«الكورونا» يتسع جغرافيا بتسجيل لبنان أول إصابة وحالتان بالأردن وخمسة متوفين في السعودية

منظمة الصحة العالمية تجتمع لبحث تداعيات الفيروس الثلاثاء

«الكورونا» يتسع جغرافيا بتسجيل لبنان أول إصابة وحالتان بالأردن وخمسة متوفين في السعودية
TT

«الكورونا» يتسع جغرافيا بتسجيل لبنان أول إصابة وحالتان بالأردن وخمسة متوفين في السعودية

«الكورونا» يتسع جغرافيا بتسجيل لبنان أول إصابة وحالتان بالأردن وخمسة متوفين في السعودية

اتسع النطاق الجغرافي لفيروس «كورونا»، المسبب لـ«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية»، إذ رصدت لبنان أول حالة لمواطن قادم من الخليج، في حين أعلنت السلطات الصحية الأردنية أول من أمس رصد حالتين جديدتين، في حين أعلنت وزارة الصحة السعودية أمس تسجيل 14 حالة جديدة، توفي منها خمسة مصابين، وذلك في الرياض وجدة والمدينة المنورة والطائف.
ويرتفع عدد المصابين بالفيروس في السعودية إلى 463 حالة توفي منهم 126 مصابا ومصابة، منذ سبتمبر (أيلول) 2012.
وذلك بعد إعلان وزارة الصحة الإصابات في مدن «الرياض، وجدة، ومكة المكرمة، والأحساء، والمدينة المنورة، وأبها، والطائف، وسكاكا، ونجران، وحفر الباطن، وتبوك، والقصيم، ووادي الدواسر».
في حين يرتفع إجمالي المصابين في العالم إلى 546 حالة توفي منها 146.
وسجلت مدن «لندن، والدوحة، وأبوظبي، ودبي، وعمّان، والزرقاء، والكويت، وباريس، والشارقة، وأثينا، وروما، والقاهرة، وبيروت، وصنعاء، وولاية إنديانا (الولايات المتحدة)، وصنعاء، وميونيخ، وتونس، وكوالالمبور، والدخيلية (سلطنة عمان)، ومسقط». إصابات بالفيروس، طبقا لموقع (coronamap.com) المتخصص في رصد حالات الكورونا في العالم. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها ستعقد اجتماعا طارئا يوم الثلاثاء المقبل حول تداعيات الفيروس.
وقال طارق يساريفيتش وهو أحد المتحدثين باسم المنظمة «ستعقد لجنة الطوارئ اجتماعا حول فيروس كورونا.. اللجنة اجتمعت أربع مرات حتى الآن آخرها كان في ديسمبر (كانون الأول) منذ بدء انتشار المرض، وقررت عندها اللقاء مجددا».
يشار إلى أن وزارة الصحة السعودية دعت إلى تعاون خمس شركات لإنتاج الأدوية لإيجاد لقاح ضد الفيروس.
وكانت دراسة نشرت نهاية فبراير (شباط) الماضي في الولايات المتحدة، وأخرى قبل أيام في فيينا، أن الجمال تعد ناقلة للفيروس.
وقال الدكتور محسن الحازمي رئيس اللجنة الصحية بمجلس الشورى السعودي إن الفيروس لا يزال مجهولا، وإن الدراسات التي تجريها الفرق الدولية التي تزور السعودية بشكل دائم تؤكد شدة غموضه.
لكنه في الوقت نفسه يعد الفيروس ليس مقلقا بدرجة كبيرة، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية لم تصدر إجراءات معينة أو تعليمات تتعلق باعتباره وباء أو شديد الخطورة.
