الأوبرا السلطانية العمانية تعلن عن برنامج فني غني لموسمها الجديد

تفتتحه برائعة تشايكوفسكي «بحيرة البجع» وتتطلع إلى عروض استثنائية

مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي
مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي
TT

الأوبرا السلطانية العمانية تعلن عن برنامج فني غني لموسمها الجديد

مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي
مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي

أعلنت دار الأوبرا السلطانية في مسقط عن برنامجها لعروض موسم 2017 - 2018، الفنية، وتشمل عروض أوبرا، وباليه، ومسرحيات غنائية، وحفلات موسيقية، وحفلات جاز، وبرامج للتثقيف والتواصل المجتمعي. وجاء في بيان صادر عن الدار، أن موسمها السابع، الذي يعقب احتفالها بالذكرى السادسة لتأسيسها، يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 المقبل، سوف يبدأ بعرض تشكيلة واسعة متنوعة وثرية من الإنتاج الفني عالي المستوى في مختلف المجالات.
يبدأ موسم دار الأوبرا السلطانية الجديد، في 14 سبتمبر (أيلول) 2017 المقبل، مستهلا عروضه برائعة جوزيبي فيردي وتحفته الخالدة، أوبرا «عايدة»، التي تدور أحداثها في مصر القديمة، وستقدمها نخبة من الفنانين العالميين في إنتاج مميز لمسرح «ريجيو» في تورينو. كما يضم برنامج عروض الموسم الحالي، عملين دراميين رومانسيين كبيرين، يغوصان في أعماق المشاعر الإنسانية، هما أوبرا «المهرج» التي كتبها روجيرو ليونكافاللو في أواخر القرن التاسع عشر، ويقدمها مسرح دار أوبرا روما للمخرج المسرحي العالمي المبدع فرانكو زفيريللي.
كما تقدم دار الأوبرا أوبرا «نورما» لفينشينزو بيلليني، وهي تحفة رائعة من قائمة أعمال البل كانتو، تحكي قصة الكاهنة حارسة المعبد وحبها المشؤوم للفاتح الروماني. و«تحمل هذه الأوبرا أهمية خاصة نظرًا لأنها إنتاج مشترك بين دار الأوبرا السلطانية مسقط وأوبرا (روان). ويمثل هذا العرض إنجازًا مهما في تاريخ الدار التي تواصل سيرها على الدرب الذي رسمته لنفسها بوضوح، لتصبح مسرحًا بكل ما تحمل الكلمة من معنى يعرض إنتاجاته الخاصة إلى جانب استضافة إنتاجات من الخارج».
وقد حرصت دار الأوبرا السلطانية مسقط، على إحياء الذكرى العاشرة لوفاة واحد من أعظم المطربين على مر العصور، وهو الفنان الأسطوري والتينور العظيم، لوتشيانو بافاروتي، والاحتفاء به في حفل تكريمي، بالإضافة إلى إقامة معرض يضم أثمن مقتنياته ويستمر من 14 ديسمبر (كانون الأول) 2017 وحتى 6 يناير (كانون الثاني) 2018. يحيي الحفل أربعة مطربين يتلقون الدعوات باستمرار للغناء على أشهر المسارح حول العالم؛ وهم سومي جو، وفيورينزا شيدولينز، وفرانشيسكو ميلي، ومارتشيللو جورداني. نعدكم بحفل ممتع يشبع الحواس ويسمو بالروح إلى عوالم جديدة. ومن النجوم الذين سيقفون على مسرح دار الأوبرا السلطانية خلال الموسم الحالي، أسطورة الروك السير كليف ريتشارد، الذي باع أكثر من 250 مليون أسطوانة حول العالم خلال العقود الخمسة الأخيرة، وأسطورة الجاز الحية ديانا ريفز، التي فازت بخمس جوائز «غرامي»، ووصفتها صحيفة «نيويورك تايمز» بأنها «أكثر مطربة جاز محبوبة بعد سارا فون، وإيلا فيتزجيرالد، وبيلي هوليداي»، بالإضافة إلى آخرين.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن برنامج الدار، تسعة إنتاجات عربية وعُمانية، حيث تدعو الدار، مجموعة من أساطير الغناء المعاصرين، على غرار سامي يوسف، الذي وصفته صحيفة «الغارديان» بأنه «أشهر نجم بريطاني في الشرق الأوسط»، ولطفي بوشناق الذي سيغني مع المطرب المصري المعروف محمد ثروت.
كما سيقدم النجم العُماني صلاح الزدجالي مجموعة من أغانيه الرائجة، ويقدم المصري مدحت صالح بعضا من أغانيه الرومانسية الشهيرة، إلى جانب تشكيلة من أغاني المطرب الأسطوري الراحل عبد الحليم حافظ مثل أغنيات «أهواك» و«التوبة» وغيرها. وسيقدم ماجد المهندس عدداً من الأغاني من ألبوماته مثل «اذكريني»، و«واحشني موت». وفي الكلاسيكيات العربية، سيقدم الفنان علي الحجار، المتخصص في المقامات والإيقاعات الكلاسيكية، والفنانة اللبنانية المشهورة جاهدة وهبة فقرات جميلة. وقد اختارت دار الأوبرا السلطانية مسقط باليه «بحيرة البجع»، لافتتاح عروضها الراقصة لهذا الموسم. كما وتدخل ولأول مرة، عالم الباليه التجريبي بتقديم باليه «سندريلا» المعروف من منظور مختلف.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».