حكمتيار... رجل التحالفات المتناقضة

عودة «زعيم الحرب» إلى كابل محطة مفصلية في الصراع الأفغاني

حكمتيار... رجل التحالفات المتناقضة
TT

حكمتيار... رجل التحالفات المتناقضة

حكمتيار... رجل التحالفات المتناقضة

عاد قلب الدين حكمتيار، أحد قادة المجاهدين في أفغانستان، أخيراً إلى العاصمة الأفغانية كابل للمرة الأولى بعد أكثر من 20 سنة. وجاءت عودة زعيم الحرب وقائد «الحزب الإسلامي» في أعقاب توقيعه على اتفاق سلام مع الحكومة قبل ثمانية أشهر. ولقد التقى حكمتيار، الذي وصل إلى كابل في موكب تحيطه حماية محكمة، بالرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زي، وسبق ذلك إطلاق الحكومة سراح 55 عنصراً على الأقل من عناصر «الحزب الإسلامي» من سجونها. يرى مراقبون أن عودة حكمتيار تعني دخوله من جديد الحياة السياسية الأفغانية بعد 20 سنة من الغياب. ويذكر أنه كان قد اتهم بلعب دور رئيسي في الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل الآلاف في كابل، وأدت إلى إلحاق دمار كبير في المدينة. وكان حكمتيار، الذي أزيل اسمه مؤخراً من قائمة الأمم المتحدة الخاصة بالإرهاب، لأول مرة بعد غيابه أمام مؤيديه في مدينة لغمان، ثم ظهر وسط أنصاره في مدينة جلال آباد عاصمة إقليم ننغرهار، شرق كابل، وذلك قبل أن يتجه إلى العاصمة. ولقد رحبت كل من الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بعودته للحياة السياسية في أفغانستان، لكونهما تعتبران ذلك بشيراً لنجاح اتفاق السلام مع حركة طالبان التي تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد.
ولد قلب الدين حكمتيار، القيادي السياسي والعسكري الأفغاني الذي اشتهر إبان قتال المجاهدين الأفغان ضد القوات السوفياتية قبل بضعة عقود، عام 1947 على بعد 12 كلم تقريباً من نهر جيحون - الذي يعرف أيضاً بنهر آموداريا - الذي يفصل حدود أفغانستان عن الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى. وهو ابن قرية من قرى مديرية إمام صاحب التابعة لولاية قندُز، بشمال شرقي البلاد. وفي عام مولده كانت أسرته قد هاجرت من ولاية غزني، الواقعة جنوب كابل، لتحط رحالها في قندُز.
في تلك القرية الفقيرة عاش حكمتيار وسط أسرة متواضعة، وترعرع فيها وهو يشارك أباه ولعه بالصيد. ثم التحق بإحدى المدارس الابتدائية، وتحوّل فيما بعد إلى مدرسة شيرخان الثانوية، وبعد تخرّجه فيها التحق بكلية الهندسة في جامعة كابل عام 1969. غير أنه لم يتمكن من إكمال الدراسة الجامعية. والسبب أنه تعرّف في جامعة كابل على شباب التيار الإسلامي، وسرعان ما أصبح عضواً ناشطاً في أوساطهم. وبعدها اعتقل عام 1971 وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين بتهمة قتل أحد الطلبة الشيوعيين في إحدى المظاهرات لكنه استطاع الفرار والهجرة إلى باكستان عام 1974.
تأثر قلب الدين حكمتيار بالجو الذي كان يعيشه التيار الإسلامي الناشئ في بداية الستينات بوصفه رد فعل على الحركة الشيوعية والتوجهات الاشتراكية التي ازداد تأثيرها داخل المجتمع الأفغاني في عهد الملك السابق محمد ظاهر شاه ورئيس وزرائه محمد داود خان. وكانت قد تألفت بعض التشكيلات الإسلامية لمناهضة المد الشيوعي وظهرت أولى الحركات النشطة مثل «الشباب المسلم» و«جمعية خدام الفرقان»، ثم «الجمعية الإسلامية»، التي تعد أقدم التشكيلات الإسلامية، فواجهها رئيس الوزراء – يومذاك - محمد داود بإجراءات تعسفية نجم عنها مقتل عدد كبير من قادة «الجمعية الإسلامية» واعتقال آخرين.
بعد ذلك قاد محمد داود انقلاباً سياسيا على الملك محمد ظاهر شاه أثناء زيارة كان يقوم بها الأخير في أوروبا خلال يوليو (تموز) 1973. وبعد نجاح الانقلاب، أعلن محمد داود إلغاء الملكية والاستعاضة عنها بنظام جمهوري، كذلك شدد قمعه للجماعات والتنظيمات الإسلامية فألقى القبض على عدد كبير من قادتها مثل عبد رب الرسول سياف والدكتور محمد خان نيازي وآخرين كثر.
وحينما تولى القيادي اليساري نور محمد تاراكي الحكم بعد انقلاب دموي قتل فيه محمد داود عام 1978 أمر تاراكي بتصفية جميع المعتقلين السياسيين من أعضاء «الجمعية الإسلامية»، فقتل الدكتور محمد نيازي ومعه عدد من تلاميذه في عام 1977. في حين نجا من هذه المذبحة سياف الذي خرج من السجن إبان عهد الرئيس الأفغاني الأسبق (اليساري أيضاً) بابرك كارمل عام 1979.
في هذه الأثناء، في عهد الجنرال ضياء الحق، قدّمت باكستان التي كانت تخشى المد الشيوعي القادم من أفغانستان دعمها للإسلاميين الأفغان، وكان قلب الدين حكمتيار يدها النافذة داخل أفغانستان. وبالتالي، كان يحصل على النصيب الأوفر من المساعدات المقدمة من إسلام آباد للمجاهدين آنذاك، وبالأخص، بعد مقتل والده واثنين من إخوته في سجون كابل في أعقاب تولّي الشيوعيين السلطة في أفغانستان خلال أبريل (نيسان) 1978.

