خيارات «أوبك» لا تزال مفتوحة

رغم أن جميع وزراء النفط والطاقة الذين صرحوا في الأيام القليلة الماضية أبدوا دعمهم لتمديد اتفاق خفض الإنتاج بين الدول في أوبك والمنتجين المستقلين خارجها لمدة 9 أشهر، فإن الخيارات لا تزال مفتوحة وقد يطول التمديد لأكثر من ذلك.
فأمس أوضح إيغور سيتشن، رئيس أكبر شركة نفط روسية، وهي «روسنفت»، للصحافيين في سوتشي في روسيا، أنه ليس من المستبعد أن يتم التمديد لأكثر من تسعة أشهر.
ونقلت وكالة «بلومبيرغ» عن سيتشن قوله: «إن الهدف الرئيسي هو استقرار الأسعار، وهذا قد يتسبب في التمديد لفترة أطول، ما لا؟»
وكان وزيرا الطاقة في السعودية وروسيا قد أعلنا مطلع الأسبوع الجاري في مؤتمر في بكين أن الدولتين ستفعلان أي شيء من أجل إعادة الاستقرار للأسواق والتخلص من تخمة المخزونات، ولهذا دعمتا تمديد الاتفاق حتى نهاية مارس (آذار) 2018.
ورغم أن دول أوبك والمنتجين المستقلين خارجها قد اتفقوا على تقليص إنتاجهم بنحو 1.8 مليون برميل يوميا وبنسبة التزام غير مسبوقة في تاريخ الاتفاقيات التي عقدوها من قبل، إلا أن بقاء المخزونات عالية أمر محير للمراقبين في السوق.
وأوضح رئيس الأبحاث السابق في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الدكتور حسن قبازرد، أن تمديد العمل بالاتفاق لتسعة أشهر هو الخيار السليم حاليا، والسوق في الاتجاه الصحيح مع اتفاق أوبك، ولكن عودة السوق للتوازن قد تستغرق فترة أطول.
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أوضح قبازرد أن تعافي السوق بشكل كامل ونهائي قد لا يحدث قبل النصف الثاني من عام 2018.
وأضاف: «لقد كانت السوق مريضة للغاية في السنوات الثلاثة الأخيرة بسبب ارتفاع المخزونات والإنتاج، وتعافي السوق من هذا المرض يتطلب مزيدا من الوقت».
وعلى عكس كثير من المحللين، يرى قبازرد أن النفط الصخري لن ينمو بشكل كبير هذا العام. وأضاف: «لقد استعاد منتجو النفط الصخري المليون برميل التي فقدوها العام الماضي، وعوضوا جزءا كبيرا من كميات النفط التي خفضتها أوبك، ولكنهم لن يستطيعوا المواصلة بنفس النفس في الإنتاج».
وبعد التصريحات الأخيرة للسعودية وروسيا تحسنت الأسعار قليلا وارتفعت من مستويات 49 دولارا وأصبحت تتداول في مستويات 52 دولارا في الأيام الثلاثة الأخيرة، ولكن قبازرد يرى أن الأسعار لن تتجاوز 55 دولارا في أحسن التقديرات هذا العام وستظل بين 50 و55 دولاراً.
وقال: «لن نرى 60 دولارا قبل النصف الثاني من عام 2018 في نظري، لأن السوق لم تتعاف بشكل كامل، وسيظل هناك كثير من التذبذبات حتى ذلك الحين».
وأمس كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة تراجعت الأسبوع الماضي كما هبطت مخزونات المشتقات الوسيطة.
وأضافت الإدارة في تقريرها الأسبوعي، أن مخزونات الخام انخفضت 1.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثاني عشر من مايو (أيار) أو أقل من متوسط توقعات المحللين الذي كان يشير إلى هبوط قدره 2.4 مليون برميل. وهذا يعني أن المخزونات الأميركية لا تزال فوق متوسط السنوات الخمس بنحو 127 مليون برميل.
وارتفعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 577 ألف برميل يوميا، لتصل إلى 7.5 مليون برميل يوميا.
وزادت أسعار عقود النفط مكاسبها إلى 1.5 في المائة، عقب نشر بيانات إدارة معلومات الطاقة، لتبلغ 52.56 دولار للبرميل من خام برنت القياسي العالمي، و49.43 دولار للبرميل من الخام الأميركي.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية أول من أمس أن سوق النفط تستعيد توازنها، وأن وتيرة تقلص الفجوة بين العرض والطلب تتسارع، وإن كان تأثير تخفيضات إمدادات أوبك لا يظهر على المخزونات حتى الآن.
وفي تقريرها الشهري أبقت الوكالة توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2017 عند 1.3 مليون برميل يوميا نتيجة التباطؤ في دول مستهلكة مثل الولايات المتحدة وألمانيا وتركيا.
وأضافت وكالة الطاقة أن المخزونات التجارية نزلت للشهر الثاني على التوالي في مارس بواقع 32.9 مليون برميل إلى 3.025 مليار برميل.
وفي الربع الأول زادت المخزونات في الدول الصناعية بواقع 24.1 مليون برميل، وقالت وكالة الطاقة إن البيانات الأولية تشير إلى ارتفاعها مجددا في أبريل (نيسان).
وقالت الوكالة ومقرها باريس: «استغرقت المخزونات بعض الوقت لتعكس أثر انخفاض الإمدادات، إذ إن السوق لا تزال تمتص الكميات التي أنتجتها أوبك، و11 دولة من خارجها قبل سريان تخفيضات الإنتاج».
وقالت الوكالة، التي تقدم المشورة للحكومات الغربية بخصوص سياسات الطاقة، إنه إذا أبقت أوبك على الإنتاج عند مستوى أبريل البالغ 31.8 مليون برميل يوميا دون حدوث تغيير لدى المنتجين الآخرين، فمن المفترض أن تنخفض المخزونات العالمية بواقع 700 ألف برميل في الربع الثاني.
وأضافت: «تبني نفس التوجه في النصف الثاني من 2017 يعني انخفاضا أكبر للمخزون على الأرجح».