استمرار القصف على «المناطق الهادئة»... واقتتال الغوطة يتمدد

قتلى لميليشيا «حزب الله» اللبناني بريف دمشق

احتراق أكثر من مائة خيمة ووقوع ضحايا بغارة للنظام على مخيم نازحين بريف إدلب الغربي الأربعاء الماضي (مكتب أخبار سوريا)
احتراق أكثر من مائة خيمة ووقوع ضحايا بغارة للنظام على مخيم نازحين بريف إدلب الغربي الأربعاء الماضي (مكتب أخبار سوريا)
TT

استمرار القصف على «المناطق الهادئة»... واقتتال الغوطة يتمدد

احتراق أكثر من مائة خيمة ووقوع ضحايا بغارة للنظام على مخيم نازحين بريف إدلب الغربي الأربعاء الماضي (مكتب أخبار سوريا)
احتراق أكثر من مائة خيمة ووقوع ضحايا بغارة للنظام على مخيم نازحين بريف إدلب الغربي الأربعاء الماضي (مكتب أخبار سوريا)

في وقت كانت المفاوضات فيه تسير في آستانة نحو الاتفاق على الاقتراح الروسي لإنشاء مناطق لتخفيف حدة التصعيد في سوريا، كانت المناطق المقترحة نفسها تتعرض للقصف، بينما استمرت المعارك بين «جيش الإسلام» من جهة و«هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن» من جهة أخرى، في الغوطة الشرقية، حيث تمددت الاشتباكات إلى داخل المدن وبلداتها، بعدما نجح الطرف الثاني في تحقيق بعض التقدم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مناطق تخفيف التصعيد، الممتدة من الشمال إلى الجنوب السوري، وتشمل محافظة إدلب وريفي حماة وحمص الشماليين، وغوطة دمشق الشرقية والجنوب السوري، شهدت أوضاعاً متباينة من حيث القصف منذ فجر أمس. وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، «أن هناك بعض التباين في القصف على المناطق المذكورة»، مشيراً في الوقت عينه إلى تراجع حدتها خلال ساعات النهار، إنما من دون أن تتوقف بشكل كامل.
وأشار المرصد إلى تعرض مناطق في أطراف بلدة النشابية، بمنطقة المرج، ومدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، إلى القصف من قبل قوات النظام، مما تسبب بأضرار مادية. كما قصفت قوات النظام بعدة صواريخ مناطق في حي القابون عند أطراف العاصمة الشرقية، أعقبها قصف للطائرات الحربية على مناطق في الحي.
وشهد ريف حماة الشمالي تصعيداً من قبل الطائرات الحربية والمروحية وقوات النظام، بحسب المرصد، وسجل إسقاط نحو 23 برميلاً متفجراً على مناطق في قرى لحايا معركبة والبويضة والزكاة وحصرايا وبلدة اللطامنة، بحيث استهدفت الأخيرة بأكثر من 10 براميل، كذلك نفذت الطائرات الحربية 7 غارات على قرية الزلاقيات وبلدة اللطامنة، فيما قصفت قوات النظام مناطق في بلدة اللطامنة وقرية الزكاة في ريف حماة الشمالي. وفي ريف حماه الجنوبي، قصفت قوات النظام منطقة عيدون في السطحيات، إضافة إلى مناطق في أحياء درعا البلد بمدينة درعا، ومناطق على حدود ريف القنيطرة الشمالي مع ريف دمشق الجنوبي الغربي، في وقت شهدت فيه محافظة إدلب ومناطق أخرى في الجنوب السوري وبريف حمص الشمالي، بحسب المرصد، هدوءاً حذراً.
وفي موازاة القصف الذي تعرضت لها الغوطة الشرقية، وهي من المناطق المطروحة لتكون «هادئة»، بحسب الاقتراح الروسي، استمر أمس لليوم السابع على التوالي الاقتتال بين الفصائل المعارضة، واتهم المجلس العسكري لمدينة دمشق وريفها «جيش الإسلام» باختطاف القيادي في المجلس، العقيد أبو محمد الکردي، من منزله، بعد اقتحام مدينة عربين بالغوطة الشرقية، فيما أعلن عن مقتل نعمان عوض أبو عصام، رئيس هيئة الخدمات العسكرية في «جيش الإسلام».
وأشار المرصد إلى تمدّد الاشتباكات بين الطرفين إلى داخل مدن الغوطة وبلداتها، لافتاً إلى أن الاشتباكات عاودت تجددها فجراً بشكل عنيف على محاور في أطراف مدينة عربين وأطراف بلدة بيت سوى، وسط استهدافات متبادلة بين طرفي القتال، وجاء تجدد الاشتباكات بعد تمكن «فيلق الرحمن» و«تحرير الشام» ليلاً من التقدم، واستعادة السيطرة على أجزاء واسعة من المدينة، وترافقت الاشتباكات مع استهدافات متبادلة خلفت خسائر بشرية مؤكدة في صفوف الطرفين.
يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه الشلل مستمراً في حركة المواطنين، بحسب المرصد، في الغوطة، حيث تعاني مئات العائلات الموجودة في المنطقة الواقعة بين مدينة زملكا وبلدة حزة أوضاعاً إنسانية صعبة مع استمرار الاقتتال، حيث وجهوا مناشدات لفك الحصار عنهم بسبب عدم قدرتهم على تأمين مستلزماتهم اليومية، أو حتى تأمين المياه، وذلك منذ اليوم الأول من الاقتتال بين الطرفين.
وذكر المجلس العسكري لمدينة دمشق، عبر بيان صادر عنه، أن «جيش الإسلام» أجبر الكردي على الإدلاء بتصريحات واعترافات لا تمت للواقع بأي صلة.
وطالب المجلس قيادة وأعضاء «جيش الإسلام» بالإفراج الفوري عن العقيد وكل المعتقلين لديه، وأدان ما سماه «العمل القمعي بحق الضباط المنشقين»، وطالب «الفصائل الثورية بعدم زجهم وإدخالهم في النزاعات المسلحة فيما بينهم، وقيادة (جيش الإسلام) بالكف الفوري عن الاعتداء، والعودة إلى جادة الصواب». وتواصلت الاشتباكات بشكل عنيف بين «جيش الإسلام» من جهة، و«هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن» من جهة أخرى، في الغوطة الشرقية، خصوصاً في بلدة سوى التي تمكن الأخير من السيطرة عليها عقب تمكن عناصره من التسلل فجراً إلى داخل البلدة، حيث سقط فيها كثير من القتلى والجرحى من الطرفين
ودارت معارك عنيفة في مدينة عربين بين الأطراف المتناحرة أدت لسقوط 3 قتلى في صفوف المدنيين، بحسب شبكة «شام» المعارضة.
نقل موقع «قاسيون» أن مجموعة كاملة من ميليشيا «حزب الله» اللبناني، لقيت مصرعها مساء الأربعاء، بانفجار لغم أرضي في مدجنة على جبهة «الزيات» بالغوطة الغربية في ريف دمشق.
جاء ذلك بعد أن تمكنت مجموعة من المعارضة السورية من التسلل إلى المنطقة التي تعد جبهة عسكرية بين الطرفين، وزرع اللغم، دون وصول حصيلة أولية بعدد القتلى حتى الآن.
وشنّت ميليشيا «حزب الله» اللبناني قصفاً مدفعياً عنيفاً على مناطق سيطرة المعارضة عقب التفجير، في محاولة منها لسحب جثث قتلاها، بحسب ما أفاد ناشطون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.