منتدى «يونيسكو» في الرياض يدعم إبداعات الشباب السعودي

نظمته «مسك الخيرية» بحضور 70 شخصية عالمية

الوزيرة نورة الكعبي  -  جانب من إحدى جلسات اليوم الأول
الوزيرة نورة الكعبي - جانب من إحدى جلسات اليوم الأول
TT

منتدى «يونيسكو» في الرياض يدعم إبداعات الشباب السعودي

الوزيرة نورة الكعبي  -  جانب من إحدى جلسات اليوم الأول
الوزيرة نورة الكعبي - جانب من إحدى جلسات اليوم الأول

شهدت العاصمة السعودية الرياض أمس، انطلاق أعمال المنتدى السابع ليونيسكو للمنظمات غير الحكومية، الذي تنظمه مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية) بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة يونيسكو.
وتعتبر السعودية أول دولة عربية تستضيف هذا المنتدى بمشاركة وزراء ومسؤولين ومهتمين بقضايا الشباب، وحضور أكثر من ألف و800 شخص من 70 دولة في العالم. وأكد الدكتور علي الغفيص، وزير العمل والتنمية الاجتماعية بالسعودية، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، دور منظمة يونيسكو في الاهتمام بفئة الشباب في سبيل تعزيز مهاراتهم وفتح مساحات المشاركة المجتمعية لهم، والوسائل المتعددة التي تنتجها من بحوث ودراسات عن أنماط التحولات لدى الشباب، وبناء قدرات الحكومات والمنظمات غير الحكومية لتطوير السياسات المتعلقة بالشباب، وإشراكهم في كل ما يتعلق ببناء مجتمعهم. وأشار إلى دور مؤسسة مسك الخيرية في تنظيم المنتدى، من خلال رؤيتها الملهمة في استحداث الفرص لتنمية المجتمع السعودي، وإطلاق طاقات الشباب الذين يعدون الشريحة الأكبر في مكونات المجتمع السعودي، لافتا إلى أن المؤسسة نجحت في هدفها المعني بتمكين وإلهام الشباب ليكونوا عناصر فاعلة ومشاركة في اقتصاد هذا الوطن، مضيفا أن المنتدى يركز على شريحة الشباب بمشاركة أكثر من 350 منظمة غير ربحية محلية دولية تمثل أكثر من 70 دولة، ويعقد في مرحلة مهمة تشهد فيها السعودية تحولا وطنيا في ضوء «رؤية 2030» التي أولت القطاع الربحي اهتماما كبيرا، وتجلى ذلك في مبادرات «برنامج التحول الوطني 2020» التي تسعى لتطوير القطاع غير الربحي وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية، وهو ما يتطلب بالضرورة تحقيق كثير من الأهداف، منها التوسع في مجالات العمل غير الربحي لتشمل كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق التنمية في المجتمع من وعي وتعليم وتوظيف وإنتاج وصحة وثقافة وترابط اجتماعي ومحافظة على البيئة وتوظيف للموارد الطبيعية والبشرية.
ولفت الغفيص أن المنتدى يعد شاهدا على الحراك التنموي الذي تشهده البلاد، ويهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين العمل التطوعي والتوسع في القطاع غير الربحي تحقيقا لـ«رؤية السعودية 2030» التي تسعى لزيادة الحيوية في المجتمع من خلال تكوين مجتمع يمثل الشباب فيه قوة كبرى.
وأشار إلى أن وزارته حددت ضمن «رؤية السعودية 2030» و«برنامج التحول الوطني 2020» مجموعة من التحديات التي تحول دون المساهمة الفعالة للقطاع غير الربحي في التنمية الاجتماعية، وإبراز منظومة متكاملة من الممكنات التي تسهم في نمو القطاع غير الربحي، وتزيد من فعاليته الاقتصادية في الناتج المحلي، وتمكن العمل التطوعي وتشجع عليه.
وأفاد الغفيص بأن الوزارة وضعت عددا من المبادرات التي دخلت حيز التنفيذ وأسهمت خلال عام واحد في نمو القطاع غير الربحي بنسبة 20 في المائة، كما زادت عدد المتطوعين والعاملين في منظمات القطاع غير الربحي، إضافة إلى برامج بناء القدرات التي شملت 12 في المائة من العاملين في القطاع في وظائف مختلفة وحوكمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وبيّن أن التغلب على التحديات وتحقيق الطموحات فيما يتعلق بالقطاع غير الربحي وتمكين الشباب وتفعيل أدوارهم في المجتمع يعد جزءا أصيلا في رحلة البلاد كما هو كذلك في كل دول العالم.