التحالف ثم الخلاف مع رباني
عام 1974، اتفق حكمتيار مع برهان الدين رباني على إعادة تنظيم «الجمعية الإسلامية» الأفغانية في منطقة بيشاور الباكستانية الحدودية، على أن يتولى رباني رئاسة «الجمعية» وشؤون العلاقات الخارجية، بينما يتولى حكمتيار الشؤون الداخلية والعسكرية. إلا أنه سرعان ما تفجرت الخلافات بين الرجلين وتفاقمت الأمور حتى خرج حكمتيار من «الجمعية» ليؤسس «الحزب الإسلامي».
أسّس حكمتيار «الحزب الإسلامي» عام 1976 وتميّز الحزب الجديد بالتنظيم الدقيق، ونجح في اجتذاب أتباع كثر، خاصة، شريحة الشباب في ولايات كابل وقندز وبغلان وننغرهار في شرق البلاد. غير أن التاريخ السياسي لحكمتيار اتسم بكثرة التحالفات والخلافات. فقد شارك مع فصائل المجاهدين في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي التي اندلعت بين عامي 1979 - 1989. وكان عضوا في «الاتحاد الإسلامي» الذي ترأسه عبد رب الرسول سياف في الفترة من 1983 - 1985 ثم شارك في «تحالف المنظمات السبع» واختير يوم 24 فبراير (شباط) 1989 وزيرا للخارجية في «حكومة المجاهدين» الأفغان إلا أنه جمد عضويته في الحكومة خلال شهر أغسطس (آب) 1989.
وسرعان ما اندلع القتال بين فصائل المجاهدين بعد دخولهم كابل. وتسبب ذلك القتال في عقد كثير من التحالفات والتراجع عنها، وكان حكمتيار في كل تلك التحولات عنصرا فاعلا، لكنه حافظ مع ذلك على خلافه مع ربّاني وزعيم الحرب الطاجيكي أحمد شاه مسعود حتى دخول حركة طالبان من العاصمة كابل. واليوم يعود حكمتيار إلى كابل للمرة الأولى بعد غياب طال أكثر من 20 سنة، وذلك في أعقاب توقيعه على اتفاق سلام مع السلطات الأفغانية قبل ثمانية أشهر.

