{كان}... دورة جديدة حافلة بأسئلة الهوية السينمائية

عملية تجاذب ونقد وشد حبال تسبق المهرجان العالمي الأول

«أوكجا» أحد فيلمي «نتفلكس»
«أوكجا» أحد فيلمي «نتفلكس»
TT

{كان}... دورة جديدة حافلة بأسئلة الهوية السينمائية

«أوكجا» أحد فيلمي «نتفلكس»
«أوكجا» أحد فيلمي «نتفلكس»

ليس هناك ما يكفي من العواصف للتأثير على مهرجان «كان» الذي سينطلق بعد غد في السابع عشر من هذا الشهر.
المهرجان الفرنسي الذي سيحتفل بمرور 70 سنة على انطلاق دورته الأولى سنة 1947 لا يلق بالاً للنقد الموجه إليه في كل سنة. لقد اعتاد عليه ولن يدخل سجالات مع أحد بشأنه. في السابق، نتذكر، أعيب عليه خلوّه من أفلام لمخرجات. استجاب المدير العام تييري فريمو للنقد وزاد النسبة قليلاً في العام الماضي ثم رفع النسبة إلى حد ملحوظ هذا العام حيث ثلاثة أفلام من إخراج إناث في المسابقة الأولى، وستة في مسابقة «نظرة ما» ومخرجتان في قسم «عروض خاصة».
ما لم يقم به هو توسيع دائرة الدول المشاركة في المسابقة. فريمو لا يعتقد أن هناك سبباً لذلك. يقول في تصريح لمجلة «سكرين» البريطانية: «إنه من السخف أن أقول إن فلاناً من هذه الدولة وأريد أن أسأل لماذا لا يوجد فيلم من بلدي. نحن هنا نتحدث عن سينما عالمية وهم يحاولون رفع الأعلام المحلية».
وأضاف: «لا أعرف كم فيلماً فرنسياً وكم فيلماً بريطانياً، إيطالياً أو صينياً تسلمناه. نحن لسنا مؤسسة إحصائية عليها أن تجيب على أسئلة من هذا النوع الذي لا علاقة له بما نحاول القيام به في هذا المهرجان».

بين مهرجان وآخر

هذا العام، وبالإضافة إلى تكرار هذا السؤال حيث تسلم فريمو رسائل إلكترونية من كل أنحاء العالم تسأله عن سبب غياب هذه الدولة أو تلك، نشأت، في مطلع الأسبوع الماضي، أزمة أخرى تتداولها الأوساط الإعلامية إلى الآن. المهرجان قرر استقبال فيلمين في مسابقته الرسمية من إنتاج شركة نتفلكس الأميركية هما «أوكجا» للكوري بونغ جون - هو و«حكايات مايروفيتز» للأميركي نواه بومباخ. نقابة أصحاب الصالات الفرنسية استنكرت بلهجة شديدة، هذا القرار على أساس أن الفيلمين لن يعرضا تجارياً في صالات السينما الفرنسية.
على الأثر، أصدرت إدارة المهرجان قراراً بأنها ستعدل في قانون المهرجان بالنسبة لهذا الموضوع وستنص على عدم إتاحة المجال لعرض إنتاجات سينمائية غير مبرمجة للعرض الصالاتي في فرنسا.
هذا ما دفع برئيس نتفلكس ريد هاستينغز إلى الرد على هذا الموضوع مصوّراً الأمر على النحو الذي يصوّر الشركة ضحية قيام «المؤسسة»، حد وصفه، بـ«التضييق علينا».
ولن يكون معروفاً الآن كيف ستتصرّف نتفلكس (أو الشركة المنافسة لها في مجال البث المباشر للمنازل أمازون) حيال هذا الموضوع في المستقبل، خصوصاً إذا ما قامت مهرجانات دولية أخرى بالحظر نفسه. لكن المؤكد أن أحد الردود المتاحة هو الاستمرار في جلب مخرجين عالميين سبق لهم أن نالوا جوائز في مهرجانات عالمية، بما فيها «كان» طبعاً، وبالتالي رفع مستوى أفلامهم نوعياً إلى حيث يكون من الصعب على المهرجانات الدولية رفضها.
وبينما يوافق رؤساء مهرجانات فينسيا ولوكارنو وكارلوفي فاري على الإجراء الذي اتخذه المهرجان الفرنسي بغية الحفاظ على الهوية الخاصة بالسينما (كما قالوا في تصريحاتهم قبل يومين) فإن مهرجان برلين امتنع عن التدخل في هذا السجال، بينما صرّح أحد رئيسي مهرجان تورنتو (وهو كاميرون بايلي) بأن مهرجانه منفتح على كل التجارب ذات النوعية الفنية الكبيرة سواء عرضت في صالات السينما أو لم تعرض».
دفاع «كان» عن قراره بتغيير قواعد الاشتراك لا ينطلق من دون إثارة بعض الشكوك. لأنه إذا لم يكن للمرء دخل فيما إذا كان الفيلم مبيعاً سلفاً إلى دائرة توزيع الأفلام في صالات السينما الفرنسية أو سواها فلماذا يكون للمهرجان، «كان» أو سواه، دخل؟
الجواب بسيط نوعاً. مهرجان «كان» آل على نفسه سابقاً عرض الأفلام ذات الهوية السينمائية المحضة، وهذا حتى من قبل توسع دوائر العروض الإلكترونية وتأسيس شركة «نتفلكس» أو سواها. لكنه إذ جلب هذا العام فيلمين أميركيين من الإنتاج الإلكتروني، كما تقدم، فقد خرق ما تعهد به سابقاً.
على أن هذا الجواب البسيط، نوعاً، يثير مشكلة أخرى لأنه لو أن المسألة في صلبها مسألة هوية الفيلم الفنية ومنهج الصناعة السينمائية التي قامت على الإنتاج الموجه للتوزيع السينمائي في الصالات المتخصصة، جاء من قِبل إدارة المهرجان ورجوعاً عن قرارها هذه السنة، لكان هذا أمراً لا غبار عليه. لكن الاستجابة تبدو إذعاناً لشركات التوزيع وصالات السينما بعدما وجهت هذه رسالة احتجاج إلى المهرجان بسبب فيلمي «نتفلكس».

