إقليم إيبيروس وسط اليونان شاهد على سحر الطبيعة والغابات العذراء

المشي وامتطاء الخيل وزيارة الكهوف هروبا من ضوضاء المدن

البحيرات بين الجبال  -  جمال الطبيعة في اليونان
البحيرات بين الجبال - جمال الطبيعة في اليونان
TT

إقليم إيبيروس وسط اليونان شاهد على سحر الطبيعة والغابات العذراء

البحيرات بين الجبال  -  جمال الطبيعة في اليونان
البحيرات بين الجبال - جمال الطبيعة في اليونان

إن كنت ترغب في أخذ قسط من الراحة في حياتك اليومية بعيدا عن ضوضاء المدن الكبرى، وإن كنت تتطلع إلى أن تكون على اتصال مع الطبيعة، فعليك الذهاب في نزهات طويلة سيرا على الأقدام عبر الممرات الضيقة أو بالسباحة في بركة صخرية والمتوافرة هنا في اليونان، وإن كنت ترغب في أن تستمتع بروعة الطبيعة في حديقة وطنية عامة وتشاهد العالم من علو شاهق، فعليك أن تستمتع بما يطلق عليها السياحة البديلة في اليونان، وعليك أن تختار إقامتك في مجمع صغير يجاري الطبيعة والبيئة، ويدعوك للمشاركة في مجموعة من الأنشطة مثل تسلق الجبال وركوب البحر والأمواج ودخول الكهوف وركوب الخيل.
ويتيح لك إقليم إيبيروس وسط اليونان، مشاهدة جمال الطبيعة والغابات العذراء بشكل لا يضاهي، حيث فيها الأنهار التي تخترق الجسور المقوسة مزينة بقرى مبنية من الحجر بانسجام تام مع خلفية الطبيعة، فهذه المنطقة نجحت في الإبقاء على جمالها وتوازنها البيئي في واحدة من المناطق التي منحتها الطبيعة في أغنى مناطق اليونان، فإذا حضرت إلى هنا فسوف تستطيع أن تذهب للاستحمام في أحواض طبيعية في منطقتي بابينغو أو فويدوماتي وتتسلق في داركوليمني الألبية (بحيرة دراجونس)، وتتنزه في فيكوس جورجي مع صخورها التي تشكلت بأسلوب رائع، وتمارس رياضة ركوب الطوافات في أراكثوس، وتستطيع أن تركب وحيدا طوافي فويدوماثي وكياكانغ في أوس، فهذه الجولة ستكون أول رفقة لك للطبيعة في جو من الجمال الذي لا يوصف المليء بالمفاجآت.
كما يمكن للزائر أن يتمتع بحديقة بندوس الوطنية ذات الـ12 هكتارا والتي تتضمن منطقتين مهمتين محميتين، هما فاليا كالدا وفيكوس جورجي، ذات الغابات الكثيفة المليئة بأشجار البلوط التي تتيح ملجأ للدببة والذئاب والسنونو والثعالب والغنم البري، ويعتبر نهر أوس بمجراه الذي يمتد إلى 68 كيلومترا، نوعا من الأنهار البرية التي تحتوي على أنواع نادرة من الحيوانات، ونحو 1750 نوعا من النباتات، وكذلك المناظر الخلابة، وفي وديانه طيور كثيرة من الأنواع الجارحة، بينما هناك في مياهه المتدفقة أنواع نادرة من الأسماك مثل سمك السلمون. وفي منطقة كزنكونيتسا هنالك أماكن للرياضة، حيث يعقد لقاء إفالوس في كل ربيع وهو أكبر حدث لرياضات المغامرة حيث يصل المتسابقون من جميع أنحاء اليونان ومن الخارج.
ومنذ سنوات، قامت شركات كثيرة باكتشاف سياحة بديلة من المغامرة في اليونان تتيح لكل قمة في الريف فرصة لتسلق الجبال وركوب الدراجات الهوائية في الجبال أو رحلات بعربة الثيران.