«الحزب الإسلامي»... إلى أين؟
جدير بالذكر أن الحزب الإسلامي، الذي كان يقاتل ضد القوات الغربية بعد غزوها أفغانستان في 2001، لعب دوراً ثانوياً في الحركة المسلحة المناوئة للحكومة الأفغانية وحلفائها الغربيين خلال السنوات الأخيرة. كذلك تخلّى زعيمه حكمتيار عن معارضته الحكومة الأفغانية الحالية عندما وقع على اتفاق سلام معها في عام 2016، غير أن المزاج العام السائد في أوساط المسؤولين الأفغان يتسم بالتخوف من الدور الذي قد يضطلع به حكمتيار وأتباعه في حكومة أفغانستان الهشة أصلاً، ولا سيما، أنه لوحظت بوادر استياء لدى قادة عرقيات الطاجيك والأوزبك والهزارة من بعض تصريحات حكمتيار. وكان حكمتيار، الذي يبلغ من العمر اليوم نحو 70 سنة، قد أشار إلى أنه لا ينوي لعب دور ثانوي في الحياة السياسية في أفغانستان. وشكك في اتفاق تقاسم السلطة - الذي توسطت الولايات المتحدة في إبرامه - بين الرئيس أشرف غني أحمد زي ورئيس الهيئة التنفيذية عبد الله عبد الله بعد انتخابات مثيرة للجدل قبل سنتين.

متأثر بسيد قطب
فكرياً يعد قلب الدين حكمتيار من المتأثرين فكرياً وعقائدياً بحركة الإخوان المسلمين وأحد كبار قادتها سيد قطب. وعند بدء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان عام 1979 شرعت وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إيه) الأميركية بتمويل مجاهدي «الحزب الإسلامي» بواسطة الاستخبارات الباكستانية. وكان حكمتيار يقيم آنذاك في مخيمات اللاجئين في باكستان. وبعد ذلك، حصل حكمتيار على مساعدات من الدول العربية وباكستان والولايات المتحدة إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان. ثم عقب سقوط نظام حكم طالبان إثر الغزو الأميركي في عام 2001، توجه حكمتيار إلى باكستان، حيث قاد الميليشيا المسلحة التي شكلها حزبه في حملة ضد حكومة حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني السابق التي دعمه الأميركيون وحلفاؤهم الغربيون.
حكمتيار، الذي يقال إنه ارتبط بتعاون وثيق مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أوائل التسعينات، أعلن معارضته الغزو الأميركي عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، كما أنه انتقد باكستان لدعمها واشنطن. ورفض حكمتيار أيضاً الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الأمم المتحدة يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) 2001 في ألمانيا، الذي أسفر عن تشكيل أول حكومة أفغانية مؤقتة عقب الإطاحة بحكم حركة طالبان.

ضغوط وتهم... ثم عفو!
ونتيجة الضغوط التي مارستها حكومة كرزاي والإدارة الأميركية، أغلقت السلطات الإيرانية مكاتب «الحزب الإسلامي» في إيران وطردت الأخيرة حكمتيار من أراضيها. وكانت الولايات المتحدة تتهم حكمتيار بتشجيع مسلحي حركة طالبان على محاربة قوات التحالف داخل أفغانستان، كما أنه اتهم بالإعلان عن منح مكافآت لكل من يقتل الجنود الأميركيين.
ثم في 19 فبراير 2003 أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حكمتيار في قائمة الإرهابيين الدوليين. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2006، نشر حكمتيار شريطا قال فيه إن «المصير الذي آل إليه الاتحاد السوفياتي ينتظر الولايات المتحدة أيضا».
ولكن، بعد مرور عشر سنوات، وحدوث كثير من التغيرات، على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، أصدرت الحكومة الأفغانية برئاسة أشرف غني يوم 22 سبتمبر 2016 عفوا عن حكمتيار، وذلك في إطار اتفاق للسلام أبرمته مع «الحزب الإسلامي». ونص الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين من الحزب وعودة حكمتيار إلى الحياة السياسية.

