هدى كانو لـ«الشرق الأوسط»: مهرجان أبوظبي يُقيم حواراً عالمياً للثقافات

يخلق مساحة ومنبراً للتبادل الحضاري والمعرفي من خلال كوكبة من كبار الفنانين

فعاليات مهرجان أبوظبي للثقافة والفنون  -  هدى الخميس كانو مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون
فعاليات مهرجان أبوظبي للثقافة والفنون - هدى الخميس كانو مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون
TT

هدى كانو لـ«الشرق الأوسط»: مهرجان أبوظبي يُقيم حواراً عالمياً للثقافات

فعاليات مهرجان أبوظبي للثقافة والفنون  -  هدى الخميس كانو مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون
فعاليات مهرجان أبوظبي للثقافة والفنون - هدى الخميس كانو مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون

تهدف مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، التي تأسست عام 1996 كمنظمة غير ربحية قائمة على العمل التطوعي، إلى إثراء الرؤية الثقافية لأبوظبي من خلال الالتزام بأعلى معايير المسؤولية الاجتماعية. وتسهم المجموعة في تطور الفنون والتربية والثقافة والإبداع في الإمارة. وتسعى المجموعة إلى الارتقاء بالفنون والبرامج الثقافية والتربوية بالتعاون مع منظمات ومؤسسات وأفراد محليين وعالميين رواد، وتعمل المجموعة برئاسة ورعاية الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وبإدارة هدى الخميس كانو، مؤسس المجموعة، بتوجيه من خيرة المستشارين من مختلف القطاعات والمجالات.
ولدت هدى كانو في العاصمة اللبنانية بيروت لأب سعودي، من رواد رجال الأعمال في المملكة، وأم سورية، وتأثرت بالتنوع الثقافي والحضاري المحيط بها، التحقت بالجامعة الأميركية في باريس لدراسة الأدب الفرنسي وتاريخ الفن، حيث تسنّت لها زيارة المتاحف ومشاهدة أروع الأعمال الفنية في العالم، كما عملت على صقل معارفها في الموسيقى الكلاسيكية التي تذوّقتها بشغف، وهكذا بدأت رحلتها في عالم الفنون بأنواعها كافة.
وانتقلت إلى أبوظبي، وتزوجت عام 1991 من محمد كانو الذي ينتمي إلى أسرة عريقة في عالم الأعمال، وهو أيضاً فنان تشكيلي بادر إلى تأسيس أول معرض للفنون التشكيلية في أبوظبي.
وتفرّغت للعمل التطوعي في دعم ورعاية الفعاليات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني، ونشطت في العمل النسائي ساعيةً إلى تعزيز روح القيادة والارتقاء بالمرأة وتسليط الضوء على أهمية دورها الريادي في المجتمع، لها ثلاثة أولاد هم: عبد اللطيف، ونور وعبد الرحمن.
«الشرق الأوسط» التقت بالمؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي هدى الخميس كانو التي تحدثت عن الهدف من القيام بمهرجان أبوظبي، وعن ماذا يعني لها باعتبارها أول من أسس له، وعن كيف يمكن للمهرجان أن يحقق التسامح ويمد جسور التلاقي بين الشعوب.
وعن الهدف من قيام مهرجان أبوظبي؟ تقول هدى الخميس: «نسعى في المهرجان وفي طليعتنا الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المجتمع، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إلى تعزيز مكانة العاصمة الإماراتية أبوظبي كعاصمة عالمية للثقافة والفنون، ووجهة للمبدعين، انطلاقاً من التزام مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون برؤية أبوظبي كوجهة رائدة للثقافة والفن والإبداع على المستوى العالمي، حيث يجذب المهرجان المفكرين وكبار الفنانين والرواد من المبدعين في مجالات الفنون المختلفة من الموسيقى إلى فنون الأداء والمسرح والأوبرا والباليه والفنون التشكيلية وغيرها».
