بعد 65 عاماً من مساندة الملكة إليزابيث... الأمير فيليب يتقاعد

قصر بكنغهام يعلن أن دوق أدنبرة سيتوقف نهائياً عن ممارسة مهامه الرسمية في الخريف

تحتفل الملكة إليزابيث الثانية مع زوجها الأمير فيليب في نوفمبر بمرور 70 عاماً على زواجهما (رويترز)  -  يعرف البريطانيون عن الدوق حسه الفكاهي وتعليقاته اللاذعة (أ.ب)
تحتفل الملكة إليزابيث الثانية مع زوجها الأمير فيليب في نوفمبر بمرور 70 عاماً على زواجهما (رويترز) - يعرف البريطانيون عن الدوق حسه الفكاهي وتعليقاته اللاذعة (أ.ب)
TT

بعد 65 عاماً من مساندة الملكة إليزابيث... الأمير فيليب يتقاعد

تحتفل الملكة إليزابيث الثانية مع زوجها الأمير فيليب في نوفمبر بمرور 70 عاماً على زواجهما (رويترز)  -  يعرف البريطانيون عن الدوق حسه الفكاهي وتعليقاته اللاذعة (أ.ب)
تحتفل الملكة إليزابيث الثانية مع زوجها الأمير فيليب في نوفمبر بمرور 70 عاماً على زواجهما (رويترز) - يعرف البريطانيون عن الدوق حسه الفكاهي وتعليقاته اللاذعة (أ.ب)

