عادل السيوي يعيد «عالم الحيوان» إلى فانتازيا الصورة

في معرض حاشد توزع على ثلاث قاعات بالقاهرة

حيوانات ترتدي أربطة عنق وبدلات أنيقة -  الكاتب الراحل إبراهيم أصلان في حضرة المعرض
حيوانات ترتدي أربطة عنق وبدلات أنيقة - الكاتب الراحل إبراهيم أصلان في حضرة المعرض
TT

عادل السيوي يعيد «عالم الحيوان» إلى فانتازيا الصورة

حيوانات ترتدي أربطة عنق وبدلات أنيقة -  الكاتب الراحل إبراهيم أصلان في حضرة المعرض
حيوانات ترتدي أربطة عنق وبدلات أنيقة - الكاتب الراحل إبراهيم أصلان في حضرة المعرض

«الفن لعب وطفولة أيضا»، تبرز هذه العبارة بقوة، وتشكل مدخلا حميميا لتأمل معرض الفنان عادل السيوي «في حضرة الحيوان»، حيث تفاجئك حيوانات ترتدي أربطة عنق وبدلات أنيقة، تدخن، وتحمل باقات من الورد، وتجلس على الشاطئ تقرأ الكتب، وكأنها تفكر في مصير الوجود الإنساني المحفوف بالكوارث والمآسي.
فبمتعة بصرية رائقة، يثير السيوي العلاقة الأزلية بين الحيوان والإنسان، ناكشا في جذور الوصل والقطع بينهما من منظور تشكيلي جديد ومغاير. وهي العلاقة التي استغرقه التقليب والنبش في طبقاتها 6 سنوات من العمل الدءوب، حتى استوت صورتها في هذا المعرض، الذي افتتح يوم 27 أبريل (نيسان) الماضي ويستمر حتى 31 مايو (أيار) الحالي، محتشدا بـ270 لوحة متنوعة الأحجام موزعة على ثلاث قاعات عرض: قاعة «المشربية جاليري» وقاعة أخرى تابعة لها، إضافة إلى مرسم الفنان، وكلها أماكن متجاورة بمنطقة وسط البلد بالعاصمة القاهرة.
استعاد السيوي في رحلة مشهده التشكيلي الحاشد، الدسم، فطرية وبداهة الأشياء، وزمن الطفولة، حيث اللعب الحر مع الطبيعة وبراحها الواسع اللامترامي، المتعدد الرؤى والتفاصيل، المفتوح بحيوية على طزاجة الحواس والخيال وعالم الأساطير والخرافات الشعبية، العالم الذي يقف دائما على حافة الحكاية، ويمنح الحلم طاقة ما فوق الواقع، ليعيد إنتاجه وتمثله بصورة جمالية، كثيرا ما تبدو أكثر واقعية من الواقع نفسه. ففي عين الطفل وخياله قد تبدو الشجرة حيوانا، والحيوان شجرة، كما يمكن أن يتحول الإنسان إلى طائر، ما يعني أن ثمة شبكة من الأزمنة المختلطة والأدوار المتداخلة، تشد بعضها للآخر. ناهيك عن أن حِيل وطرائق الإنسان البدائية البسيطة للسيطرة على الطبيعة بكائناتها وقواها الشريرة، لم تنفصل عن شهوة الفن، فلا تزال طقوسها وأشكالها من قنص وصيد ومطاردة، وغيرها، مغوية لعين الفنان.
على هذه الخلفية يبني السيوي فضاءات عالمه في هذا المعرض مستفيدا من رحلته مع الوجه الإنساني على مدار سنوات في معارضه السابقة: من الإمساك به في تعبيرات وملامح خاصة دقيقة ومكثفة، وتحويله إلى قناع لموضوع أو فكرة متعددة الدلالة فنيا وفكريا، ثم مراودته وكأنه مرآة تنعكس عليها صبوات الفنان وأحلامه، خاصة في مراحل تشكل نضجه ووعيه بالعالم والأشياء من حوله، وهو ما عبر عنه بشكل لافت في