وتضيف «كانو» بأن المهرجان يقدم فعاليات برنامجه التعليمي والمجتمعي، بمشاركة فاعلة للفنانين، والمؤسسات المجتمعية والثقافية من مختلف أرجاء دولة الإمارات العربية المتحدة، سعياً لإبراز ودعم المواهب المحلية الإماراتية، وإظهار التنوع الفني والثقافي الذي يزخر به المجتمع الإماراتي، فضلاً عن التعريف عالمياً بالمنجز التراثي لدولة الإمارات العربية المتحدة».
وعن ماذا يعني لها المهرجان باعتبارها أول من أسس له؟
تقول كانو: «المهرجان بالنسبة لي هو الحياة، حياة الناس، حياة المدن، وروحها، المهرجان هو مهرجان المدينة، بناسها ولغتها وثقافتها ووعيها الثقافي ومنجزها المعرفي، المهرجان هو إضافة إلى كونه الفعاليات الثقافية والفنية والموسيقية التي يتضمنها، هو تراكم تجربة وارتقاء بأداء ووعي بأهمية الفنون، وإشراكٌ لكل فرد من أفراد المجتمع في عملية تعليمية معرفية مستمرة دائمة التجدد».
وعن شعار المهرجان «الثقافة والتسامح» وماذا يعني لها ذلك، تجيب كانو قائلة: «هذا الشعار يعكس التزام مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومهرجان أبوظبي برؤية الإمارات في تفعيل دور الثقافة والدبلوماسية الثقافية في نشر المحبة والتسامح وقبول الآخر، تلك الثقافة التي تجذرت فينا بفضل حكمة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، أحد أبرز الرموز العالمية الداعية إلى التسامح والعيش المشترك، والذي تستلهم إرثه القيادة الرشيدة ممثلةً بالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أكد على أن سياسات واستراتيجيات الدولة كافة هي سياسات لبناء أمة وترسيخ شعب مثقف واع متمكن متسامح، وبأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وهو القائل: (إن الإمارات والتسامح وجهان لمعنى جميل واحد)... كما أننا نستلهم، في عملنا وفهمنا لعلاقة الثقافة بالتسامح، مواقف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو السند لكل إنجاز والحاضن لكل إبداع، الحكيم الذي يبشّر بالتسامح والانفتاح على الآخر، وفي ذلك نسترشد بمقولته: (رسالة الإمارات هي التسامح والسلام والتنمية والبناء والصداقة والتعاون والتعايش الإنساني).
يعكس الشعار كذلك القيم السامية التي يؤمن بها أهل الإمارات، دار زايد، فهذه البلاد هي نموذج الوسطية والاعتدال والأخذ بأسباب التقدم الحديث مع الاحتفاظ بالتراث والقيم العربية والإسلامية الأصيلة، وفي كل ذلك تتجلى مبادئ التسامح والانفتاح والسلام الإنساني».
وعن كيف يمكن للمهرجان أن يحقق التسامح ويمد جسور التلاقي؟ تقول كانو: «يمثّل مهرجان أبوظبي منصة حوار عالمي للثقافات على أرض الإمارات، ويخلق مساحة ومنبراً للتبادل الحضاري والمعرفي من خلال كوكبة من كبار الفنانين على المستوى العربي والعالمي، ومن خلال تأسيسه لعدد من الشراكات الاستراتيجية المهمة مع كبريات المؤسسات الثقافية والفنية حول العالم مثل أوركسترا اتحاد الشباب الأوروبي، وبوزار، وكلية الملكة إليزابيث للموسيقى، ومعهد العالم العربي، والمعهد الفرنسي، ومعهد الإعلام الأردني، ومهرجان بعلبك الدولي، ومهرجان مارينيسكي، ومؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية، وجران تياتر دي لوسيو، وكلية الملكة صوفيا للموسيقى، ومهرجان أدنبره الدولي، ومهرجان مانشستر الدولي، ودار الأوبرا الملكية، ومدرسة أمير ويلز للفنون التقليدية، وجامعة لندن – كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، ومهرجان شباك للثقافة العربية المعاصرة، ومسرح الباليه الأميركي، وقاعة كارنيغي هول نيويورك، ومعهد كليفلاند كلينيك للفنون والطب، ومركز لينكولن للجاز، وميتروبوليتان، ومؤسسة بارينبويم، والمجلس الثقافي البريطاني. إضافة إلى شراكاته الاستراتيجية المحلية، والتي تخدم الحوار التفاعلي الحي واليومي لأكثر من 200 جنسية يعيشون على أرض هذه البلاد الطيبة، بلاد الخير.
