شخوص جياكوميتي الطويلة ومنحوتاته الدقيقة في معرض لندني

250 قطعة من أعمال الفنان السويسري في متحف «تيت مودرن»

جانب من معرض ألبرتو جياكوميتي بمتحف تيت مودرن بلندن
جانب من معرض ألبرتو جياكوميتي بمتحف تيت مودرن بلندن
TT

شخوص جياكوميتي الطويلة ومنحوتاته الدقيقة في معرض لندني

جانب من معرض ألبرتو جياكوميتي بمتحف تيت مودرن بلندن
جانب من معرض ألبرتو جياكوميتي بمتحف تيت مودرن بلندن

أشخاص طويلة، مبالغ في طولها ونحيفة جدا، بعضها يتخذ وضع المشي وآخر يقف بقامة طويلة وحيدة، منها من اجتمع مع آخرين ومنها ما ظل واقفا وحيدا. تلك منحوتات الفنان السويسري ألبرتو جياكوميتي والتي تعرض في معرض ضخم لأعماله في متحف «تيت مودرن» بلندن انطلق أول من أمس ويستمر حتى شهر سبتمبر (أيلول) القادم. يضم المعرض مجموعة ضخمة من القطع المختلفة التي تسرد تاريخ الفنان منذ العشرينات من القرن الماضي وحتى الستينات وتتوزع على ثماني غرف، كل غرفة تبدأ باقتباس من الفنان يلخص فلسفته وتطور أسلوبه الفني.
في الغرفة الأولى والتي خصصت لعدد ضخم من المنحوتات تمثل رؤوس أشخاص مختلفين، بعضها يمثل شخصيات قريبة من الفنان مثل شقيقه دييغو وزوجته أنيت وبعض أصدقائه مثل الكاتبة والمفكرة الفرنسية سيمون دو بوفوار، بعضهم جلس أمامه أثناء عمله وفي الحالات الأخرى نحت جياكوميتي رؤوسهم معتمدا على ذاكرته. ليس صدفة أن تنال الرأس اهتمام الفنان فهو مهتم بالوجه البشري وتعبيراته وخاصة بالعين، وهو اهتمام أكده الفنان عندما قال: «عندما ننظر للوجه البشري، يتجه اهتمامنا دائما للعيون، هناك شيء خاص يميزها».
الغرفة الثانية تأخذنا لاتجاه مختلف، فليس هناك أشكال محددة للمنحوتات، إنها تلك الفترة في عشرينات القرن الماضي التي اتجه فيها الفنان للأسلوب التجريدي، وصف الفنان أعمال هذه المرحلة بقوله: «هي أعمال ممتعة قضيت وقتا جميلا في تكوينها. لا أعرف ما العمل التالي ولا كيف سيكون وهذا إحساس جميل».
اتجه جياكوميتي لمجال التصاميم التزينية «الديكور» والقطع التي تخاطب الحاجة لتزيين المنزل، ليكسب المال، وفي خزانه ضخمة بالقاعة الثالثة من المعرض نجد بعض تلك القطع، مثال مشجب صغير يحمل رأسا منحوتا من الخشب، أو قاعدة مصباح وتمثالين من البرونز يمثلان أما وابنها، وهي قطع لاقت نجاحا تجاريا وفنيا أيضا واحتلت صفحات مجلات الأناقة والديكور أمثال «فوغ» و«هاربرز بازار».
في الأربعينات عاد جياكوميتي إلى جنيف وظل هناك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي تلك الفترة تحول الفنان لأساليب فنية جديدة وبدأ في إنتاج المنحوتات المصغرة، ويضم المعرض مجموعة منها، تلفت الأنظار بدقة حجمها ومدى التأثير الذي تتركه لدى الزائر. يمكننا تمييز الأشخاص الواقفين أو التماثيل النصفية التي لا تتجاوز النصف سنتيمتر في حجمها. وهنا نرى مقولة للفنان حول ذلك التوجه: «عندما تصنع قطعا لا يتجاوز طولها نصف سنتيمتر فإنك ستصل لإحساس عميق بالكون قد لا تصل إليه إذا حاولت رسم السماء». تبدو تلك الشخوص الدقيقة وكأنها محاولة لرؤية أشخاص بعيدين وهو ما ألهم الفنان «أردت أن أصنع تمثالا لامرأة يجسد صورتها كما رأيتها من مسافة بعيدة».
غير أن المنحوتات الصغيرة سرعان ما تترك مكانها للقطع التي أصبحت تميز أعمال جياكوميتي وهي الأشخاص المطولة والنحيفة والتي تعكس اهتمامه بنقل مشاعر الوحدة والبحث عن الذات واليأس التي سادت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ويضم المعرض أشهر تلك التماثيل مثل «الرجل الذي يسقط» و«الرجل السائر» و«رجل يشير بيده» إلى جانب عدد من اللوحات المرسومة التي تمثل شخوصه جالسين وكأنهم التماثيل المطولة قد انتقلت إلى رقعة الرسم تحملق بعيون مفتوحة على فراغ وإحباط.
يتطرق المعرض أيضا إلى تأثير الفن الأفريقي والفن المصري القديم على منحوتات جياكوميتي ويعرض ذلك عبر قطع فائقة الإبداع مثل «العربة» و«القناع». ويبقى للمعرض أنه أوضح هذا الجانب من الفنان الذي خلط التقاليد الفنية المختلفة ما بين القديم والحديث وكسر كل الحواجز بينها كما أزالها من بين الفن الرفيع والفن الزخرفي.
المعرض يعد الأكبر للفنان في بريطانيا ويقدم للجمهور ألبرتو جياكوميتي النحات والرسام ويضعه في مصاف نحاتين ورسامين آخرين من القرن العشرين مثل بيكاسو وديغا وماتيس. ومن خلال 250 عملا هناك أعمال لم تظهر للجمهور كثيرا وغيرها لم تعرض من قبل كاللوحات والتماثيل المصنوعة من الجص، يستعرض المعرض تطور ألبرتو جياكوميتي عبر خمسة عقود.

* معرض ألبرتو جياكوميتي في متحف تيت مودرن لندن من 9 مايو وحتى 10 سبتمبر



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.