«الشبح القلق»... الجانب المجهول خلف روايات تشارلز ديكنز

نسج من مجتمع لندن روايات شهيرة وتحقيقات صحافية

تشارلز ديكنز اعتاد على قراءة فصول رواياته للجمهور (متحف تشارلز ديكنز)
تشارلز ديكنز اعتاد على قراءة فصول رواياته للجمهور (متحف تشارلز ديكنز)
TT

«الشبح القلق»... الجانب المجهول خلف روايات تشارلز ديكنز

تشارلز ديكنز اعتاد على قراءة فصول رواياته للجمهور (متحف تشارلز ديكنز)
تشارلز ديكنز اعتاد على قراءة فصول رواياته للجمهور (متحف تشارلز ديكنز)

«الشبح القلق» قد يكون عنوانا لرواية أدبية أو مسرحية درامية، وفي الحقيقة هو عنوان معرض حول الجانب المجهول من حياة الروائي البريطاني تشارلز ديكنز. المعرض الذي يقام في منزله الواقع في وسط لندن وتحول لمتحف، وهو أحد البيوت التي سكنها ديكنز والوحيد المتبقي منها في لندن بعد أن دمرت منازله الأخرى لسبب أو لآخر.
تشارلز ديكنز معروف بروايات عالمية قرأها الصغير قبل الكبير أمثال «أوليفر تويست» و«قصة مدينتين» و«أوراق بيكويك» و«آمال كبيرة» وغيرها، وعرف عنه اهتمامه وتصويره للشخصيات المهمشة والضعيفة والتي تعيش على هامش المجتمع. خلق ديكنز في رواياته شخصيات واقعية تمثل الأيتام والأرامل والفتيات الفقيرات وبائعات الهوى والبخلاء والمجرمين وغيرهم كثيرين.
معرض «الشبح القلق» مع ذلك لا يحاول تقديم تلك الشخصيات أو الروايات التي قاموا ببطولتها للزائر، بل يهدف إلى استكشاف الجانب الآخر من شخصية ديكنز، وهو الجانب الذي ساهم في خلق الروايات وتصوير المجتمع البريطاني في القرن التاسع عشر بفقره وظلمه للنساء والفقراء وبأمراضه ومؤسساته العامة مثل السجون والشرطة والمستشفيات. يمر المعرض برشاقة وإيجاز على الصحافة في حياة تشارلز ديكنز. إنه عمله كصحافي الذي عرفه على قصص أطياف المجتمع المهمشة.
أطلق ديكنز ألوانا جديدة من الصحافة الاستقصائية والساخرة، منذ أن كان صحافيا صغيرا يكتب تحت اسم مستعار «بوز» حيث نحت لنفسه أسلوبا مميزا للكتابة والوصف يجمع فيه بين الفكاهة والدراما والواقعية. ومع نضجه في مهنته كصحافي ومحرر وكاتب خطابات نجح ديكنز في جذب اهتمام شريحة كبيرة من القراء لقضايا مجتمعية هامة.
عمل الشاب تشارلز ديكنز كمراسل صحافي في البرلمان في الفترة ما بين (1831 1834) ثم بعد ذلك كمحرر لمجلة أسبوعية «هاوسهولد وردز (1850 - 1859) ومجلة «أول يير راوند» (1859 - 1870). تشير مديرة متحف تشارلز ديكنز سيندي سوغرو إلى أنه كان حريصا خلال عمله كمراسل في البرلمان وفي المحاكم على تدوين كل الأحداث والقضايا والتفاصيل المختلفة، وهو ما استفاد منه لاحقا في رواياته وأيضا في مقالاته الصحافية. تقول: «الحملات السياسية كان أساس عمله، عبر من خلالها عن قضايا اجتماعية تهمه في رواياته. تحدث عن شخصيات لا صوت لها وتطورت موهبته الصحافية جنبا إلى جنب مع موهبته الروائية».
المعروف عن ديكنز أنه كان يتجول في شوارع لندن لأربع أو خمس ساعات يوميا بشكل منتظم، هي رحلات أرهفت حسه الصحافي الاستقصائي وعاين بنفسه المجتمع في حالاته المختلفة. كتب لصديقه جون فورستر: «أريد أن استخدم شبحا يمكنه أن يدلف لأي مكان في أي وقت، تحت ضوء الشمس أو على أشعة القمر أو على ضوء ألسنة النيران، يدخل كل البيوت وكل الأركان وأن يذهب لكل مكان».
يأخذنا البروفسور جون درو أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة بيرمنغهام ومنسق المعرض في جولة بين الحجرات الثلاث التي ضمت نماذج من مقالات ديكنز وأعداد من المجلات التي حررها وأيضا بعض القطع التي ارتبطت بعمله الصحافي مثل المكتب الذي كان يكتب عليه، والعصا الخشبية التي كان يستخدمها خلال تجواله في شوارع لندن باحثا عن الشخصيات المتفردة والقصص التي يمكن أن يستوحيها لرواياته. من المعروضات أيضا نجد المقعد الذي كان يجلس عليه في مكتبة في شارع ولينغتون حيث مقر مجلة «أول يير راوند» وهو نفس الكرسي الذي جلس عليه ابنه عندما تولى تجرير المجلة بعد وفاة والده.