معرض لعب فيه بصريا على وجوه كوكبة من الفنانين أمثال: شادية، وعبد الحليم حافظ، وإسماعيل ياسين، وعبد السلام النابلسي، وسعاد حسني، وتحية كاريوكا، وغيرهم. مجسدا من خلاله محاولة خصبة لتحريك مياه الزمن في نسيج الصورة، التي لعبت دورا مهما في تشكيل الوجدان العام في ستينات وسبعينات القرن الماضي، ولا تزال تشكل محورا حيا لإمكانية تكامل الوجود الإنساني في الفن والواقع معا.
في «حضرة الحيوان» ينطلق السيوي نظريا من فكرة ذات معزى فلسفي، فحواها أن في كل إنسان حيوانا كامنا في داخله، وأن من مهام الفن أن يوقظ هذا الحيوان في اللوحة، يستثيره ويتحاور معه باللون والفراغ والضوء، حتى يخرج للوجود الواقعي متخلصا من حواجز الفراغ النمطي للصورة، ويندغم في فراغ أكثر اتساعا، في نسيج حياة تضج بالرؤى والمشاعر والانفعالات والعواطف والأفكار، الصاخبة، المتقلبة في اتجاهات شتي، قد تصل أحيانا إلى كوارث جمة، أو إلى اللاشيء.
تكسر أغلب لوحات المعرض هذه النمطية من زاويتين مهمتين، طارحة في الأولى فكرة التماهي بين الإنسان والحيوان، فكلاهما يستقي من الآخر مظهر وجوده، في الضعف والقوة، في الوحشة والخوف والشعور بالأمان، في الحكمة وتأمل مغزى الوجود وخرافة أن تكون أو لا تكون... إنها حالة مكثفة من الفانتازيا الإنسانية، مسكونة بألفة الغرابة، وحميمة الأسئلة البسيطة التي تلامس العين بشكل عابر ومفاجئ أحيانا.
في الزاوية الثانية تتكثف كل هذه الهموم بصريا، في لغة تشكيلية سلسلة تتدفق في اللوحات كأنهار صغيرة، جامعة في تقنياتها اللونية صنوفا شتي من الألوان وتوليفات من الأحبار والأصباغ تتقلب ما بين الألوان البسيطة والخفيفة والساخنة في تدرجات من الأزرق والأخضر والأصفر الذهبي، والبني بمشتاقة المشبوبة بالخفة والثقل، والرمادي المشرّب بنثارات من الأبيض والأسود. ما يعني مقدرة على إثراء الخامة وتطويعها فنيا، لتكتسب ملمسا خاصا في اللوحة.
ينعكس كل هذا على طبيعة تكوين الأشكال والشخوص في اللوحات، فأحيانا توجد على أسطح بسيطة، وفي مساحات لونية صريحة، ما يجعل حضورها شاخصا، يشع بنبضه على عين المشاهد، وأحيانا تتحرك على أسطح مركبة، تتجاور في سلسلة من التكوينات المتتابعة، فيلعب في إحدى اللوحات على مفردة الثور، مجسدا انفعالاته، الساكنة والغاضبة والمتحدية والمتوحشة، في تراسلات بصرية ولونية خاطفة، عبر مجموعة متراصة من اللوحات الصغيرة، تشكل فيما بينها جدارية تصويرية شديدة الثراء البصري والجمالي. بينما في لوحة أخرى يحتفي بالحمار، ليس كرمز للصبر والجلد والتحمل فحسب، وإنما كقيمة بناءة في حضارة الإنسان. فيرسمه منفردا على خلفية شاسعة، تحت أقدامه أرض مكتسية بالزهور، وخلفه سماء زرقاء لا تحد مزخرفة بعلامات داكنة الزرقة، من التوريقات النباتية وهياكل من ظلال الطيور والفراشات، بينما في الأعلى، قرب خط الأفق، نلمح حمارا صغيرا مجنحا يشبه الملاك، يشق عنان السماء، وكأنه ترنيمة لشقيقه القابع أسفل اللوحة.
