صحف بريطانيا وبرامج الانتخابات... صراع بين اليمين واليسار

صحف بريطانيا وبرامج الانتخابات... صراع بين اليمين واليسار
TT

صحف بريطانيا وبرامج الانتخابات... صراع بين اليمين واليسار

صحف بريطانيا وبرامج الانتخابات... صراع بين اليمين واليسار

بعدما كشف أكبر حزبين في بريطانيا عن برامجهما الانتخابية الأسبوع الماضي، سارع الإعلام بتزويد الشعب الذي سيصوت في انتخابات مبكرة في الثامن من يونيو (حزيران) المقبل بقراءات بين سطور الوعود والمشاريع التي قدمها حزب العمال برئاسة جيريمي كوربين وحزب المحافظين الحاكم برئاسة تيريزا ماي. ورغم أن الصحافة حاولت التزام الحياد، فإن عناوينها الرئيسية حملت تحيزاً لبرنامج حزب معين، مما أجج الشرخ الصحافي والسياسي في البلاد بين اليمين واليسار.
في خطابها يوم الخميس الماضي، طلبت ماي من البريطانيين منحها تفويضًا واضحًا في الانتخابات النيابية ووعدت بالحد من الهجرة من خارج الدول الأوروبية، ثم الهجرة الآتية من الاتحاد الأوروبي.
وقالت خلال تقديم برنامج حزب المحافظين للانتخابات: «تعالوا انضموا إلي، في وقت أكافح فيه في سبيل المملكة المتحدة». وتنوي تيريزا ماي التي تطرقت إلى «معاناة أصحاب الدخل المحدود والمرافق العامة»، خفض عدد الواصلين من خارج الاتحاد الأوروبي، مع زيادة الضرائب على أرباب العمل لتوظيف هؤلاء المهاجرين.
ولذلك عنونت صحيفة «التايمز» صفحتها الأولى ليوم الجمعة: «ماي الشعبوية تستعد لسرقة قلوب مؤيدي حزب العمال». وبدورها، قالت «التلغراف» إن خطة ماي تؤكد أن حزب المحافظين ملتزم بوعوده السابقة. لكن «الديلي ميل» انتقدت مقترحات المحافظين لرفع تكاليف العناية بالمسنين والرعاية الاجتماعية. كما تشاءمت «إيريش تايمز» من البرنامج واعتبرته تأكيداً على أن «بريكست» بقيادة ماي سيكون صارماً ولن يرحم أحداً.
وانتقدت «الإندبندنت» تصريحات وزير الخارجية بوريس جونسون الذي زعم أن المحافظين سيمنحون الرعاية الصحية 350 مليون جنيه بعد «بريكست»، الأمر الذي لم يكن مدوناً في برنامج الانتخابات.
أما زعيم حزب العمال، جيريمي كوربين، فالتزم الثلاثاء الماضي بتأميم صناعات رئيسية في البلاد كالبريد وشركات المياه والسكك الحديدية في برنامجه الانتخابي الجريء. كما وعد بشطب رسوم الدراسة الجامعية ودعم الخدمات الصحية.
وعلى عكس ماي، رفض كوربين المضي قدماً بـ«بريكست» دون التوصل إلى اتفاق يحد من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد والتجارة منذ الاستفتاء. وإلى ذلك، سرعان ما انتقدت «الغارديان» الوعود الشعبوية للعمال.
وقالت: «العمال سيبقون على تقشفات حزب المحافظين التي تبلغ 7 مليارات جنيه التي كان كوربين قد انتقدها». لكن «الإندبندنت» رحبت وبقوة بوعود برنامج العمال الانتخابي واعتبرته برنامجاً يخدم المواطنين، لكنها تخوفت من أن الإعلام السلبي الذي طال كوربين والحزب سيدفع ثمنه الحزب في الانتخابات.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».