مايا دياب تحيي سهرة لتسديد ديون «مسرح المدينة»

مايا دياب تحيي سهرة لتسديد ديون «مسرح المدينة»
TT

مايا دياب تحيي سهرة لتسديد ديون «مسرح المدينة»

مايا دياب تحيي سهرة لتسديد ديون «مسرح المدينة»

في خضمّ المشاكل الكثيرة التي تعاني منها خشبة مسارح لبنانية كثيرة، وفي غياب الممولين لإبقاء أبوابها مفتوحة، يتطلّع أصحابها إلى إيجاد حلول فعّالة تساهم في الحدّ من تدهور أوضاعها. وانطلاقا من هذا الموضوع دعت نضال الأشقر مؤسسة «مسرح المدينة» في شارع الحمرا البيروتي، محبّي هذا الصرح الثقافي لحضور حفلة غنائية للفنانة مايا دياب في 15 مايو (أيار) الجاري، تصبّ في مصلحة دعمه وتسديد ديونه. وتبلغ سعر البطاقة الواحدة لحضور هذا الحفل 300 ألف ليرة (ما يوازي 200 دولار)، الأمر الذي استهجنه بعض روّاد هذا المسرح العريق خصوصا أن سعر بطاقات عروضه تتراوح عادة ما بين الـ15 و45 ألف ليرة كحدّ أقصى.
إلا أنّ نضال الأشقر سارعت إلى توضيح الأمر من خلال تصريحات أكّدت فيها بأنّها تتبع سنويا هذا النوع من الحفلات على خشبة مسرحها، لا سيما في الأعوام الأخيرة من أجل إبقائه على قيد الحياة وأنّها سبق واستعانت بفنانين أمثال عاصي الحلاني ونجوى كرم ولطيفة التونسية، للغاية نفسها. واعتبرت الأشقر (ممثلة ومخرجة مسرحية مخضرمة)، أنّ ردود الفعل السلبية التي تلقّتها من قبل البعض وخصوصا من الفنانين الذين دأبوا على تقديم أعمال مسرحية على هذه الخشبة، لن تعيرها أي اهتمام وقالت: «نحن من يدير المسرح ونقف على متطلّباته، ولذلك فإنّنا نعرف واجباتنا تجاهه تماما ولا أحد يحق له أن يحشر أنفه في الموضوع».
هذه الحفلة التي تحمل عنوان «سهرة غير شكل» وتقدّم خلالها مايا دياب برنامجا فنّيا استعراضيا يعرف عالميا بـ«بورلسك»، ويشاركها فيه الفنان الكسندر بوليكيفيتش من خلال لوحات راقصة مصحوبة بأخرى غنائية تحت عنوان «وصلة رقص مع ألكس برفقة تخت شرقي وغناء»، أكّدت أنّها سعيدة لمشاركتها في إنقاذ «مسرح المدينة»، وأنّ جميع التعليقات السلبية التي رافقت الإعلان عن هذه الحفلة لم تلمسها لا من قريب ولا من بعيد، لا سيما أن هدف حفلتها يصبّ بالدرجة الأولى في صالح استمرارية هذا المسرح الذي تأسس منذ 20 سنة، من أجل نشر البهجة والسعادة في قلب العاصمة اللبنانية. وأشارت شقيقة دياب (غريس) في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ الاستعدادات لهذا الحفل على قدم وساق وأنّ مايا متحمّسة جدا لهذا الموضوع، بعد أن أبدت رغبتها في تقديمه من دون أي مقابل مادي. «هو حفل غنائي راقص من نوع الاستعراضات الفنية المعروفة بـ(بورليسك) ويستغرق نحو 60 دقيقة، وستؤدي فيه مايا مجموعة من أغانيها المعروفة في إطار جديد يعتمد على الحركة والغناء بأسلوب جديد على خشبة المسرح». ورأت في سياق حديثها، إلى أنّه سبق لفنانين لبنانيين وغيرهم أن اعتلوا خشبة هذا الصرح الفنّي في الماضي القريب، لنفس الهدف وبناء على طلب صاحبته نضال الأشقر.
وعن طبيعة الحفل وما سيرافقه من برنامج ترفيهي قالت نضال الأشقر في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هو حفل منوّع تقدّم خلاله مايا دياب وهي مشكورة لمساهمتها هذه، مجموعة من أغانيها المعروفة، كما سيتمتّع الحضور في متابعة لوحات رقص شرقية وغيرها مع الفنان اليكس الذي سبق وشارك في حفلات مماثلة استضفناها على خشبة مسرح المدينة». وأضافت: «لمايا دياب قاعدة شعبية كبيرة ونحن نفتخر بوجود فنانات أمثالها لا يتردّدن في دعم الحركة الفنيّة ولا سيما المسرحية منها».
وسيرافق المناسبة عشاء خاص مؤلّف من أطباق أجنبية وأخرى عربية حضّرتها ربّات منازل داعمات لـ«مسرح المدينة». وختمت الأشقر حديثها: «يلاقي الحفل إقبالا كبيراً، لمسناه من الحجوزات الكثيفة التي ترافقه، ونحن على يقين بأنّه سيحقق هدفه المرجو ألا وهو تسديد الديون المترتّبة على المسرح لعام 2016».
وكانت الأشقر قد التقت دياب في حفل لدعم مرضى سرطان الثدي، وفاتحتها برغبتها في التعاون معها لإحياء حفل غنائي على «مسرح المدينة»، فأبدت حماسها للموضوع ووافقت على التطوّع لتقديمه مساهمة منها في دعمه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».