بين المطرقة والسندان

هناك لغط كبير في هذا الشأن لكن ما يفتح جبهة من الأسئلة الأخرى هو السبب الذي من أجله تم اختيار هذين الفيلمين أساساً. فتييرو فريمو يقول إنه اختار «أوكجا» لإعجابه بأفلام مخرجه بونغ جون - هو، وأن الفيلم الآخر («حكايات مايروفيتز») «تم عرضه علي من قِبل منتجه). في المقابل، نلاحظ غياب السينما الأميركية ذات التمويل التقليدي. صحيح أن السينما الأميركية ممثلة بثلاثة أفلام، إلا أن واحداً منها فقط ينتمي إلى المصنع الهوليوودي بينما اتكل الآخران على شركات مستقلة.
هذا الفيلم الواحد هو «المنخدعات» لصوفيا كوبولا، وهو من إنتاج شركة مستقلة «أميركان زيتروب» (يملكها والد المخرجة فرنسيس فورد كوبولا) ولو أن التوزيع العالمي ينتمي إلى شركة يونيفرسال.
الفيلمان الآخران مستقلان أيضاً وهما «ووندرسترك» (Wonder Struck في كلمة جامعة) لتود هاينز و«وقت طيب» لجوشوا وبن صفدي. ما هو مثير للتعجب هنا، وما لم يُشر إليه أحد، هو أن فيلم تود هاينز من إنتاج شركة «أمازون» الإلكترونية أيضاً فلم لم يثر هذا الموضوع أحداً كما أثاره اشتراك «نتفلكس»؟
الحقيقة أن المسألة شائكة. إذا ما غابت المؤسسات الأميركية الكبرى ارتفعت أصوات احتجاج كم كبير من الإعلاميين لكونهم يعلمون أنه مع تلك الأفلام هناك فرصة للقاء وترويج ممثلين وممثلات الأفلام المشاركة. لكن إذا ما حضرت، قام فريق آخر لا يقل حجماً بالتساؤل عما إذا «كان» قد «بيع» لهوليوود.
من الزاوية ذاتها، يلاحظ هذا الناقد أن هناك عملين يشتركان في اختيارات «كان» الرسمية من إنتاج تلفزيوني. وهما «قمّة البحيرة» لجين كامبيون و«توين بيكس» لديفيد لينش وهذا في الوقت الذي كان المهرجان أكد مراراً على أنه يحافظ على هويّته السينمائية وأنه لن يتحوّل إلى عارض لأعمال تلفزيونية.
قد يكون السبب هنا هو أن المخرجين، كامبيون ولينش، من السينمائيين الذين سبق لهم الفوز بالسعفة الذهبية في السنوات الماضية، لكن هذا لا يجيب تماماً على السؤال.
أما ما يعنيه تغييب أسماء الدول المشاركة، فإن ذلك لا يعزز سوى ما سبق لمجلة «فاراياتي» الإشارة إليه منذ نحو عشر سنوات عندما لاحظت أن معظم الأفلام المشتركة في دورات مهرجان «كان» تحمل البصمة الفرنسية. ليس أن أحداً قبل المجلة الأميركية أو بعدها لم يلحظ ذلك، لكن لا أحذ ينتقد مثل هذه الفجوة الرئيسية التي تمنح السينما الفرنسية حضوراً شاسعاً لدرجة أنها تبدو كما لو كانت تنافس بعضها بعضاً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».