ليلة أول من أمس، تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبر أن قصر بكنغهام استدعى أفراد العائلة المالكة وكل الموظفين في القصور الملكية في بريطانيا لحضور اجتماع سري طارئ في القصر في العاشرة من صباح أمس. وكانت صحيفة «ديلي ميل» قالت على موقعها أمس، إن قصر بكنغهام استدعى جميع الموظفين في البلاط الملكي من جميع القصور لحضور الاجتماع صباح أمس. واشتعلت مواقع التواصل بتكهنات حول مغزى الاجتماع، وتناثرت الشائعات حول وفاة الملكة أو زوجها الأمير فيليب أو حتى تنازل الملكة عن العرش لولي عهدها الأمير تشارلز، بل حتى إن صحيفة «ذا صن» سارعت بوضع خبر وفاة الأمير فيليب على موقعها ثم سرعان ما أزالته.
وفي الصباح اتضح الأمر حين أعلن قصر بكنغهام الأمير (96 عاما) سيتوقف نهائيا عن ممارسة مهامه الرسمية في وقت لاحق هذا العام.
وذكر بيان القصر أن الأمير، المعروف أيضا بدوق أدنبره الذي كان دوما إلى جانب زوجته منذ اعتلت العرش قبل 65 عاما، قرر التخلي عن مهامه العامة اعتبارا من الخريف.
وأضاف البيان: «سيحضر الأمير فيليب الارتباطات المقررة سلفا من الآن وحتى أغسطس (آب)، سواء بمفرده أو بصحبة الملكة».
وتابع البيان: «وبعدها لن يقبل الدوق أي دعوات جديدة لزيارات أو ارتباطات، لكنه قد يختار حضور مناسبات عامة معينة من وقت لآخر».
وذكر البيان أن الملكة (91 عاما) أطول ملوك العالم جلوسا على العرش، ستواصل تنفيذ برنامج ارتباطاتها الرسمية بالكامل.
وعبرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تقديرها للأمير فيليب لما قدمه لبريطانيا و«مساندته الراسخة» للملكة إليزابيث ورعايته لمئات من الجمعيات الخيرية وقضايا الخير. وقالت ماي في بيان: «نيابة عن البلاد بأكملها، أود أن أقدم تقديرنا العميق وأمنياتنا الطيبة لصاحب السمو دوق أدنبره بعد الإعلان اليوم أنه سيتوقف عن ممارسة مهامه العامة في الخريف».
وتولت إليزابيث العرش عام 1952، وتظهر استطلاعات الرأي أنها لا تزال تحظى بشعبية كبيرة بين البريطانيين. وتحتفل مع زوجها الأمير فيليب في نوفمبر (تشرين الثاني) بمرور 70 عاما على زواجهما.
ورغم تقدمهما في العمر فما زالا يؤديان المئات من المهام الرسمية بيد أنهما قلصا بعض أعمالهما في السنوات الأخيرة، وفوضاها إلى ولي العهد الأمير تشارلز وحفيديهما الأميرين ويليام وهاري.
وبينما توفي والدها الملك جورج السادس في السادسة والخمسين عاشت والدتها حتى أتمت 101 عام، وظلت حتى وفاتها في 2002 تظهر في المناسبات العامة.
وحسب ما نقلته الصحف البريطانية، فيبدو أن الأمير، الذي مر بظروف صحية حرجة في السنوات الأخيرة، قد اختار أن يتقاعد بعد 65 عاما من مساندة الملكة في كل واجباتها الرسمية والاجتماعية. ورغم عمره المتقدم فيقول كثيرون إن دوق أدنبره كان أكثر نشاطا من كثيرين من أفراد العائلة الأصغر سنا، فقد حضر أكثر من 22 ألف مناسبة رسمية منذ عام 1947، وقام بإلقاء 5000 خطبة. فعلى سبيل المقارنة تفوق الأمير فيليب في حضور المناسبات العامة على أحفاده الأميرين ويليام وهاري ودوقة كمبريدج كيت مجتمعين في عدد المناسبات، حيث حضر 219 مناسبة العام الماضي.
ويعرف البريطانيون عن الدوق حسه الفكاهي وتعليقاته اللاذعة، وسارعت الصحف لنشر بعضها، ولكن آخر تعليقاته المرحة كان أمس حيث صحب الملكة في حفل لتسليم أوسمة رفيعة في قصر سانت جيمس وعندما استوقفه أحد المكرمين وقال له: «خبر تقاعدك أمر محزن لنا»، فرد عليه الأمير بسرعة بديهة: «سأتقاعد لأنني لا أستطيع الوقوف أكثر من ذلك»، في لعب على الكلمات الإنجليزية «ستاند داون» (تقاعد) و«ستاند آب» (الوقوف).
وذكرت الصحف أمس الشعب البريطاني ببعض الطرفات والتعليقات الحادة التي اشتهر بها دوق أدنبره، مثل «البريطانيات لا يجدن فن الطبخ»، و«أعلن افتتاح هذا الشيء، أيا ما كانت هويته» لدى مناسبة في كندا عام 1969. وقال لامرأة في كينيا قدمت له هدية: «أنت امرأة، أليس كذلك؟»، وقال لطالب بريطاني قام برحلة إلى بابوا غينيا الجديدة في عام 1998 «نجحت إذن في النجاة من دون أن تؤكل»، ملمحا لكون بعض القبائل هناك من أكلة لحوم البشر. وقال لصبي في الثالثة عشرة من عمره أعرب عن أمله في أن يصبح رائد فضاء: «أنت بدين لأن تصبح رائد فضاء»، وقال حول الزواج: «عندما يقوم رجل بفتح باب السيارة لامرأة فذلك يعني إما أن السيارة جديدة وإما أن الزوجة جديدة».
قال بريطانيون في لندن إنهم سيفتقدون الحس الفكاهي للأمير فيليب وخارج قصر بكنغهام، قال الزائر كليم كولينز، وهو من ملبورن في أستراليا، إن الأمير أدى واجبه بشكل جيد.
وفي متنزه «غرين بارك» قالت البريطانية آن هات إن الدوق يستحق التقاعد. وأضافت: «أتمنى أن يحظى بعض من أحفاده بنفس القدر من حسه الفكاهي».
يذكر أن الملكة إليزابيث الثانية ودوق أدنبره قد توقفا عن السفر لمسافات طويلة في الأعوام الأخيرة وتسلم أفراد العائلة الأصغر سنا تلك المهام بدلا عنهما. وبقراره للابتعاد عن الحياة العامة ستزيد المسؤوليات على باقي أفراد العائلة لحضور ورعاية المناسبات المختلفة التي كان يحضرها الأمير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».