القوارب الخشبية الصغيرة تعطي «قبلة الحياة» لصناعة السفن في مصر

«أبو شنب» يصنع منها تحفا فنية تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم

رضا أبو شنب أمام ورشة صناعة السفن واليخوت في حي بحري
رضا أبو شنب أمام ورشة صناعة السفن واليخوت في حي بحري
TT

القوارب الخشبية الصغيرة تعطي «قبلة الحياة» لصناعة السفن في مصر

رضا أبو شنب أمام ورشة صناعة السفن واليخوت في حي بحري
رضا أبو شنب أمام ورشة صناعة السفن واليخوت في حي بحري

في كل مدينة نزورها حول العالم نبحث عن هدية تذكارية مميزة تنفرد بها تلك المدينة، وبالطبع أروعها على الإطلاق منتجات الصناعة اليدوية، في حي بحري بالإسكندرية تقاوم صناعة القوارب الخشبية الصغيرة حالة الركود التي تعاني منها صناعة اليخوت والسفن فخلقت سوقا ورواجا كبيرا كهدايا تذكارية وتحف متقنة الصنع، وأصبحت تجذب السياح وأبناء المدينة المهاجرين وأحفاد الجاليات الأجنبية التي غادرت الإسكندرية منتصف القرن الماضي.
بالقرب من قلعة قايتباي الأثرية يلفت الأنظار معرض فريد من نوعه لنماذج السفن واليخوت والقوارب المصغرة المصنوعة يدويا إلى جانب ديكورات السفن سواء كان الهلب البحري أو شباك الصيد أو مقود السفن الخشبي أو أصدافا بحرية بأحجام مختلفة، تقف أمامه السيارات الفارهة والدبلوماسية وأتوبيسات السياحة لشراء الهدايا التذكارية.
وفي أحد الأكواخ الخشبية القابعة على شاطئ الأنفوشي بحي بحري، يستغرق المهندس رضا أبو شنب أشهر صانع للقوارب الخشبية بالإسكندرية، في نحت الأخشاب ونشرها بحرفية ودقة عالية، كفنان في مرسمه وحوله عشرات النماذج التي تحتاج للمسة النهائية في انتظار عرضها لعشاقها في معرضه أمام قلعة قايتباي.
«هذه مهنتي أبا عن جد وقد عرفت عائلتنا بها على مستوى العالم» هكذا بدأ المهندس رضا أبو شنب حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار مهنة صناعة القوارب الخشبية الصغيرة، قائلا: «في الأساس اشتهرت عائلة أبو شنب بتصنيع اليخوت والسفن الكبيرة، ولكن الركود الذي ضرب هذه الصناعة بدأ قبل ثورة يناير، فاتجهت لصناعة القوارب واليخوت المصغرة للديكور».
يطوع أبو شنب الأخشاب ليصنع منها تحفا خشبية مثيرة للإعجاب ونماذج متقنة للسفن التاريخية القديمة، فهو يتقن هذه الحرفة منذ أكثر من 30 عاما ويبدع في تشكيل السفن الشراعية التي تعود للقرن السابع عشر والسفن الفرعونية القديمة بتفاصيلها الكثيرة التي يجسدها بأنامله متسلحا بالصبر والشغف وعشق البحر منذ طفولته، ما جعله يتخصص في دراسة الهندسة البحرية، لكنه حول الهواية إلى وسيلة لكسب الرزق بعد ركود صناعة اليخوت التي كانت مورد دخل للعائلة منذ عشرات السنين.
تعتبر منطقة تصنيع اليخوت والسفن بالإسكندرية منطقة تاريخية وأثرية وتعتبر من معالمها التي يعود عهدها إلى عهد محمد علي باشا أي أكثر من 200 عام حينما أسس ترسانة بحرية لتصنيع السفن الحربية، بل وربما يعود عهدها إلى زمن تأسيس الإسكندر المقدوني للمدينة حيث كان أهلها يعلمون بالصيد قبل الميلاد بقرون كثيرة.
«الترخيص لليخت كشهادة ميلاد الطفل» يقول أبو شنب ملقيا نظرة حزينة على اليخوت المتراصة على الشاطئ كأطفال لقيطة لا تجد من يحتويها «الحكومة لا تسمح بتراخيص صناعة اليخوت حاليا لهذا هناك حالة ركود كبيرة» يشير بيديه نحو الشاطئ: «هذا شغل بملايين الجنيهات وينتظر مصيره منذ 6 سنوات، هذه سفن ويخوت تم التعاقد عليها مع الزبائن ولكن الظروف السياسية التي تمر بها البلاد العربية منذ عام 2011 أدت لعدم إمكانية نقلها إلى المتعاقدين، فهذه سفن ليبية وأخرى سورية وقف حالها».
