تشيلي تستعد لإنشاء أكبر تلسكوب في العالم

للبحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية

تشيلي تستعد لإنشاء أكبر تلسكوب في العالم
TT

تشيلي تستعد لإنشاء أكبر تلسكوب في العالم

تشيلي تستعد لإنشاء أكبر تلسكوب في العالم

بعد عقود من التخطيط، من المقرر أن يبدأ بناء أكبر تلسكوب بصري وبالأشعة تحت الحمراء في العالم، في وقت لاحق من مايو (أيار) الحالي، فوق جبل وسط صحراء أتاكاما في تشيلي.
بقطر عدسته تبلغ 39 متراً، من المقرر أن يصير هذا التلسكوب فائق الضخامة (إي إل تي) «أكبر عين» متاحة لمراقبة السماء من الأرض. ومن المتوقع أن يساعد في تحسين الجهود المبذولة للبحث عن الكواكب التي يحتمل أن تكون صالحة للسكن أو لبحث المادة المعتمة والثقوب السوداء.
ويقود هذا المشروع المرصد الأوروبي الجنوبي (إي إس أو)، وهو اتحاد يضم 15 بلداً أوروبياً والبرازيل. وتقوم المنظمة أيضاً بتشغيل تلسكوبات كبرى أخرى في تشيلي، مثل مقياس التداخل «ألما» والمقراب العظيم (في إل تي).
ويقع موقع التلسكوب فائق الضخامة الجديد في سيرو أرمازونيس، وهو جبل يبعد نحو 130 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة أنتوفاجاستا التشيلية. قبل عامين، تم تسطيح قمة الجبل بحيث يمكن استضافة هذا العمل الهندسي الطموح: قبة قطرها 80 متراً بها مرآة ستدور لمتابعة حركة النجوم.
ومن المقرر أن يبدأ البناء في 26 مايو الحالي، ويتوقع أن يكون التلسكوب جاهزاً للعمل، أو كما يقول علماء الفلك، جاهزاً لرؤية أول ضوء - في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وأخيراً قال تيم دي زيو، المدير العام للمرصد الأوروبي الجنوبي، لوكالة الأنباء الألمانية في مدريد، إن القفزة بين المقاريب التي لدينا حالياً، والتلسكوب فائق الضخامة، تكاد تكون كبيرة مثل القفزة بين عين جاليليو المجردة وتلسكوبه.
ومن المتوقع أن تكون مرآة «التلسكوب فائق الضخامة» أكبر بخمسة أضعاف من تلك الموجودة في التلسكوبات الأكثر تقدماً التي تعمل حالياً. كما أنها ستكون قادرة على جمع الضوء بقدرة أكثر 13 مرة من التليسكوبات الأقوى حالياً، مما يجعل صوره أكثر وضوحاً.
ويعد أحد أهداف «التلسكوب فائق الضخامة» هو البحث عن الكواكب القابلة لوجود الحياة عليها خارج النظام الشمسي، بما في ذلك نظاما «ترابيست 1»، و«بروكسيما ب» المكتشفان أخيراً. سوف يمكّن حجم «التلسكوب فائق الضخامة» من التقاط صور أكبر، وربما حتى قياسات مباشرة لخصائص أجواء هذه الكواكب.
ويقول دي زيو، إنه عبر تكنولوجيا كهذه، يمكن اكتشاف أول كوكب صالح للعيش خارج النظام الشمسي في غضون عقد من الزمان.
ويضيف دي زيو: «من المفارقات أن هذا التلسكوب يمكن أن يساعدنا في العثور على أدلة على الحياة في الكواكب الأخرى، من أحد أكثر الأماكن غير الصالحة للمعيشة في العالم، صحراء أتاكاما».
وتعد أتاكاما، في الواقع، إحدى أكثر البقاع جفافاً على الأرض. ولم تشهد بعض قطع هذه الصحراء البالغة مساحتها 105 آلاف كيلومتر مربع، هطول أمطار، منذ بدء عملية حفظ السجلات.
كما تعد المنطقة أيضاً مثالية لمراقبة الفضاء. ففي مكان قريب، يسري تيار هومبولدت، وهو تيار محيطي بارد، يضمن بقاء السحب فوق المحيط الهادي، أو على الجانب الآخر من جبال الأنديز، لذا تبقى السماء ليلاً صافية بشكل عام.
عند اكتمال إنشائه، سيضم «التلسكوب فائق الضخامة» ما مجموعه 5 مرايا.
وأكبرها، المرآة الرئيسية التي يبلغ قطرها 39 متراً، ستتكون مما يقرب من 800 شريحة سداسية، كل منها يبلغ قطرها 1.4 متر، ويجب أن تكون متناسبة مع بعضها بعضاً تماماً.
ويوضح دي زيو أنه «لا أحد يعرف كيف يمكن صناعة مرآة بهذا الحجم من قطعة واحدة، وحتى لو تمكن أي شخص من ذلك، سيكون من المستحيل نقلها».
وساعد دي زيو، وهو عالم فلك هولندي معسول اللسان، في تأمين مبلغ 1.‏1 مليار يورو (2.‏1 مليار دولار أميركي) اللازمة لتمويل «التلسكوب فائق الضخامة» من مانحين أوروبيين بشكل رئيسي. ووسط حالة التقشف السائدة أخيراً، كان ذلك «تدريباً مثيراً جداً للاهتمام»، كما يقر.
كان التصور الأولي لبناء «التلسكوب فائق الضخامة» في أواخر تسعينات القرن الميلادي الماضي، عندما كان المرصد الأوروبي الجنوبي يدرس إمكانية بناء مقراب بقطر 100 متر. واكتشفوا أن بناء جهاز كهذا سيتكلف ما بين 3 إلى 4 مليارات يورو، لذا تم خفض أبعاده إلى قطر يبلغ 39 متراً.
ومع ذلك، فإن «التلسكوب فائق الضخامة» ليس المشروع الحالي الوحيد لتلسكوب ضخم. ففي الولايات المتحدة، تجري منافسة على الأموال العامة بين مقراب «كالتك» بقطر 30 متراً «كالتك ثيرتي ميتر تلسكوب»، المقرر إنشاؤه في هاواي، ومقراب «جاينت ماجلان تلسكوب» الذي يعمل عليه «كارنيغي ساينس سنتر»، الذي سيبنى هو الآخر في تشيلي.
ويقول دي زيو: «في بداية القرن الحادي والعشرين، كان هناك أيضاً مشروعان أوليان في أوروبا، لكن سلفي أقنع الجميع بأنه علينا العمل معاً».
ويعتقد الخبير الهولندي أن وجود كثير من المقاريب العملاقة سيكون أمراً جيداً، إذ سيكفل إجراء بحوث عالية المستوى في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.
وكما يقول، فإن «التنافس مع شخص آخر يجعلك أفضل، يتعين عليك أن تصير أسرع وأفضل، وهذا أمر جيد للجميع».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».