السويد تتخلى عن ملاحقة أسانج بتهمة الاغتصاب

الإكوادور تطالب بريطانيا بتسهيل خروجه من سفارتها... وواشنطن تعتبر توقيفه «أولوية»

صحافيون في انتظار مغادرة أسانج سفارة الإكوادور في وسط لندن أمس (أ.ف.ب)
صحافيون في انتظار مغادرة أسانج سفارة الإكوادور في وسط لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

السويد تتخلى عن ملاحقة أسانج بتهمة الاغتصاب

صحافيون في انتظار مغادرة أسانج سفارة الإكوادور في وسط لندن أمس (أ.ف.ب)
صحافيون في انتظار مغادرة أسانج سفارة الإكوادور في وسط لندن أمس (أ.ف.ب)

جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس» المتخصص بتسريب الوثائق السرية، والمرأة السويدية المتهم باغتصابها، والحكومة الإكوادورية التي منحته اللجوء في سفارتها في لندن، والشرطة البريطانية التي تريد اعتقاله في حالة مغادرته المبنى، والحكومة الأميركية التي نشر كثيراً من أوراقها السرية، وتُعِد ملفاً لاعتقاله، هي الجهات الخمس التي ما زالت معنية في قضية هذه الشخصية المثيرة للجدل، وفي نظر أنصاره فهو «مدافع عن الحريات»، أو «عدو» تطارده واشنطن.
كل هؤلاء تقاطعت مصالحهم بعد أن قررت السويد، البلد الذي كان يريد التحقيق معه على خلفية اتهامات بالاغتصاب، إسقاط الدعوة ضده. وجاءت ردة الفعل الأولى له على القرار قائلاً من سفارة الإكوادور في وسط لندن، حيث احتُجِز لخمس سنوات، إنه لن «يسامح أو ينسى» حقيقة أنه تم اعتقاله لسنوات دون توجيه اتهامات إليه... بينما كبر أطفاله، وتعرض اسمه للتشويه. وبث أسانج على «تويتر» صورة يبتسم فيها، وكان عدد كبير من الصحافيين ينتظرونه في الشارع، أمس (الجمعة).
أما محامية المدعية السويدية التي تتهم أسانج باغتصابها، فقالت الجمعة إن تخلِّي السويد عن ملاحقته «فضيحة»، مؤكدة أن موكلتها «صُدِمت» بالقرار. وقالت إليزابيث فريتز في رسالة إلكترونية إلى وكالة الصحافة الفرنسية: «إنها فضيحة أن نرى متهماً بالاغتصاب يفلت من القضاء ويتجنب المحاكم (...) موكلتي صُدِمَت ولا يمكن لأي قرار بإسقاط القضية تغيير واقع أن أسانج قام باغتصابها».
وانتظرت هذه المدعية التي كانت في الثلاثين من العمر عند وقوع الحادثة نحو سبع سنوات لاتهام الأسترالي البالغ من العمر 45 عاماً. لكن النيابة العامة في السويد أعلنت، أمس (الجمعة)، حفظ الدعوى بتهمة الاغتصاب لتطوي بذلك صفحة ملف قضائي مستمر منذ عام 2010.
وصرحت النيابة في بيان: «قررت المدعية العامة ماريان ناي حفظ الدعوى بتهمة الاغتصاب المفترض بحق جوليان أسانج».
أما الإكوادور، البلد الوحيد في العالم، الذي قرر تقديم اللجوء له في سفارته بلندن، فقد رحب الجمعة بقرار القضاء السويدي، ودعا بريطانيا إلى «تأمين خروج آمن» له من السفارة والمملكة المتحدة بشكل عام. وقال وزير الخارجية الإكوادوري غيوم لونغ في تغريدة على «تويتر» إن «مذكرة التوقيف الأوروبية لم تعد صالحة، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية، وعلى المملكة المتحدة تأمين خروج آمن لجوليان أسانج» اللاجئ منذ خمس سنوات في «سفارتنا» في لندن.