وفي قلب المعرض أعداد من الصحيفة الشهرية «أول يير راوند» التي أسسها ديكنز في عام 1859 والتي تعكس نجاح الروائي في تحويل المقالات الصحافية إلى حملات ناشطة ثم إلى أدب مقروء.
خلال عمله كمحرر قام ديكنز بنشر مقالات من دون اسم كتبها متعاونون مع الصحيفة وظلت هوية هؤلاء الكتاب مجهولة رغم محاولات الباحثين لإثبات أيا منها. وفي عام 2014 اكتشف دكتور جيريمي باروت أسماء كتاب تلك المقالات مسجلة في عدد من المجلدات التي لم تعرض من قبل. ويضم «الشبح القلق» بعض تلك الصفحات التي تفصح عن شخصيات وأسماء الكتاب الذين ظلوا مجهولين لأكثر من مائة عام وقام ديكنز بمنحهم الفرصة للكتابة عن بعض أهم وأدق القضايا في ذلك الوقت.
وعلى الحائط بجانب المقعد المهترئ نجد ملصقا ضخما يشير لإحدى اللقاءات التي كان يعقدها ديكنز بشكل منتظم لقراءة حلقات من رواياته. وكان المعروف عن الروائي أنه ينشر رواياته على حلقات في المجلة ثم يقوم بإلقاء الحلقات بأسلوب درامي على خشبة المسرح. وهو ما يمكن أن نتخيله عندما ننظر إلى المنصة التي كان يستند عليها بينما يقرأ رواياته، والموجودة أيضا في المعرض ويضيف درو مشيرا للملصق: «شهدت شوارع لندن وأعمدة الإضاءة فيها آلاف النسخ من تلك الملصقات التي تعلن عن حفلات القراءة التي يقدمها ديكنز».
الروائي القلق والصحافي المهموم
يشير البروفسور درو إلى أن ديكنز كان شخصا قلقا ومهموما وهو ما يمكن استنباطه من حياته الشخصية وزواجه الفاشل، ولكن درو يرى أيضا أن ديكنز نجح في تحويل ذلك الهم والحزن إلى وقود لرواياته ولحملاته الصحافية. ويستند درو إلى ما ذكره جون فورستر صديق ديكنز في السيرة الذاتية التي كتبها عنه، ونشرت بعد وفاة ديكنز بعامين، حيث أشار إلى أن عائلة ديكنز طردت من منزلها وتم إيداع أفرادها في سجن خاص بالمدينين في لندن، واضطر الطفل ديكنز للعمل اليدوي ليعول نفسه. يرى درو أن ديكنز تعاطف مع الشخصيات المطحونة وتحديدا الأطفال الذين يتم استغلالهم في العمل الشاق أو في تحويلهم لمجرمين، وتفهم انحرافهم قائلا لنفسه إنه كان محظوظا في طفولته لتفاديه مثل هذا المصير. ولعل ذلك الشعور أيضا كان وراء اهتمام الصحافي ديكنز بشخصيات اللصوص والمشردين.
في أثناء تجوالنا في المنزل وعلى الحائط أعلى الدرج يشير درو إلى ملصقات تعكس لقطات من كتابات ديكنز وحملاته الصحافية الشهيرة، ويضيف: «أعتقد أنه من العدل أن نقول إنه إذا لم يكتب ديكنز روائعه الروائية مثل (بيكويك بيبرز) و(أوليفر تويست)، فإن عمله الصحافي كان سيكون الأبرز في القرن التاسع عشر. رغم أن الصيغة التي فضلها لرواياته وهي كتابتها على حلقات مسلسلة، أيضا كان قريبا من التحقيقات الصحافية».
في الغرفة الأخيرة تعرض أعداد من المجلات التي حررها ديكنز وتوزعت حسب القضايا التي كان الروائي يدافع عنها مثل: السكن والمشردين، وبائعات الهوى والسجون وأحوالها، المدارس والعمال. يضيف درو أن ديكنز لم يكتف بنشر التحقيقات حول القضايا التي تؤرقه بل إنه أيضا قام بمحاولة وضع الحلول لها، مثل اهتمامه بقضايا الفتيات الساقطات حيث قام مع إحدى سيدات المجتمع بشراء منزل في حي شيبردز بوش وخصصه لبائعات الهوى التائبات، وكان مهتما لدرجة أنه اختار المفروشات بنفسه وأعد جدولا لإصلاحهن وتقويم سلوكهن والخطوة التالية كانت في إرسال من تصلح من نفسها منهن إلى أستراليا، حيث يمكنها بداية حياة جديدة بعيدا عن المجتمع الذي شهد سقوطها.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.