كما يرسّخ المهرجان قيم الإبداع والابتكار والانفتاح والتعبير الحر والتفكير الخلاق لدى أبناء المجتمع الإماراتي، من خلال فعاليات برنامجه التعليمي والمجتمعي، بمشاركة فاعلة للفنانين، والمؤسسات المجتمعية والثقافية عبر الإمارات السبع، وفي هذه المسؤولية المجتمعية، يبني المهرجان جسوراً لتواصل العقول والنفوس بين الأفراد والجماعات والمجتمعات، ولأجل هذا نحن أكثر من أي وقت مضى متمسكون بدور مهرجان أبوظبي كمنارة للتسامح ومنبر للحوار، يمد الجسور ليعبرها كبار الفنانين والمبدعين والمفكرين إلى أبعد ما يمكن لنخلق معاً فرص اللقاء الإنساني ونفتحَ مساقاتٍ جديدةً للفكر والثقافة والفنون».
وعن ماذا تعني لها الثقافة وكيف يمكن الاستفادة منها في التقارب بين الشعوب؟ تجيب كانو: «على عاتق أهل الثقافة تقع مسؤولية نشر قيم التسامح لقدرتهم على الوصول إلى الناس والتأثير فيهم وتشكيل وعيِهم. ونحن في أمس الحاجة إلى إعادة التأكيد على أنّ الثقافة في جوهرها رسالة تسامح وتعارف وتلاقٍ وتفاهم وتقارب بين الشعوب، ولا نجد مثالاً أكثر تجلياً في التعبير عن روحية الثقافة التي تعزز التقارب بين الشعوب من حاضنةِ ثقافتنا ومهدِ رسالتِنا، الدولة ضيفة شرف المهرجان لهذا العام المملكة العربية السعودية، وهي الدولة التي تقدّم للعالم كلّ عام نموذجاً حياً في موسم الحج كثقافة إيمانية جامعة، ورسالة إنسانية، وهي ملتقى عالمي تتجانس فيه الهويات والأعراق، والتي أرست مبادئ التعايش والحوار وقامت بتأطير ذلك في مؤسساتٍ عريقةٍ للحوار الديني والإنساني، بهدف نشر ثقافة الحوار وتعزيز التعايش المشترك عبر برامج ومبادرات تهدف إلى تعزيز روابط اللحمة الوطنية ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والتعايش بين أطياف المجتمع».
وعن كيف يمكن للفن والموسيقى أن يحملا رسالة التسامح؟ تقول كانو: «الثقافة والفنون محركان للفكر وأدوات للتنوير تجعل الإنسان متسامحاً مع نفسه ومع غيره. الفنون والموسيقى في جوهرها رسالة سلام ومحبة وتسامح وتعارف، تعمل على تقريب الشعوب وتجسير الهوة بين الثقافات وتساهم في نبذ التطرف والعنف».
وتضيف كانو: «نعم، تلعب الثقافة بمختلف مكوناتها من أدب وفنون وموسيقى وغيرها، دوراً محورياً في نشر رؤى التسامح والاعتدال. وفي المقابل، إذا فقد المجتمع بوصلته الثقافية، ارتفعت أصوات الجهل والكراهية وعدم احترام الآخر، فالمثقف يساهم في إرساء مبادئ التسامح وترسيخ قيم التعايش التي عرفتها مجتمعاتنا على مدى قرون كثيرة.
ولأن الموسيقى غذاء للروح والجسد، واحتياج إنساني كوني، يحمل في مهرجان أبوظبي 2017، كل من الأديب والشاعر والفنان والموسيقي رسالة التسامح ويقدمها كفضيلةٍ إنسانية تتجلى فيها قيم السلام والمحبة فناً وتشكيلاً جميلاً، وشعراً وأدباً وإبداعاً وموسيقى، وتأليفاً ولحناً وعذوبةً واستعادةً لأمجادِ حضاراتٍ وأمم قدّمت للإنسانية إرثاً عابراً للثقافات والهويات والقارات».
وتضيف: «كيف لا تكون الثقافة وجهاً آخر للتسامح، ونحنُ نشهد الإبداع الإماراتي لأكثر من خمسين فناناً تشكيلياً يحضرون بأعمالهم في قلب العاصمة أبوظبي وفي برلين ليعرّفوا بالمنجز الإماراتي ويفتحوا باباً للحوار مع العالم، وليحملوا رسالة التسامح من الإمارات إلى العالم أجمع». وتختم حديثها قائلة: «بالثقافة، والفنون، والموسيقى، استطاع مهرجان أبوظبي طوال عقد ونصف من عمره أن يُقيم حواراً عالمياً للثقافات على أرض الإمارات، دار التسامح، دار زايد».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».