المشهد الأفغاني المرتقب
ولكن ماذا الآن؟
مع عودة قلب الدين حكمتيار إلى معترك السياسة في كابل يبدو أن الميدان السياسي سيشهد سخونة كبيرة، خاصة أن كل التوقعات تشير إلى أن زعيم «الحزب الإسلامي» لن يرضى بحصة صغيرة في الحكم، بل سيطالب - كعادته - بمناصب رفيعة في الحكومة، وهذا مع أنه قال في أول خطاب له إنه جاء لدعم عملية السلام وليس من أجل منصب معين.
ولكن في ضوء تحالفات حكمتيار السابقة والمتناقضة في كثير من الأحيان، يتوقع راصدو الحركة السياسية في كابل أن تشهد الساحة الأفغانية ستشهد عقد تحالفات جديدة بعد قدومه إلى العاصمة. وفي المقابل، يتوقع أن يعمل الرئيس الأفغاني الحالي أشرف غني - الذي ينحدر مثل حكتيار من قبيلة باشتونية - إلى تعزيز نفوذه وصفوف أتباعه بنتيجة عودة حكمتيار، ولكن هذا الأمر لن يكون - وفق كثيرين - مفروشاً بالورود لأنهم لا يستبعدون أن تظهر تحالفات مناهضة لحكمتيار حتى من بين قبائل الباشتون أنفسهم.

الخصوم المحتملون
وفي الجهة المقابل، يبدو أن «تحالف الشمال» السابق، المناهض لطالبان و«الحزب الإسلامي»، الذي يبرز فيه الطاجيك والأوزبك والذي كان قد حصل على حصة الأسد من المناصب في فترة حكم الرئيس الأفغاني السابق بعد سقوط حكم طالبان، قد يكون المتضرر الأكبر من عودة حكمتيار إلا إذا ظهرت مفاجآت أخرى. والمعروف أن «الحزب الإسلامي» بقيادة حكمتيار هو في المقام الأول حزب باشتوني يسعى إلى تعزيز مكانة الباشتون في السلطة. وإلى جانب هذا الحزب هناك أحزاب باشتونية أخرى لا تقل أهمية عن «الحزب الإسلامي»، وأهمها: حزب «الدعوة الإسلامية» بقيادة زعيم المجاهدين عبد رب الرسول سياف، وهو يتمتع بنفوذ واسع وكبير بين قبائل الباشتون، وله أيضاً حضور بين الطاجيك في شمال البلاد والعاصمة كابل. وحزب «الجبهة الوطنية» بقيادة سيد حامد جيلاني، نجل الزعيم الراحل بير سيد أحمد جيلاني، وهو حزب باشتوني أيضا ينشط في مناطق شرق أفغانستان ووسطها.
أيضا يرى مراقبون أن حكمتيار سيجد نفسه في مواجهة مع جماعة طالبان التي أعلنت رفضها لدعوة حكمتيار بإلقاء السلاح والانخراط في العمل السياسي، كما أنه سيجد معارضة شديدة من المجتمع المدني النشط والصحافة التي بدأت تكشف عن جرائم الرجل في تسعينات القرن الماضي في كابل وباقي المناطق. ويرى آخرون أنه من الممكن جداً أن يواجه تحالفاً سياسياً عريضاً قد يتشكل من قادة «تحالف الشمال» السابق وبعض قادة الباشتون من مناطق الجنوب مثل ولايتي قندهار وهلمند. وحينئذٍ سيدرك حكمتيار أن الزمن تغير كثيراً، ولن يتمكن من تنفيذ أجندته التي يبدو أنه لم يغير فيها كثيرا ما لم يتنازل عن مطالبه الكثيرة. وهنا يقول الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني وحيد مجدة إن «حكمتيار دائما يتخذ القرارات الخاطئة في الوقت الضائع وأيضاً في الوقت الخاطئ»... مشيرا إلى أن حكمتيار ينضم إلى الحكومة في الوقت الذي تواجه هذه الحكومة هزات كبيرة من الداخل حتى إنها بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها.

