«ألوان من حمص» في معرض تشكيلي بإسطنبول

جانب من معرض «ألوان من حمص»
جانب من معرض «ألوان من حمص»
TT

«ألوان من حمص» في معرض تشكيلي بإسطنبول

جانب من معرض «ألوان من حمص»
جانب من معرض «ألوان من حمص»

«حمص، المدينة التي اشتهرت بأنها أمّ الحجار السود، أعطت للإبداع التشكيلي السوري - العربي، حركة متدفقة من الألوان، جعلها أمّ أقواس قزح. رسّامون مرّوا على شتى المذاهب الفنية والرؤى، فكانت أعينهم في المدينة، وخيالاتهم تتجول في العالم كله، فاستطاعوا بذلك تقديم خطاب تشكيلي يحاور الإنسان أينما كان. حمص هذه تتأمل عودة مبدعيها ليعيدوا بناء جدرانها المتهدمة بأحجار ألوانهم»، هكذا قدّم الشاعر السوري الحمصي محمد علاء الدين عبد المولى معرض «ألوان من حمص» الذي تستضيفه صالة «كلمات - إسطنبول»، بمشاركة 12 فناناً تشكيلياً حمصياً.
المعرض الذي ضم أكثر من 30 عملاً يهدف إلى تعريف الجمهور غير العربي بمدينة حمص من خلال التعريف بفنانيها الذين باعدت بينهم الحرب، فمنهم من بقي ومنهم من حط رحاله في بلاد اللجوء. وأيضاً تعريف الأجيال السورية الجديدة التي تنشأ في بلاد اللجوء بمدينتهم وثقافتها ومثقفيها.
وتقول منسقة المعرض نشوى حمدون إن فكرة المعرض انطلقت «من الإحساس بأهمية التعريف بأنفسنا كسوريين في مجتمعات اللجوء، والتعريف بالمدن السورية والحياة الاجتماعية الفنية والثقافية، تلك الجوانب التي تطمسها أخبار الحرب والألم والقهر، وأيضاً ضرورة أن نذكر أبناءنا الذين يكبرون في الغربة بمدنهم الأصلية وثقافتها وعاداتها وتقاليدها، كي لا ننسى أصولنا، واخترنا الفن التشكيلي ليكون وسيلتنا إلى ذلك، كونه الأسرع في لغة التواصل ولا يحتاج إلى ترجمة، وأيضاً كون الحركة الفنية معبراً مهماً عن هوية وتراث أهلها واتجاهاتهم الفكرية، خصوصاً أن معظم أعمال ومحترفات الفنانين في حمص تعرضت للتدمير والسرقة، فبدا لنا إقامة معرض فني هو الحفاظ على ما تبقى، مما أكسب عملنا طابع الواجب الثقافي الذي تمليه علينا المسؤولية تجاه أبنائنا وليس لدينا ما هو أعز من ثقافتنا وفننا وإبداعنا لكي نحفظه لهم بعد أن فقدوا وطنهم».
وتعبر نشوى حمدون عن أسفها الكبير لجهل الغرب بالسوريين وثقافتهم، إذ لا يرون فيهم اليوم سوى ضحايا ولاجئين فارين من الجحيم. ومع أنها ترى أن مبادرة إقامة معرض لفناني حمص في إسطنبول تأخرت كثيراً، فإنها أفضل من ألا تأتي أبداً، آملة أن تكلل هذه الخطوة بالنجاح وتلقى الرواج اللازم لتكون هناك خطوات أخرى مماثلة تغطي الحركة الثقافية بين أبناء كل المناطق السورية، لأن في سوريا مواهب وإبداعات تبارز الإبداعات العالمية، ومن الواجب تقديمها والتعريف بها.
أما لماذا تم اختيار حمص دون غيرها من المدن السورية، تقول نشوى حمدون: «حمص مدينة غنية ثقافياً وتاريخياً، لكنها تعرضت على الدوام للتهميش وظلت متوارية تحت ظل المدن السورية الأكبر، العاصمة السياسية دمشق والعاصمة الاقتصادية حلب، وبالتالي لم ينل مبدعو حمص ما يستحقونه من اهتمام، ولم يكن في حمص صالات عرض تشكيلي كبرى على غرار صالات دمشق وحلب، لكن ذلك لم يمنع ظهور قامات ثقافية وفنية حمصية متميزة على المستوى السوري والعربي وحتى العالمي، وهؤلاء يستحقون اليوم الاجتماع في إسطنبول كواحدة من أهم المدن التاريخية التي لها مكانة خاصة لدى العرب والمسلمين، إلى جانب كونها حاضنة الفنون التي توجد فيها أكبر جالية سورية». وقد لاقت الفكرة ترحيباً ودعماً من مركز «أناضولو» الثقافي (Anadolu Kültür).
وعن التحضير للمعرض، تقول منسقته إن الفكرة استغرقت 6 أشهر لتتحقق على الأرض، حيث سعت للتواصل مع من تعرفهم من الفنانين من أبناء مدينتها حمص في الداخل والخارج بشتى وسائل الاتصال، حتى تمكنت من جمع أعمالهم في معرض فني «غير ربحي يهدف إلى التعريف بالحركة الفنية في مدينة حمص».
وتضيف: «معظم الفنانين تربطها بهم صلة شخصية، فهم إما أساتذة تعلمت على أيديهم وإما أصدقاء كانوا يوماً يتحركون ويمارسون نشاطهم الفني والثقافي والأكاديمي في فضاء مدينة حمص»، مشيرة إلى أن الفضل في إقامة هذا المعرض لإعادة التواصل الفني يعود لصالة «كلمات - إسطنبول» التي استضافت المعرض وشاركت بمقتنياتها من أعمال فناني حمص.
معرض «ألوان من حمص» الذي افتتح السبت الماضي في مدينة إسطنبول، سيعاد عرض لوحاته ضمن تظاهرة «صدى من حمص» التي ستقام على مدى شهر يوليو (تموز) المقبل في صالة «Depo» في إسطنبول أيضاً. وتتضمن التظاهرة معرضاً تشكيلياً إلى جانب تقديم معرض عن تاريخ العمارة ومقتطفات من نصوص أدبية لكتاب من حمص إلى جانب أنشطة فنية وثقافية أخرى متعددة تغطي الحركة الثقافية عموماً لدى أبناء مدينة حمص، على أن يتم نقل التجربة إلى صالات عدة أخرى في مدن تركية وأوروبية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».