تحذيرات علمية من تأثير دمى الأطفال الإلكترونية على خصوصياتهم

تسجل أحاديثهم وأسرارهم وتختزنها

لعبة «داينو»
لعبة «داينو»
TT

تحذيرات علمية من تأثير دمى الأطفال الإلكترونية على خصوصياتهم

لعبة «داينو»
لعبة «داينو»

حذر باحثون أميركيون أمس من مخاوف خرق دمى ولعب الأطفال الإلكترونية لخصوصياتهم، بسبب تسجيلاتها لأحاديثهم. وقال الباحثون في مختبر السياسات التقنية بجامعة واشنطن في سياتل إن دمى مثل «هلو باربي» و«داينو» من «كوغني تويز» وغيرها التي تتواصل مع الإنترنت، بمقدورها التحادث بلطف مع الأطفال وتجيب على أسئلتهم بأشكال مدهشة، ولذا فإنهم يشعرون بالثقة لدى التعامل معها وقد يخبرونها أسرارهم أو الأسرار العائلية.
وتسجل هذه الدمى أصوات الأطفال الذين يتعاملون معها لكي تتمكن من التعرف على خصائصها. وهي تتواصل بالإنترنت عبر نقاط «واي - فاي» اللاسلكية وتحفظ التسجيلات في ذاكرة سحابة إلكترونية.
وقال الباحثون إن تحليلاتهم تشير إلى الأطفال لا يدركون قدرات هذه الدمى الإلكترونية كما أن الآباء أبدوا مخاوفهم من اختراقها لخصوصية أبنائهم.
وفي الدراسة التي قدمت أمام «مؤتمر العوامل البشرية في النظم الكومبيوترية» في دينفلر بولاية كولارادو، دقق الباحثون في سلوك ومخاوف الآباء والأبناء سوية أثناء تعاملهم مع الدمى المتصلة بالإنترنت، وذلك بإجراء مقابلات معمقة معهم وتسجيل الملاحظات ووجدوا أن الأطفال لا يعلمون أن الدمى تسجل أحاديثهم.
وقالت إيميلي ماكرينولدز المديرة المشاركة للمختبر التي أشرفت على الدراسة إن «هذه الدمى التي يمكنها تسجيل المحادثة ثم إرسالها (إلى الخارج) قد دخلت الآن إلى أقوى معقل ظل محصنا على مدى التاريخ... وهو البيت». وأضافت أنه «ورغم اختلاف وجهات نظر الأفراد حول جوانب الخصوصية فإن مخاوفهم تتبلور حينما يتعلق الأمر بمنح لعبة إلى الطفل».
ورغم ازدياد شعبية اللعب الإنترنتية فإن انتشارها صوحب بأعمال تسلل وقرصنة استهدفت قواعد بيانات المشتركين فيها، إذ تعرضت شركة «في تك» التي تنتج كومبيوترات لوحية للأطفال مثلاً والتي احتفظت ببيانات عن أكثر من مائتي ألف طفل، لاختراق عام 2015. وبداية هذا العام منعت السلطات الألمانية لعبة «كايلا» بسبب مخاوف من احتمال سرقة بياناتها.
وسأل الباحثون أثناء المقابلات التي أجروها مع 9 أزواج من الآباء - والأبناء عن مدى حب الطفل للعبته ومدى ثقته بها لكي يتحدث عن أسراره، ورغبة الآباء في اقتناء لعبة، وتأييدهم لنشر ما يقوله ابنهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أجروا دراسة ملاحظات على أطفال من أعمار بين 6 و10 أعوام من الذين مارسوا الألعاب مع دمى «هلو باربي» و«داينو» وهي الدمى التي تعتبرها صناعات لعب الأطفال الأفضل من نوعها لمزاياها في الحفاظ على الخصوصية. وتمتلك باربي مثلا أكبر قدر من الضوابط الممنوحة للآباء عند أعداد اللعبة كما أنها تمتلك تقنيات لتشفير البيانات.
وظهر أن الأطفال المشاركين في الدراسة لم يكونوا يعرفون أن الدمية تسجل أحاديثهم كما أن شكلها الخارجي كان يوحي لهم بالثقة، لذا فإن الأطفال ربما كانوا يرغبون في اطلاعها على أسرارهم أكثر من اطلاع أجهزة المساعدة الصوتية الأخرى مثل «سيري» من «آبل» و«أليكسا» من «أمازون» على تلك الأسرار.
وقالت مايا كاكمان الأستاذة المساعدة في الجامعة التي شاركت في الدراسة أن «الدمى تحولت إلى (كائن) اجتماعي يشعر اللاعب معها أنه مندفع لإخبارها بأمور لا يقولها بالهاتف أو عبر الكومبيوتر». وأضافت أن «الدمية تتمتع بشكل خارجي اجتماعي يمكنه إيهام اللاعب بالأمان... وقد رصدت الدراسة المخاوف لدى الآباء ولدى الأطفال».
وطالب الباحثون الشركات المنتجة للدمى بتوفير تقنيات توجه تحذيرات أو تنبيهات للأطفال قبل الشروع بتسجيل أحادثيهم. واقترحوا مثلا أن تقول دمية باربي للطفل: «سأتذكر كل شيء تقوله لي»، بدلا من تشغيل الضوء الأحمر الذي لا يعني شيئا له. واقترح الباحثون على الشركات المنتجة إزالة ومحو جميع التسجيلات بعد مرور أسبوع عليها.
ووجدوا أن الآباء قلقون على خصوصية أطفالهم وأنهم يرغبون بتطوير ضوابط تتيح لهم التحكم بفصل الدمية عن الإنترنت، أو حتى الإشراف على التحكم بنوع الأسئلة التي تجيب عليها الدمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».