«دار الهلال» المصرية تدشن سوراً للكتب

لإتاحة فرصة القراءة للجميع

وزير الثقافة خلال كلمته بسور «دار الهلال» الثقافي
وزير الثقافة خلال كلمته بسور «دار الهلال» الثقافي
TT

«دار الهلال» المصرية تدشن سوراً للكتب

وزير الثقافة خلال كلمته بسور «دار الهلال» الثقافي
وزير الثقافة خلال كلمته بسور «دار الهلال» الثقافي

على غرار سور الأزبكية الشهير، دشنت «دار الهلال» سورا للكتب على سياج مبناها العتيق بمنطقة السيدة زينب بوسط القاهرة. افتتحه حلمي النمنم وزير الثقافة المصري أول من أمس، في مظاهرة ثقافية شارك فيها كوكبة من الكتاب والمثقفين والعاملين بالدار.
يحوي السور عددا كبير من أمهات الكتب وبعض الكتب النادرة، بالإضافة لكتب دار الهلال وإبداعات شباب المؤلفين، بجانب إصدارات دار الهلال منذ نشأتها. ويهدف «سور الهلال الثقافي» إلى خلق مناخ للمعرفة وإتاحة الفرصة للجميع، باقتناء أفضل الكتب بأسعار رمزية.
الدار من جانبها قدمت مجهودات كبيرة لإثراء السوق التي تقام بطريقة تنظيمية رائعة، وجاء افتتاحه بالتزامن مع احتفالات «دار الهلال» بمرور 125 عاما على إنشائها.
وتعد «دار الهلال» أقدم مؤسسة ثقافية صحافية مصرية وعربية، حيث تأسست عام 1892 على يد جورجي زيدان في مصر. ويصدر عن الدار كثير من الإصدارات والمجلات والكتب والروايات والكتب الطبية. كما تعتبر مجلة «المصور» من أقدم المجلات التي أصدرتها الدار، حيث جاء صدور عددها الأول في عام 1924، وواكب ذلك مجموعة من الأحداث في مصر والعالم العربي سجلتها المجلة وتابعتها بالكلمة والصورة بشكل أكسبها شعبية واضحة بين القراء، وقد تولى رئاسة تحريرها عدد من رواد الإعلام في مصر.
وأكد وزير الثقافة أن افتتاح «سور الهلال الثقافي» يعد لحظة مهمة وسعيدة للحركة الثقافية في مصر، وأن دار الهلال التي أنشأت عام 1892 وعلى مدار 125 عاما، كانت وما زالت مدرسة من مدارس الوطن، تؤكد على عروبة مصر ودورها في المنطقة، إلى جانب أنها كانت مدرسة الاستنارة في وقت أن كانت مصر تحت السلطنة العثمانية أو الاحتلال أو بعد قيام الجمهورية. مضيفا في كلمته خلال افتتاح السور الثقافي، أن «دار الهلال» مؤسسة عريقة، ومدرسة من مدارس الوطنية، التي تؤكد على الطابع العروبي لمصر، ومنارة للعلم.
وأضاف الوزير أنه ليس غريبا أن تكون كل الأسماء الكبيرة في الثقافة العربية قد عبرت من خلال مؤسسة «دار الهلال»، وأن المؤسسة كانت ولا تزال جامعة لمصر الوطنية والعروبة المنفتحة على العالم.
من جانبه، قال الكاتب الصحافي غالي محمد رئيس مجلس إدارة «دار الهلال»، إن الأعمال المطروحة في سور «دار الهلال الثقافي» تعكس التاريخ المصري بكل حقبه المتوالية. مضيفا أن السور يحوي كثيرا من الإصدارات النادرة التي قد يراها القارئ لأول مرة، لافتا إلى أن «هذه السوق تعد الأهم بعد معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يُقام بشكل سنوي». داعيا إلى ضرورة تبني الجهات المعنية في مصر استمرار السور، ليؤدي رسالة تنويرية تسهم في الحفاظ على هذا المنتج الأدبي المصري.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».