إلى ذلك، ذكرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو، عبر رسالة مرئية للمنتدى، أن السعودية هي الدولة العربية الأولى التي يعقد فيها هذا المنتدى للمنظمات غير الحكومية بالشراكة مع مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية».
وأضافت أن المنتدى يعكس عمق الشراكة بين السعودية ومنظمة «اليونيسكو» ويبني على الطموحات والأهداف المشتركة وفق رؤية السعودية 2030 للتنمية المستدامة.
وقالت بوكوفا: «منظمة يونيسكو بالتعاون مع (مسك الخيرية) اتخذت كثيرا من الإجراءات من أجل تعزيز التعاون فيما بينهما من أجل دعم الشباب والفتيات في مختلف المجالات، خصوصا فيما يتعلق بمصادر إبداعهم، وذلك لأهميته في القرن المقبل، وستعمل المنظمة ما بوسعها لدعمهم لوجود حاجة ماسة إلى أفكار جديدة لبناء مستقبل أفضل». وتطرقت إيريك فالت، مساعدة المدير العام للعلاقات الخارجية والإعلام وممثلة المدير العام في منظمة يونيسكو، إلى وجود روابط قوية بين السعودية ويونيسكو، إذ كانت من بين 20 دولة صادقت على دستور يونيسكو عام 1946، مؤكدة أن جهودا نوعية تقدمها «مسك الخيرية» للشباب عبر نشر الوعي.
بدوره، أوضح فيليب بوسانت، رئيس لجنة الاتصال بين يونيسكو والمنظمات غير الحكومية، أن المنتدى يحرص على إيجاد مبادرات جديدة، كما يهتم بالمشاركة الفعّالة بين الشباب والشابات، عبر برامجه المتنوعة التي يشارك فيها نخبة من المتخصصين في مجال التنمية والشباب. وعُقدت جلسة نقاش بعنوان «نظرة عامة... تفعيل المشاركة الشبابية والأثر المحتمل لذلك في عملية إحداث التغيير الاجتماعي»، تناولت فيها نورة الكعبي وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة، رؤيتها للمستقبل القائم على الشباب، مشيدة بجهود الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في دعم مناشط الشباب الموهوبين، وتعزيز قدراتهم، وإتاحة الفرصة لهم لتبادل الخبرات مع نظرائهم الشباب في مختلف دول العالم كما في هذا المنتدى.
وأكدت أن الشباب الذين يمثلون أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية لديهم الطاقات والرغبة والحماس، وينبغي استثمارها خير استثمار، لأنهم من سيقود العالم في المستقبل، والعمل على إطلاق مبادرات نوعية تخدمهم وتعزز من قدراتهم، وتأخذ بيدهم نحو بناء المجتمع.
ونوّهت بأهمية الاهتمام بالشباب، وحمايتهم من الجماعات المتطرفة التي تحاول جذبهم من خلال استغلال بطالتهم، مبينة أن 24 في المائة من الشباب العربي يشغل تفكيره الحصول على فرصة العمل، والمشاركة في بناء المجتمع، مشيرة إلى أن وسائل التقنية الحديثة باتت سهلة الاستخدام في أيدي الشباب، مما يعني أهمية الالتفات إليهم، ورعايتهم، وفتح الحوار معهم من خلال حوار دولي للشباب، يجمعهم ويجعلهم يخرجون طاقاتهم وأفكارهم النيرة.
* تزويد الشباب بالمعرفة
وشددت الأميرة البندري الفيصل، المديرة العامة لمؤسسة الملك خالد الخيرية، على أهمية تزويد الشباب بالمعرفة، والعمل على إدراجهم في سوق العمل من خلال إعدادهم بأفضل الأساليب لتحقيق تطلعات القيادة في إطار «رؤية السعودية 2030».
وأشارت خلال جلسة نقاش بعنوان: «تفعيل المشاركة الشبابية والأثر المحتمل لذلك في عملية إحداث التغيير الاجتماعي»، ضمن فعاليات منتدى يونيسكو للمنظمات غير الحكومية، إلى التحديات التي تواجه الشباب في مجال العمل، ومنها إشراك الشباب في اتخاذ القرار، مبينة أن الشباب والفتيات السعوديين لديهم المعرفة التامة ويبحثون عن الفرص الوظيفية المناسبة لهم، لكن حينما يأتي الأمر في إيجاد التخصص المناسب يكون ذلك صعبا عليهم في معظم الأحيان.
واستعرضت جهود مؤسسة الملك خالد في أن تكون نموذجية ورائدة في العمل الإنساني والتنموي في البلاد، والاستمرار في الاستثمار في الشباب، وتوجيه المنح لتطويرهم وتنمية قدراتهم من خلال التعاون وعقد الشراكات الاستراتيجية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».