متنزه في البرازيل «حائط صد» طبيعي ضد التصحر

يضم مليون هكتار و103 أنواع من الفراشات

متنزه جورينا الوطني «حائط صد» طبيعي
متنزه جورينا الوطني «حائط صد» طبيعي
TT

متنزه في البرازيل «حائط صد» طبيعي ضد التصحر

متنزه جورينا الوطني «حائط صد» طبيعي
متنزه جورينا الوطني «حائط صد» طبيعي

تأسس متنزه جورينا الوطني عام 2006، ويضم قرابة 9.‏1 مليون هكتار، ويقع في وسط البرازيل بين ولايتي ماتو جروسو وأمازوناس. ويعد موقع المتنزه مهما من الناحية الاستراتيجية، فمن ناحية الجنوب تقع السهول الزراعية لولاية ماتو جروسو، حيث تنمو كميات محاصيل هائلة من فول الصويا والذرة، ومن ناحية الشمال هناك مساحات أوسع من الغابات المطيرة.
وتقول أياريما، إن «الهدف من إقامة المتنزه هو وقف عملية التصحر»، باعتباره «حائط صد» طبيعيا ضد الأنشطة الاقتصادية المتنامية في قطاعي الزراعة والإنتاج الحيواني.
وتعد ولاية ماتو جروسو واحدة من أفضل النماذج في مختلف أنحاء العالم للتدمير واسع النطاق للغابات المطيرة من أجل صناعة الأخشاب، وأيضا قطع الأشجار لتخصيص مساحات جديدة لزراعة المحاصيل وتربية الماشية. وهذه الولاية التي تحتل المرتبة الثالثة في البرازيل من حيث المساحة استوطنها المزارعون في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وشرعوا في إزالة الأشجار، لدرجة أنه تم اليوم القضاء على معظم غاباتها. ولا يزال هذا التدمير مستمرا ويمتد في اتجاه الشمال باتجاه نهر الأمازون.
ويقول روبرتو مالدونادو، وهو خبير في المناطق المحمية في الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية وهو بمثابة منظمة خيرية، إن «الوضع على الحدود الجنوبية للأمازون يثير القلق للغاية كما كانت الحال خلال العشرين أو الثلاثين عاما الأخيرة».
وبسبب الغابات الهائلة فيها أصبحت البرازيل تعاني من أعلى معدل للتصحر في العالم، ورغم التوصل إلى اتفاقية باريس حول التغير المناخي فما زالت عمليات قطع الأشجار بالبرازيل تسير بمعدلات متزايدة.
وفي خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2015 إلى يوليو (تموز) 2016 دمرت البرازيل 7 آلاف و989 كيلومترا مربعا من الغابات المطيرة، وتولت أياريما إدارة متنزه جورينا الوطني منذ عام 2012، وهي تقود فريق صغير يضم ثلاثة أفراد فقط.
وتعيش أياريما التي تلقت تدريبا في مجال علوم الأحياء في مدينة ألتا فلورستا في ولاية ماتو جروسو، ولكي تذهب إلى الأجزاء الشمالية من المتنزه يتعين عليها أن تركب طائرة مستأجرة صغيرة في رجلة لمدة ساعتين، حيث لا يوجد طريق داخل الغابة.
ويتمتع المتنزه بمساحات رائعة من الطبيعة الخلابة، وعادة لا يستقبل الزوار ويمكن زيارته حاليا بعد الحصول على تصريح. وتبدو الغابة من الجو كبساط أخضر هائل الحجم، ولا يمكن سوى عن طريق السير على الأرض أن نتعرف على معالمه، مثل المساحات الخضراء الكثيفة والشلالات المتدفقة التي يمكن مشاهدة ثعالب الماء النهرية وهي تتقافز
وسطها. ويوجد بالمتنزه 103 أنواع مختلفة من الفراشات و101 نوع من الثدييات و412 نوعا من الطيور.
ولكن من أعلى يمكنك أن ترصد المشكلة التي تواجه المتنزه وهي المزارع. وفي هذا الصدد تقول أياريما: «نحن نشعر بضغوط هائلة على حواف المتنزه، وذلك بسبب المنقبين عن الذهب وقاطعي الأشجار لصناعة الأخشاب، والأشخاص الذين يضعون أيديهم على الأراضي بشكل غير قانوني».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».