وأكدت الشرطة البريطانية الجمعة أنها «ملزمة» بتوقيف أسانج إذا خرج من سفارة الإكوادور في لندن، لكن بسبب «جنحة أقل خطورة». وقال بيان الشرطة: «الآن بعد تخلي السلطات السويدية عن تحقيقها، يبقى أسانج ملاحَقاً لجنحة أقل خطورة». وقال البيان: «حتى في حال عدم صدور مذكرة توقيف أوروبية، فإنها ستكون (مضطرة) لتوقيف أسانج إذا خرج من سفارة الإكوادور بسبب انتهاكه عام 2012 شروط الإفراج عنه بكفالة في المملكة المتحدة».
وأعرب المحامي السويدي عن مؤسس «ويكيليكس»، بير سامويلسون عن ارتياحه بالقول: «هذا انتصار شامل لجوليان أسانج. إنه حر في مغادرة السفارة عندما يشاء». وأضاف لإذاعة إس آر السويدية: «إنه بالتأكيد سعيد ويشعر بالارتياح، لكنه ينتقد الفترة الطويلة جداً التي استغرقتها المسألة».
وأعلن كريستوف مارشان، عضو الفريق القانوني لأسانج في بروكسل، أن «جوليان أسانج وقع ضحية تجاوزات» وأن تخلي السويد عن التحقيقات «يشكل نهاية كابوسه».
وبذلك سيتمكن أسانج من استعادة حريته بعيد إطلاق سراح تشيلسي مانينغ أحد مصادر وثائقه، التي غادرت السجن الأربعاء. وكان هذا الشاب المتحول جنسياً سرب في 2010 أكثر من 700 ألف وثيقة سرية متعلقة بحربي العراق وأفغانستان، بينها أكثر من 250 ألف برقية دبلوماسية أربكت الولايات المتحدة. وحول نشر هذه الوثائق أسانج الذي أسس موقع «ويكيليكس» في 2006، إلى رجل مطارَد من قبل الولايات المتحدة بينما رأى فيه المدافعون عنه بطل حركة عالمية للشفافية والديمقراطية. ومع اكتسابه هذه الشهرة، أصبح أسانج يوصف بأنه عبقري في المعلوماتية ومخلص مدافع عن الحريات.
أخيرا، اتهم أسانج بأنه تابع لروسيا لتأثيره على انتخاب الجمهوري دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وفي يوليو (تموز) نشر «ويكيليكس» عشرين ألف رسالة إلكترونية قرصَنَها من الحزب الديمقراطي، وألحقت ضرراً كبيراً بحملة هيلاري كلينتون.
أسانج الأسترالي الأصل، ينفي دائماً تهمة الاغتصاب، واعتبرها قصة مدَبَّرَة ومناورة لتسليمه إلى الولايات المتحدة حيث يمكن أن يتعرض للملاحقة بتهم نشر وثائق عسكرية ودبلوماسية سرية. وأكدت حكومة ترمب في أبريل (نيسان) أن توقيفه «أولوية». وتقول وسائل إعلام نقلاً عن مسؤولين أميركيين إن واشنطن تقوم بإعداد ملف الاتهام. وكتبت «ويكيليكس» في تغريدة أن «بريطانيا تعلن أنها ستوقف أسانج مهما حصل، وترفض أن تؤكد أو تنفي تسلم طلب لتسليمه إلى الولايات المتحدة».
يصفه أصدقاء ومساعدون قدامى بأنه شخصية نرجسية مصابة بالهوس. وفي 2010، بدأ الناطق باسم «ويكيليكس» دانيال دومشايت - برغ يبتعد عنه ومن الأضواء، وتحول كتاب ينتقده إلى عدة أفلام. أما أندرو أوهاغان الذي كلف كتابة سيرة لأسانج، فقال عنه: «هذا الرجل الذي يتباهى بكشف أسرار عالم لا يحتمل أسراره».
منذ ذلك الحين بدأ نجم أسانج بالأفول. معظم وسائل الأعلام التي دعمته بنشر ما يكشفه ابتعدت عنه. وقد غَيَّر محاميه مرات عدة واختلف مع ناشر كتبه. لم يبق من أوفياء لأسانج سوى قلة، بعض المشاهير مثل المغنية الليدي غاغا، لكنه واصل مع ذلك معركته، خصوصاً عندما أعلن دعمه لإدوارد سنودن أحد المرشحين «لخلافة» أسانج.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.