطوريته التجارية، لكن آماله تحطمت بقسوة عندما ولد ماركو مريضاً بالشلل الدماغي. ردة فعل أورتيغا لهذه الصدمة كانت بالانغماس في العمل أكثر، على العكس من روزاليا، التي انخرطت في العمل التطوعي مع من يعانون الشلل الدماغي وإنشاء مؤسسة خيرية لخدمتهم. في هذه الفترة بدأت الهوة بين الزوجين في الاتساع ودخل أورتيغا في علاقة عاطفية مع فلورا بيريز، التي كانت تعمل معه. ورغم محاولات روزاليا إجهاض هذه العلاقة والقضاء عليها بنفي غريمتها إلى فرع «زارا» في منطقة فيغو على بعد 110 أميال من لا كورونيا، فإن محاولاتها لم تنجح. عندما تم الطلاق بينهما، تزوج أورتيغا من فلورا، وأنجب منها ابنتهما مارتا في عام 1984. لأسباب كثيرة أصبحت هذه الأخيرة قرة عينه على حساب أختها غير الشقيقة الأكبر.
واللافت أن نشأة الفتاتين اختلفتا بشدة، فبينما ارتادت ساندرا مدرسة حكومية، أكملت مارتا تعليمها في مدرسة داخلية بسويسرا وتعلمت ركوب الخيل والتزلج على الجليد، قبل أن تدرس إدارة الأعمال في لندن وتعمل متدربة في فرع «زارا» في «أكسفورد ستريت»، الأمر الذي أشعل تكهنات البعض بأن والدها يُحضرها لتولي إدارة الشركة بعده. لكن البعض الآخر يشكك في الأمر بالنظر إلى أنه سبق ونقل مهام إدارة الشؤون اليومية إلى بابلو إيسلا.



اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.