يبتكر السيوي حلولا بصرية تصل إلى حد الإدهاش في كثير من لوحات المعرض، يوسع بها فضاء التعبير عن هذه العلاقة الأزلية، لتزداد التصاقا بسقف حياتنا، ولا نتأملها فقط في إطار من الفانتازيا أو لطشات السريالية العابرة أو الإسقاطات السياسية المحددة، وإنما لنعيد في ظللاها تفسير وتأويل مجريات هذه الحياة بقوة الخيال والبصيرة، بروح الفن، باعتباره وعاء الوجود الأشمل والأعمق.
في صدارة هذه الحلول يبرز اللعب على الضوء كطاقة نور تشع من نسيج الألوان، وتتصاعد حتى تغمر اللوحة كلها، كما حرر أسلوبه الخطي من نمطية الاتزان الصارمة، فأصبح الخط حرا في بناء الشكل وهدمه وتحويره، بضربات الفرشاة المرتجلة أو بحواف طبقات الألوان، في رهافتها وسمكها، وهو ما برز في رسمه على نحو خاص للثور، وشخوصه الكبيرة الحجم، حيث حافظ بحساسية الخط واللون على الصفة التشريحية للصورة، فلم تبتعد كثيرا عن الواقع، أيضا احتفي بالأسلوب الزخرفي - رغم بعض المبالغة أحيانا - في معالجة الخلفية، وخلق علائق عضوية له في نسيج التكوين، فلم يقتصر هذا الأسلوب في كثير من اللوحات على شغل فراغ الخلفية، بل امتد إلى قوام الرسم نفسه، محققا نوعا من الاندماج والحيوية بين الصورة والخلفية، فبدت التكوينات منسجمة وواضحة في انفعالاتها الداخلية وتفاصيلها الفنية.
أيضا رفد السيوي هذه الخلفية بغلالات ذات مسحة تراثية وأسطورية، ليوسع عمق مشهده التشكيلي، فاستعار رمزية القرد، والطائر «أبو قردان» من عباءة الحضارة المصرية القديمة وكلها لها دلالات ورموز فرعونية مقدسة. ورسم الزواحف والحشرات في تشكيلات فنية، وكأنها لآلئ تشع في أطياف قزحية، كما نوع مدارات شخوصه المحببة، فاقتنص صورة المفكر الراحل إدوارد سعيد وهو يرسم طائرا، بينما تهدر أصوات البحر في الخلفية، ورسم الكاتب الراحل إبراهيم أصلان، وعلى سبابته يقف (أبو قردان) في إشارة إلى روايته أصلان «مالك الحزين»، وهو أحد أسماء أبو قردان.
كما نجد نوعا من التناص البصري الشفيف، مع مناخات من عوالم «خوان ميرو» و«فان جوخ»، ما يشي ضمنيا بشكل من أشكال المعارضة البصرية اللطيفة، تعكس في الوقت نفسه، نوعا من التحدي، خصوصا في التعامل مع كلاسيكيات الصورة. فعلى غرار لوحة «الحذاء» الشهيرة لفان جوخ يرسم السيوي مجموعة من الأحذية لها السمت الفني نفسه، لكن يصبغ عليها روحه الخاصة، فيشغل الفضاء بمجموعة من الفراشات الملونة الخلفية، والبقع اللونية الحفيفة التي تشبه قطرات المطر والدموع، على عكس فضاء لوحة فان جوخ الذي يعطي إحساسا بالجهامة، وصلابة الجاذبية الأرضية.
تحية لعادل السيوي، ومعرضه الممتع الشيق، الذي يؤكد أن الفن ينبع أيضا من فتات حياتنا وأحلامنا، وأن المغامرة والوحشة بكل أطيافهما الإنسانية سيظلان حيوان الصورة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.