محطات في تاريخ حكمتيار
فيما يلي أهم المحطات التاريخية في حياة قلب الدين حكمتيار منذ سيطر المجاهدون على كابل عام 1992:
25 – 4 - 1992: سارعت قوات الزعيم الميداني الطاجيكي الشمالي أحمد شاه مسعود - الملقب بـ«أسد بانشير» - تساندها ميليشيات الجنرال عبد الرشيد دوستم، أبرز الزعماء الأوزبك، إلى قتال قوات حكمتيار التي سبقتهما إلى كابل، واستمر القتال يومين أجبر بعدها حكمتيار على الانسحاب إلى جنوب العاصمة.
28 – 4 - 1992: تسلم صبغة الله مجددي الحكم من إدارة كابل.
28 – 6 - 1992: تسلم برهان الدين ربّاني الحكم من مجدّدي.
6 - 7 - 1992: تسلم عبد الصبور فريد، أحد قادة حكمتيار، رئاسة الوزراء بموجب «معاهدة بيشاور» الموقعة بين فصائل المجاهدين.
10 - 8 - 1992: قصفت قوات حكمتيار العاصمة كابل بشدة بذريعة وجود ميليشيات (القائد الشيوعي آنذاك) عبد الرشيد دوستم، ما أدى إلى مقتل وجرح الألوف.
16 – 8 – 1992: فصل رباني حكمتيار من مجلس القيادة، وفصل كذلك عبد الصبور من رئاسة الوزراء.
29 – 8 - 1992: اتفق رباني وحكمتيار بعد ثلاثة أسابيع من المعارك العنيفة على وقف إطلاق النار الذي خلف أكثر من 4 آلاف قتيل وقرابة مائتي ألف مشرد من العاصمة.
31 – 10 - 1992: تمديد رئاسة رباني 45 يوماً.
30 – 12 - 1992: رفض حكمتيار انتخاب رباني رئيساً لأفغانستان من قبل «مجلس شورى أهل الحل والعقد».
7 – 3 - 1993: وقعت اتفاقية سلام في إسلام آباد بين الفصائل الأفغانية، ونصت على أن يكون رباني رئيساً لمدة 18 شهرا وحكمتيار رئيسا للوزراء.
17 – 6 - 1993: أدى حكمتيار اليمين الدستورية رئيساً للوزراء.
1994: نشبت الخلافات بين حكمتيار ورباني وقدم استقالته، ووقع قتال شديد بين القوات الحكومية وقوات حكمتيار شرق العاصمة في محاولة من الطرفين للسيطرة على المناطق الاستراتيجية.
24 – 5 - 1996: اندلعت معارك شرسة بين قوات حكمتيار وقوات رباني انتهت بعقد اتفاقية سلام بينهما، وذلك بعدما ظهرت على الساحة حركة طالبان وكادت تقضي عليهما معا. ويومذاك قضى الحال التنسيق بينهما فاتفق الطرفان على تشكيل حكومة انتقالية تحضر للانتخابات، واتفقا على أن تكون رئاسة الوزراء والدفاع والمالية لـ«الحزب الإسلامي».
7 - 1996: استمرت قوات حكمتيار في قصف كابل بحجة إخراج قوات عبد الرشيد دوستم، وسقطت نتيجة لذلك القصف أعداد كبيرة من المدنيين وتدمير المدينة بصورة شبه كاملة.
8 - 1996: استولت حركة طالبان على كابل، ما اضطر حكمتيار للفرار إلى المناطق الشمالية التي تسيطر عليها «الجبهة المتحدة الإسلامية القومية لتحرير أفغانستان» (التحالف الشمالي الساب بقيادة أحمد شاه مسعود غريم حكمتيار) والعمل معهم على إسقاط حركة طالبان.



يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.