أما بالنسبة لرياضة الماء بقوارب من الطوافات والزوارق، فهنالك أنهار إيبريروس واركادي وأفريتانيا وماسيدونيا وتريس وتريكالا ونافباكثيا. أما في بحيرة بلاستيرا فهنالك كل الرياضات المائية والبرية بما في ذلك ركوب الدراجات الهوائية وبإمكانك أن تركب زورق التجديف على سطح بحيرة بريسبا الكبيرة وكاستوريا، كما تعتبر منطقة بيلو مثالية لركوب الخيل، ومنطقة كورفو لرياضة الغوص.
كما تعتبر رياضة أو هواية ركوب الخيل فرصة لاكتشاف مناظر مذهلة أثبتت بجدارة أنها رياضة وسياحة مذهلة، حيث تعتبر نوعا مميزا من أنواع السياحة حازت على استحسان القادمين إلى اليونان في الآونة الأخيرة.
وتعتبر سياحة ركوب الخيل طريقة مناسبة لاكتشاف مناظر مذهلة وممرات في الطبيعة اليونانية، والتي لم يستطع أن يصل إليها الإنسان بالسيارات ووسائل المواصلات الأخرى، ففي نيمفايو يستطيع الزائر راكب الخيل في أن يخوض بفرسه في الغابات في واحد من الأندية الـ18 لركوب الخيل في منطقتي فلورينا ونيمفايو، هذا وتنظم مدرسة ركوب الخيل في بيرتولي بالقرب من تريكالا رحلات في الغابات الكثيفة، ويمكنك أن تركب الخيل عبر المرور بمنطقة يرتوليوتيكا السحرية، كما يوجد هناك ممرات عبر بحيرة بلاستيرا حيث يستطيع السائح أن يركب الخيل من كيراسيا بالقرب من كارديتسا، وهناك مقاطعة إيلايون في أركادي وهي مضافة سياحية خضراء رائعة تتم فيها النزهات في الريف، وفي إيبيروس هنالك مزرعة هيبوستروث بخيولها الأندلسية في كاستانوخوريا (فريق قرى الكستناء) في لاذاينا.
وتوجد مدرسة ركوب الخيول في أرض الخيول في منطقة القديس أثناسيوس بالقرب من بيلا، وفي مقاطعة كيدروس (لأشجار الأرز) في قرية أدروميري القريبة من ثيسالونيكي شمال اليونان. وفي بيليو تجتاز شواطئ محاذية للجبال من مزرعة كنتوروس، وتجد نفسك في أحضان غابة كثيفة من الكستناء وأشجار صغيرة وسط ممرات تجري فيها جداول مائية جريانا سريعا أسفل جسور قديمة.
أما التجول في الكهوف.. فهي أيضا سياحة مثيرة تصحبها رغبة الاكتشاف. الجبال والتلال تملأ اليونان عن آخرها، وعلى الرغم من الكسوة الخضراء والتي تعطيها جمالا مميزا، تنتشر فيها الكهوف العميقة، وبما أن الكهوف تعرف باختبائها في وعاء داخل الأرض أو الجبال فتجد هنالك الإثارة والدهشة في الصواعد والنوازل والمغارات والحيرات داخل هذه الكهوف، وأن سياحة زيارة الكهوف تشكل مغامرة مثيرة حيث تصاحبها رغبة في الاكتشاف.
هنا في اليونان يوجد نحو 70 كهفا مفتوحا للزوار من كل الأعمار، ومحبي هذه السياحة يستطيعون أن يقضوا عطلاتهم حول الكهوف وكل ما تحتاجه هو خوذة وشعلة ذات ضوء شديد، سواء أكنت خبيرا أم مبتدئا، وأنصحك أن تجرب وقتك في كهف درونجوراتي في كيفالونيا أو في كهف ميليساني، وفي الجزر الواقعة غرب اليونان هنالك سلسلة من الكهوف البحرية المذهلة، منها كهف بابانيكولي في ميجانيس فوق ليفكادا وكهف هومر في نيمفيس في إيثاكا أو كهوف باكسوي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».