إسرائيل ترفض مفاوضة الأسرى في سجونها

فدوى البرغوثي تواصل اعتصامها لليوم الثاني داخل ضريح عرفات وتطالب بمعلومات عن زوجها

إسرائيل ترفض مفاوضة الأسرى في سجونها
TT

إسرائيل ترفض مفاوضة الأسرى في سجونها

إسرائيل ترفض مفاوضة الأسرى في سجونها

قال عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن إسرائيل ترفض التفاوض مع قيادة الإضراب في السجون الإسرائيلية، وتشترط وقف الإضراب قبل التفاوض، فيما تواصل البطش بالمعتقلين المضربين، وتمارس الضغوطات وسياسة الإذلال والإنهاك والحصار بحقهم، في محاولة لكسر الإضراب.
وجاء حديث قراقع بعد اتصالات خارجية سياسية مكثفة في محاولة للاتفاق على إنهاء الإضراب.
وقال قراقع، إن الجهود الفلسطينية لا تزال مستمرة مع الجانب الإسرائيلي من أجل وقف المأساة الجارية في السجون، وأقر بأن طاقماً فلسطينياً مكلفاً من الرئيس محمود عباس، يواصل العمل على إيجاد حل عادل وسريع لقضية الإضراب.
وبحسب مصادر مطلعة، فثمة تفاؤل فلسطيني بقرب إنجاز اتفاق.
ويعمل كثيرون على إنجاز اتفاق ثم عرضه على قيادة الإضراب، كحل وسط، مقابل إصرار إسرائيل على وقف الإضراب ثم التفاوض، وإصرار الفلسطينيين على التفاوض مع المضربين.
ويواصل نحو 1300 أسير فلسطيني، إضرابهم عن الطعام لليوم الـ37، مطالبين بتحسين ظروف اعتقالهم بما يشمل إنهاء سياسة العزل وسياسة الاعتقال الإداري، إضافة إلى تركيب هاتف عمومي للأسرى، للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق بزيارات ذويهم، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، والسماح بإدخال الكتب والصحف ومشاهدة القنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى.
وقال قراقع إنه «بعد 37 يوماً من الإضراب المتواصل، بدأ الأسرى في (مصارعة الموت)»، مضيفاً أن «الوضع خطير جدا ومأساوي. الأسرى يتعرضون لكارثة جماعية غير مسبوقة على يد حكومة الاحتلال، وأنه إذا حدث أي شيء لأي أسير، فلا أحد يمكنه السيطرة على غضب الشعب الفلسطيني».
من جانبهم، تعهد الأسرى بتصعيد خطواتهم إذا لم تستجب إسرائيل لطلباتهم. وقال عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، المعتقل منذ 35 عاماً في سجون الاحتلال في رسالة مع محاميه، إن الأسرى المضربين عن الطعام ذاهبون نحو تصعيد خطواتهم النّضالية خلال الأيام المقبلة، وعلى رأس هذه الخطوات الامتناع عن شرب الماء والملح.
ويدعم الفلسطينيون بقوة إضراب الأسرى، ويعتصم كثير منهم على مدار الساعة في خيم تضامنية مع الأسرى في المدن الفلسطينية، كما اشتبكوا مع الإسرائيليين عند نقاط التماس، إسناداً لأسراهم.
لكن يعتقد بعض أهالي الأسرى أن ثمة تقصيرا رسميا في متابعة قضية أبنائهم.
واختارت فدوى البرغوثي، زوجة الأسير مروان البرغوثي الذي يعد قائد الإضراب، الاعتصام داخل ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حتى انتهاء إضراب الأسرى، الأمر الذي فسر على أنه رسالة احتجاج ضد السلطة الفلسطينية.
وقالت البرغوثي المعتصمة داخل الضريح منذ الاثنين الماضي، إنها لن تفارق المكان قبل أن ينتصر الأسرى.
ولم تستطع البرغوثي التوصل إلى أي معلومة عن زوجها منذ نحو أسبوعين. وطالبت هيئة شؤون الأسرى أمس، من الصليب الأحمر، الكشف عن مصير البرغوثي بعد 10 أيام من عدم القدرة على معرفة أي أخبار حوله. وقالت الهيئة إن هذا الوضع يثير الكثير من القلق.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل البرغوثي بعد أيام من بدء الإضراب، وتعهد بتقديم كل ما يستطيع.
والتقى عباس الاثنين في بيت لحم، عائلات أسرى مضربين، وقال لهم إنه يضغط بكل قوة من أجل اتفاق قريب.
ووجهت الحكومة الفلسطينية أمس: «التحية إلى أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته، الذين يرسمون في معركة الكرامة والحرية أروع وأنبل صور الشجاعة والتضحية، ويسطرون فصول ملحمة الحريّة في الدفاع عن الحق والعدل وعن حرية الإنسان وكرامته».
وأعربت الحكومة عن استهجانها «لصمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والصحية والإنسانية الدولية، التي لم ترتق في تحركها إلى مستوى المخاطر التي تتهدد حياة أسرانا الأبطال، وقد دخلوا في معركة الصمود والتحدي شهرهم الثاني».
وجدد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، دعوته للمجتمع الدولي وقواه المؤثرة، وخاصة الأمم المتحدة، والمؤسسات الحقوقية «للتحرك الفوري والعاجل لإنقاذ حياة الأسرى، وإلزام إسرائيل بالاستجابة لمطالبهم العادلة في الحصول على الحد الأدنى من الحقوق الطبيعية والإنسانية التي كفلتها الأعراف والمواثيق الدولية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
وحمّل «الحمد الله» الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن سلامة الأسرى، قائلا إن «حكومة إسرائيل تتحمل المسؤولية بشكل مباشر عن سلامة أبنائنا في سجون الاحتلال، وهذا الملف يجب أن يغلق، ولن يغلق إلا بالإفراج عن جميع الأسرى من سجون الاحتلال، فحريتهم جزء لا يتجزأ من حرية الوطن والشعب». وأضاف: «إن شعبنا الفلسطيني موحد خلف الأسرى ومطالبهم العادلة، وعلينا التمسك بحقوقنا كافة، وفي المقدمة منها الحق في العيش أحرارا كراماً أعزاء في كنف دولة فلسطين المستقلة وقد رحل عنها الاحتلال بظلمه وطغيانه». ودعا الحمد الله، الفلسطينيين، إلى مزيد من التضامن والتعبير بشكل يومي ومتواصل مع أسرانا، إلى أن تصل هذه الرسالة إلى كل أحرار العالم الذين نقدر دورهم وتضامنهم مع أسرانا الأبطال ومع حقوق شعبنا وعدالة قضيتنا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم