«مايكروسوفت» تطلق أدوات وخدمات لتطوير العمل بين الأجهزة الشخصية

نظارات الواقع الهجين تدعم العمليات الجراحية والترفيه... وتصميم مبهر لـ«ويندوز» قبل نهاية العام

نظارات الواقع الهجين «هولولينس» من «مايكروسوفت» ستساعد الأطباء خلال العمليات الجراحية للنخاع الشوكي حيث سيرتدي الطبيب النظارة خلال العملية لتعرض أمامه الأماكن التي ينبغي إجراء الجراحة عليها (أ.ب)
نظارات الواقع الهجين «هولولينس» من «مايكروسوفت» ستساعد الأطباء خلال العمليات الجراحية للنخاع الشوكي حيث سيرتدي الطبيب النظارة خلال العملية لتعرض أمامه الأماكن التي ينبغي إجراء الجراحة عليها (أ.ب)
TT

«مايكروسوفت» تطلق أدوات وخدمات لتطوير العمل بين الأجهزة الشخصية

نظارات الواقع الهجين «هولولينس» من «مايكروسوفت» ستساعد الأطباء خلال العمليات الجراحية للنخاع الشوكي حيث سيرتدي الطبيب النظارة خلال العملية لتعرض أمامه الأماكن التي ينبغي إجراء الجراحة عليها (أ.ب)
نظارات الواقع الهجين «هولولينس» من «مايكروسوفت» ستساعد الأطباء خلال العمليات الجراحية للنخاع الشوكي حيث سيرتدي الطبيب النظارة خلال العملية لتعرض أمامه الأماكن التي ينبغي إجراء الجراحة عليها (أ.ب)