ويلفت إلى أن صناعته تبدأ بالاتفاق مع الزبون على المواصفات ثم يبدأ تصنيع السفينة أو اليخت من لا شيء حتى يخرج في شكله النهائي الفخم.
ولم يكتف أبو شنب بعمل نماذج من السفن تصلح كأنتيكات أو تحف فنية، بل اتجه لتصنيع مشروعات التخرج لطلاب كليات الهندسة البحرية والأكاديمية العربية للنقل البحري، فقد انتهى لتوه من تصنيع سفينة حفار للكشف عن البترول، وسفينة بضائع.
كما يستخدم أنواعا مختلفة من الأخشاب المحلية والمستوردة منها الخشب السويدي والموجنو أو خشب التيك وأيضا أنواع أخرى حسب طلب الزبون. وتبدأ أسعار السفن المصغرة من 50 جنيها (4 دولارات تقريبا) للسفن الصغيرة وحتى 5 آلاف جنيه (300 دولار) وهي أسعار تعتبر زهيدة مقارنة بالجهد والتعب الذي يبذله أبو شنب أو مساعدوه في تصنيع كل قطعة، يقول: «صناعة القوارب شغف وليست مهنة بالنسبة لي، وقد تعلمنا أن كل عمل يصاحبه الشغف لا بد أن ينجح» يستكمل مبتسما: «هذه الورشة أخصص كل نتاجها للبيع، أما ورشتي الأخرى أمام القلعة هي ورشة (المزاج) أقوم فيها بتصميم الماكيتات وكل نتاجها أقوم بإهدائه وليس بيعه».
يبدأ رضا أبو شنب يومه في السادسة صباحا ويتواجد بورشته في تمام السابعة وينتهي يومه في السادسة مساء أو مع غروب الشمس. تستغرق صناعة المركب الواحد نصف يوم، لكنه لا يعمل في مركب واحد فقط بل في نحو 20 قطعة حيث يقوم بنحت الشكل الأساسي للمركب ويساعده عدد من الصناع في تجهيزه وتلميعه وتركيب الحلي والسلالم دهان المجسم، وتعود النماذج إليه مرة أخرى لشد الصاري والحبال.
«لا يوجد شكل لسفينة فرعونية أو مصرية أو سويدية أو إنجليزية لم أصنعه»، يروي أبو شنب عن أطرف موقف تعرض له عقب تنفيذ نموذج لمركب فرعوني لحفل مصري كبير في فرنسا، ويقول: «صممت المركب الفرعوني على طراز مراكب الشمس ووضعت نماذج لركاب من التماثيل الفرعونية وفي المطار لم يسمحوا بخروجها فقد ظنوا أنها قطعة أثرية لدقة صنعها، وطلبوا مني شهادة بأنني قمت بتصنيعها وأختام وإجراءات وبعد يومين سمحوا بسفرها لفرنسا».
ويقول بفخر شديد: «زارني مشاهير العالم وسياح من كل مكان من أشهر زبائني حسام أبو الفتوح والفنان عزت أبو عوف، اللواء عبد السلام المحجوب، ورئيس الجالية اليونانية، والسفير اليوناني يأتي إلي في كل زيارة له للإسكندرية». ويضيف: «أدين بالفضل للسيدة بريجيت، المسؤولة عن نادي البحارة الألماني بالإسكندرية، وكانت تصطحب كبار الزوار الألمان لزيارة الورشة وشراء الهدايا التذكارية».
ورغم وجود تضييق كبير من الدولة على صناعة السفن والصيد عموما في الإسكندرية فإن الكثير من صناع السفن يرفضون عروض السفر للخارج، إذ يقول أبو شنب: «احنا زي السمك منحبش نطلع بره»، ويضيف: «تلقيت عروضا كثيرة ومغرية جدا للسفر للخارج لكن لدي إصرار لاستكمال حرفة أجدادي».
ويؤكد «هنا تخرج جميع صناع السفن في شتى أنحاء مصر من رشيد والسويس وبورسعيد، ومؤخرا تعلم على يدي طلاب أميركان كانوا يدرسون بمصر، وطلبوا مني أن أعلمهم صناعة السفن الصغيرة فوافقت على أن أعلمهم كل يوم لمدة ساعتين، وجدت لديهم شغفا كبيرا للعمل بأيديهم، وبالفعل قاموا بتأسيس غاليري لصناعة السفن في أميركا وهم على تواصل معي وجدت لديهم شغفا بهذه الصناعة لم أجده عند الكثير من شباب حي بحري، للأسف الشباب المصري لا يرغب في العمل بيديه».
وأخيرا، يتمنى رضا أبو شنب تطوير هذه الحرفة كأحد أهم مشروعات الصناعات الصغيرة التي تتميز بها مصر، ويطمح في المستقبل أن يستغل المساحة الموجودة أمام ورشته في حي بحري لتعليم صناعة السفن والقوارب الصغيرة للشباب والشابات آملا في أن تساهم الحكومة بدعم هذه الصناعة وأن تستغل المنطقة سياحيا.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.