موازين 2017 في الرباط... إيقاعات العالم لكل الأذواق

الدورة الـ16... تميز في العروض وتنوع في الأشكال الموسيقية

من حفلات موازين العام الماضي
من حفلات موازين العام الماضي
TT

موازين 2017 في الرباط... إيقاعات العالم لكل الأذواق

من حفلات موازين العام الماضي
من حفلات موازين العام الماضي

تتواصل، بالرباط، إلى غاية السبت المقبل، فعاليات الدورة الـ16 من مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم»، حاملة معها نفس وعود المتعة الموسيقية، جامعة بين الجودة والتنوع، بهدف تأكيد الصدى العالمي الذي صار للتظاهرة المغربية، التي تتوزعها، على مدى تسعة أيام، ست منصات، هي «السويسي» و«النهضة» و«سلا» و«المسرح الوطني محمد الخامس» و«بورقراق» و«شالة».
على منصة «السويسي» الجمهور على موعد مع برمجة قوية تضم، المغني العالمي رود ستيوارت، ونيل رودجروز، ولورين هيل، وإيلي غولدينغ، وويز خليفة، ودي جي سنايك، ودمي لوفاتو؛ فيما تحتضن منصة «النهضة» عدداً من الفنانين المتميزين، يتقدمهم سامي يوسف، وماجد المهندس، ونوال الزغبي، وفارس كرم، ونجوى كرم، وتامر حسني؛ فيما تقترح منصة «سلا» جولة عبر مختلف الألوان الموسيقية المغربية، بمشاركة نجوم معروفين، بينهم لطيفة رأفت، وفاطمة تابعمرانت، وحميد القصري، وزينة الداودية؛ فيما تخصص منصة «أبي رقراق» للموسيقى الأفريقية، يتقدم المشاركين فيها أسطورة الريغي، النجم الإيفواري ألفا بلوندي؛ فيما تستقبل خشبة «المسرح الوطني محمد الخامس» نجوماً عالميين، يتقدمهم شارل أزنافور، بينهم الفنانة اليونانية إليفثيريا أرفانيناكي، والفنانة الهندية أنوشكا شانكار، والفنانة البيروفية سوزانا باكا، والفنان التونسي لطفي بوشناق.
وبينما ينقل الفنانون المشاركون لتجارب مكرسة وتنوع في الأشكال الموسيقية، يبقى الإقبال الجماهيري الكبير عنواناً لتواصل نجاح هذه المظاهرة، التي دأبت سهراتها على استقطاب عشرات الآلاف.
ويعتبر مهرجان «موازين»، الذي رأى النور بمبادرة من جمعية «مغرب الثقافات»، في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2001، في إطار الانفتاح على الثقافات ومنح الجمهور رحلة سفر موسيقية لجميع بقاع العالم: «موعداً لا بديل له لهواة وعشاق الموسیقى بالمغرب».
وتعد جمعية «مغرب الثقافات»، التي تأسست في 2001، هيئة لا تهدف إلى تحقيق الربح. وخلال بحثه عن الانفتاح والتبادل، تمكن المهرجان، فضلاً عن مئات الفنانين وملايين المتفرجين، من جمع مفكرين ومثقفين، لطرح أفكارهم وتأملاتهم، خلال الندوات والموائد المستديرة المبرمجة.
ويسعى المهرجان، على مستوى الفلسفة والقيم، حسب منظميه، إلى «المشاركة والتبادل»، عبر تشجيع التبادل بين الفنانين والجمهور وبين الفنانين أنفسهم؛ و«التسامح والانفتاح»، عبر ضمان تمثيلية أكبر لمختلف الثقافات؛ و«تنوع الأساليب والفنون»، من خلال الانفتاح بشكل أكبر على جميع أشكال التعبير الفني؛ و«الأصلة والمعاصرة»، عبر التحام الفنون التقليدية بأشكال التعبير الأكثر معاصرة؛ و«جودة وأصالة»، عبر الحفاظ عل الموروثات الثقافية؛ و«الولوجية»، عبر تمكين جميع الأفراد من إمكانية الولوج مجاناً إلى 90 في المائة من العروض.
وفضلاً عن التزامه، في مجال «النهوض بالموسیقى المغربیة»، حیث یكرس نصف برمجته لمواهب الساحة الوطنیة، يعتبر «موازين»، حسب منظميه: «دعامة أساسیة للاقتصاد السیاحي الجهوي»، و«فاعلاً من الدرجة الأولى في مجال خلق صناعة حقیقیة للفرجة بالمغرب».
ويرى المنظمون أن من بين علامات نجاح هذا المهرجان متابعة بمتوسط نحو مليونين و500 ألف شخص لفعاليات كل دورة من دوراته الأخيرة. ومنذ سنة 2012، يعتبر «موازين»، حسب منظميه، «الحدث المغربي الوحيد الذي لا يتلقى أي مساهمة عامة بفضل تطويره لنموذج تجاري موثوق ومربح».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».