تستمر «مايكروسوفت» في تمكين مستخدم برامجها لأداء المزيد، وذلك بالكشف عن مجموعة جديدة من الأدوات والخدمات التي تؤثر بالإيجاب على الاستخدام اليومي للأجهزة الإلكترونية. وتركز الشركة حاليا على تمكين العمل عبر أجهزة مختلفة بنظم تشغيل مختلفة، مع دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهيل حياة المستخدمين في كثير من النواحي، بالإضافة إلى تسهيل صُنع عروض فيديو شخصية بمؤثرات مبهرة وتغيير واجهة استخدام «ويندوز» وبرامج الشركة بشكل جذري، وتطوير تقنيات الواقع الهجين في مجالات الطب والترفيه، وغيرها.
وتأتي هذه التوجهات من مؤتمر «مايكروسوفت» للمطورين «بيلد 2017» (Build 2017) الذي انتهت فعاليته يوم أمس الجمعة في مدينة واشنطن الأميركية.
* سهولة العمل عبر الأجهزة
وكشفت «مايكروسوفت» عن تحضيرها لإطلاق ميزة جديدة مبهرة اسمها «الخط الزمني» (Timeline)، تسمح للمستخدم بإكمال العمل على أي برنامج أو وثيقة من أي جهاز، وفي أي وقت. هذا الأمر يعني أن المستخدم سيستطيع العمل على وثيقة ما على كومبيوتره الشخصي، ليشغل جهازه اللوحي بعد عودته إلى المنزل وتظهر أمامه الملفات التي كان يعمل عليها على كومبيوتره الشخصي، ويختار الملف المرغوب ويكمل العمل بكل سهولة. وتدعم هذه الميزة العمل على نظم التشغيل «ويندوز» و«آي أو إس» و«آندرويد» وبالطبع، يجب أن يدعم نظام التشغيل التطبيق المرغوب، وهي آلية من شأنها تسهيل العمل على أجهزة متعددة والتنقل بينها. هذا، وسيستطيع المستخدمون نسخ نص أو محتوى ما على جهاز، ولصقه على أي جهاز آخر («ويندوز» و«آندرويد» و«آي أو إس») دون الحاجة لاستخدام أي أدوات إضافية.
ولتسهيل عمل محرري عروض الفيديو، ستطلق الشركة برنامج «ستوري ريمكس» (Story Remix) الذي يسمح للمستخدم بإيجاد عروض شخصية بسهولة كبيرة باستخدام تسجيلات المستخدم وأدوات البرنامج، دون الحاجة لوجود دراية كبيرة حول برامج تحرير عروض الفيديو. ويعمل التطبيق سحابيا ويقوم بتجميع صور وعروض فيديو المستخدم من أجهزته المختلفة («ويندوز» و«آندرويد» و«آي أو إس»)، مع القدرة على بدء العمل على «آندرويد»، ومن ثم على «آي أو إس» والإكمال على «ويندوز»، مثلا. ويمكن للمستخدم إضافة الرسومات الرقمية المجسمة التي يرسمها بنفسه في برنامج «الرسام 3 دي» (3D Paint) وإضافة المؤثرات البصرية الخاصة إلى عروض الفيديو النهائية، بشكل يشبه ذلك المستخدم في تطبيق «سنابشات»، وإضافة الموسيقى والصوتيات من خدمة «مايكروسوفت» للموسيقى، مثلا.
وكشفت الشركة كذلك عن واجهة الاستخدام الجديد لها المسماة «نظام التصميم السلس» (Fluent Design System) التي تركز على تغيير واجهة استخدام «ويندوز» والبرامج المختلفة، من خلال 5 عناصر: الإضاءة، والعمق، والحركة، ونوعية مادة السطح، والحجم. وسيشعر المستخدم بأن «ويندوز» والبرامج الكثيرة أصبحت مختلفة وأكثر تقدما من السابق، وأنها «مستقبلية» بالفعل.
كما عرضت الشركة مستقبل الملفات السحابية في «ويندوز 10»، حيث سيرى المستخدم الملفات المخزنة سحابيا وكأنها موجودة في كومبيوتره، ولكن ستظهر إلى جانبها أيقونة تؤكد ما إذا كانت تلك الملفات موجودة في كومبيوتره أم لا، مع قدرة النظام على جلب الملفات اللازمة للعمل آليا، أو تحميلها إلى كومبيوتر المستخدم عند الطلب، وذلك لرفع السعة التخزينية المدمجة في كومبيوتر المستخدم.
وستدعم الشركة أدوات التحكم بالواقع الافتراضي التي ستدعم نظاراتها للواقع الهجين والافتراضي. وستتبع النظارة تحركات أدوات التحكم مقارنة بتتبع كاميرات خاصة للأدوات في بعض النظارات الخاصة بشركات أخرى. كما تعمل الشركة على دعم استخدام القلم الرقمي الخاص بها على جميع أجهزتها، وبكل سهولة، مثل سهولة التوقيع وإضافة الملاحظات بخط يد المستخدم إلى وثائق «بي دي إف» أو كتابة البريد الإلكتروني، وغيرها.
كما أطلقت الشركة بيئة البرمجة «فيجوال استوديو 2017» على نظام التشغيل «ماك» إلى جانب «ويندوز»، والذي يدعم تطوير تطبيقات الأجهزة الجوالة والبرامج المكتبية وخدمات الإنترنت، دون الحاجة لاستخدام برامج إضافية. وأكدت الشركة كذلك أنها ستطور من أداء عمل متصفحها «إيدج» ليصبح أكثر سرعة من السابق، على الرغم من أن أداءه الحالي يضاهي أسرع المتصفحات.
وستطلق الشركة هذه التحديثات في خريف العام الحالي على نظام التشغيل «ويندوز 10» الذي يستخدمه حاليا أكثر من 500 مليون مستخدم نشط، منذ إطلاقه نهاية يوليو (تموز) في عام 2015.
* واقع هجين
وستساعد نظارات «الواقع الهجين» الأطباء خلال العمليات الجراحية للنخاع الشوكي، حيث سيرتدي الطبيب النظارة خلال العملية لتعرض أمامه الأماكن التي ينبغي إجراء الجراحة عليها، ومعلومات فورية عن حالة المريض الصحية دون الحاجة للالتفات إلى شاشة جانبية، ذلك أن النظارة ستعرض البيانات الرقمية فوق العدسة. كما أكد فريق عمل «سيرك دو سوليه» أنه سيستخدم نظارات «هولولينس» من «مايكروسوفت» لتصميم المسرح والتخطيط للعروض الترفيهية بكل سهولة.
وتقدم هذه الأدوات والخدمات الجديدة القدرة للمطورين على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك بسبب وجود كميات معلومات مهولة يمكن الاستفادة منها بطرق مختلفة لخدمة المستخدمين. وأصبح بإمكان المطورين الآن الاستفادة من تقنيات الحوسبة السحابية للحصول على قدرات ضخمة لمعالجة البيانات وتقديم نتائج مفيدة على كومبيوترات وأجهزة المستخدمين، وبسرعة.
ومن الواضح أن «مايكروسوفت» تركز جهودها على تسهيل العمل عبر نظم التشغيل المختلفة، وأنها تدرك أن مستخدمي نظام التشغيل «ويندوز» يقتنون هواتف وأجهزة لوحية تعمل بنظامي التشغيل «آي أو إس» و«آندرويد»، وهي ستهدف إلى إيجاد بيئة عمل متكاملة للمستخدم تدعم جميع النظم السائدة. وبالنظر إلى قائمة الخدمات والمنتجات والتصاميم التي تعمل عليها «مايكروسوفت»، فنستطيع القول بأنها تفوقت على ابتكار ورؤية «آبل» نحو الأجهزة الشخصية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)