فيلم أخير للنجم الفرنسي آلان ديلون قبل الاعتزال

تشاركه البطولة جولييت بينوش

أثناء تكريمه في مهرجان للأفلام البوليسية في لييج ببلجيكا  -  ديلون ورومي شنايدر وزهو الصبا
أثناء تكريمه في مهرجان للأفلام البوليسية في لييج ببلجيكا - ديلون ورومي شنايدر وزهو الصبا
TT

فيلم أخير للنجم الفرنسي آلان ديلون قبل الاعتزال

أثناء تكريمه في مهرجان للأفلام البوليسية في لييج ببلجيكا  -  ديلون ورومي شنايدر وزهو الصبا
أثناء تكريمه في مهرجان للأفلام البوليسية في لييج ببلجيكا - ديلون ورومي شنايدر وزهو الصبا

في سن الحادية والثمانين، أعلن الممثل الفرنسي المعروف آلان ديلون أنه سيعتزل السينما بعد إنهائه فيلماً أخيراً تشاركه بطولته جولييت بينوش. جاء تصريح ديلون أثناء حفل لتكريمه جرى في مهرجان الأفلام البوليسية يقام، حاليًا، في مدينة لييج البلجيكية.
ولم يظهر ديلون في أي فيلم خلال السنوات العشر الأخيرة. وكان آخر دور له هو يوليوس قيصر في الفيلم الفكاهي «استيريكس في الألعاب الأولمبية». وكان بريق نجوميته قد تراجع بعد أن ظل متربعاً لأربعين عاماٍ على عرش البطولات السينمائية مسجلاً رصيداً بلغ 80 فيلماً، عمل فيها مع معظم مخرجي زمانه، عدا أدواره في المسرح والتلفزيون. وكانت شهرة النجم الوسيم قد تجاوزت فرنسا واستدعته هوليوود للمشاركة في أفلام مع ممثلين عالميين، أبرزها «الرولزرويس الصفراء» أمام شيرلي مكلين. كما كانت له أدوار لا تنسى مع الإيطالية كلوديا كاردينالي والنمسوية الراحلة رومي شنايدر.
عن فيلمه الأخير، لم يفصح ديلون بمعلومات تفصيلية سوى أنه يتناول قصة حب بين رجل يشبهه في السن وامرأة خمسينية يلتقيها بشكل عابر. وكانت البطولة النسائية مقررة للممثلة صوفي مارسو لكن يبدو أنها لا تناسب الممثل العجوز، واستبدلت بها جولييت بينوش التي وصفها ديلون بأنها رائعة وبأنه يشعر بالمتعة للعمل معها. وفي حين غاب هو عن الشاشة لعقد من الزمن فإن بينوش واصلت التألق وحصد النجاح في السنوات الأخيرة، ولها فيلمان يعرضان حالياً على الشاشات الفرنسية هما «شبح في صدفة» و«هكذا أمّ... هكذا بنت»، وهو عنوان يمكن ترجمته إلى العربية بشكل أفضل: «طب الجرة على تمها تطلع البنت لأمها».
وصدرت عن ديلون عشرات الكتب التي صورته كأيقونة فرنسية، آخرها سيرة بقلم ستيفان غيبورجيه بعنوان «أن تكبر مع أفلام ديلون». جاء فيها أن الأيقونات تتقدم في السن أيضاً. وهو لم يكتف بالتوقف عند أفلام المطاردات والعصابات التي نافس فيها ديلون زميله اللدود جان بول بلموندو، بل عند أفلام من النوع الثقيل التي أدى فيها أدواراً تعكس موهبة حقيقية، مثل «الفهد» و«ريكو وأشقائه» و«مسيو كلاين» و«المسبح». كما توسع في الحديث عن الحنين الذي يشعر به الممثل إلى سنواته قبل النجومية وفترة خدمته العسكرية التي أمضاها في مستعمرات فرنسا في الهند الصينية.
تزوج ديلون، في شبابه، من الممثلة نتالي ديلون التي كانت في الثالثة والعشرين من العمر، أي أصغر منه بست سنوات، وأنجب منها ابنه أنطوني. كما تزوج عارضة الأزياء روزالي فان بريمان التي رزق منها بولد وبنت: آلان فابيان وأنوشكا. وقبل ثلاث سنوات ظهر على المسرح في عرض ثنائي لمسرحية «يوم عادي» مع ابنته التي صارت شابة. وإلى جانب زوجتيه ارتبط الممثل بقصص حب كثيرة أشهرها مع رومي شنايدر ومع الممثلة الفرنسية ميراي دارك. كما صرحت النجمة المعتزلة بريجيت باردو، مؤخراً، بأنها مرت بمغامرة مع النجم الذي كان موازياً لها في الشهرة خلال ستينات القرن الماضي وسبعيناته.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».