وبالعودة إلى بيروت، أعلن وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور، أنّ الشخص المصاب كان قيد المعالجة في أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية، في حين أكد مصدر طبي لبناني تماثل المصاب إلى الشفاء. وكشفت وزارة الصحة اللبنانية عن هذه الحالة «من منطلق الشفافية تجاه الرأي العام والمسؤولية والحرص على سلامة وصحة اللبنانيين»، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتب أبو فاعور، مشيرا إلى أنّ الوزارة بادرت إزاء ذلك إلى التأكد من تدابير السلامة التي اتخذها المستشفى حيث عولج المريض، واتباعها الأصول العلمية في العلاج والوقاية، وهو الأمر الذي أدى إلى تحسن صحّته بما سمح له بمغادرة المستشفى.
وقال وليد العمار مدير عام وزارة الصحة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن الرصد كان يجري منذ أكثر من ستّة أشهر، إزاء الحالات المشتبه بها في مستشفيات لبنان، كما أجريت فحوص على مئات الأشخاص المصابين بالتهابات رئوية، معظمهم كانوا في الخليج، لافتا إلى أنّ المريض الذي اكتشفت حالته في بيروت، لبناني عائد من دولة خليجية، وأنه امتثل للشفاء وهو يرتاح في منزله الآن.
وأضاف: «لم نضع أي قيد على السفر من وإلى دول الخليج، وتحديدا السعودية، حيث سجّل فيها أكبر عدد من الحالات المصابة، لافتا إلى أن قرار السفر متروك للمواطنين ولهم حريّة اتخاذه في هذا الشأن. ولم يصدر عن منظمة الصحة العالمية أي تحذيرات تتعلق بحظر السفر، أو أي اشتراطات صحية مرافقة للحج والعمرة، ورغم أن الفيروس بدأ في الظهور منذ عام 2012. فإن موسمي الحج الماضيين لم يتأثرا إطلاقا وفقا لإعلانات السلطات الصحية السعودية.
وأشار العمّار إلى أنه ووفق «نظام الترصّد الوبائي القوي» في الوزارة، يتم التنسيق مع المستشفيات التي خضع عاملوها للتدريب لا سيّما أنهم من أكثر الأشخاص المعرضين للإصابة بـ«فيروس» كهذا، مشيرا إلى أن الإجراءات المتبّعة أثبتت فعاليتها وسيستكمل بها في المرحلة المقبلة.
وكانت وزارة الصحة قد أكّدت أنّها تتابع التحقيقات الوبائية وعمليات الترصد، للتأكد من عدم تفشي هذا الوباء في لبنان، وحثّت الجسم الطبي والتمريضي والمؤسسات الصحية على عدم التهاون إطلاقا في اتخاذ أقصى التدابير الوقائية، وإبلاغ برنامج الترصد الوبائي عن أي حالة مشتبه بها لمتابعتها.
وفي مطار رفيق الحريري ببيروت، أعيد تشغيل «كاميرات المراقبة الحرارية» لرصد صحّة المسافرين، وذلك احترازا من وفود مصابين آخرين، وأشار العمار إلى أن الوزارة تعمل على توعية المسافرين من خلال توزيع عليهم إرشادات حول طرق الحماية من الفيروس، إضافة إلى توزيع استمارات تتضمّن العنوان ورقم الهاتف لمتابعة حالة المرضى الصحية، لا سيّما إذا كانوا قادمين من بلدان تعاني من انتشار المرض.
ودعت وزارة الصحة المواطنين إلى عدم الخوف، واتخاذ التدابير المعتادة للوقاية من الأمراض التنفسية، وأوضحت أنّ الحالات التي سُجلت في بعض دول العالم، وكان مصدرها دول الخليج العربي، لم تؤد إلى انتشار الوباء في هذه الدول.
ووفق «منظمة الصحة العالمية» فإن الأعراض الشائعة لفيروس «كورونا» المعدي، هي الاعتلال التنفسي الحاد المصحوب بالحمى والسعال وصعوبة التنفس، وقد تصل إلى التهاب رئوي. وقد يصاب المريض، وفق المنظمة، بأمراض في المعدة والأمعاء، بما في ذلك الإسهال. مشيرة إلى أن بعض المرضى أصيبوا بالفشل الكلوي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».