الوزير عسكر لـ«الشرق الأوسط» : سنواجه المنظمات «المضللة» للجهات الدولية

د. محمد عسكر
د. محمد عسكر
TT

الوزير عسكر لـ«الشرق الأوسط» : سنواجه المنظمات «المضللة» للجهات الدولية

د. محمد عسكر
د. محمد عسكر

في أول تصريحات يدلي بها منذ تعيينه وزيرا قبل أيام، أكد وزير حقوق الإنسان اليمني، الدكتور محمد عسكر لـ«الشرق الأوسط» عزم حكومته مواجهة المنظمات المحلية التي تقوم بتضليل الرأي العام، وذلك خلال حديثه عن أبرز أولويات وزارته وعن نتائج الأنشطة والزيارات الدولية التي قام بها، في الآونة الأخيرة.
وقال عسكر إن «أولويات الوزارة في المرحلة القادمة عنوانها العريض حماية حقوق الإنسان اليمني في هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن وأول هذه الأولويات موضوع المختطفين والمخفيين قسريا لدى ميليشيات الحوثي وصالح، ونحن نهتم به ‏باعتباره ملفا وقضية إنسانية بامتياز».
ودشنت الوزارة، أخيرا، حملة دولية من جنيف لإلغاء حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة تتبع الميليشيات بحق الكاتب الصحافي يحيى الجبيحي، وتهدف الحملة إلى إطلاق سراحه وسراح كافة المعتقلين والمختطفين والمخفيين لدى الميليشيات الانقلابية. وقال وزير حقوق الإنسان اليمني إن «هناك آلاف الأسر التي تعاني يوميا بسبب اختطاف عائليها وأرباب تلك الأسر أو أبنائها، ولهذا نعمل وتوجيهات الحكومة على صرف مرتبات المختطفين والمثقفين السريان من جميع المحافظات إن شاء الله بالقريب العاجل»، مؤكدا أن «ملف المختطفين في السجون هو أولوية قصوى بالنسبة لنا سواء على مستوى الحقوق العامة وحشد الضغط الدولي على الميليشيات لإطلاق سراحهم أو على مستوى إعادتهم إلى أسرهم وصرف مرتباتهم».
وضمن الأولويات التي تحدث عنها الوزير البناء المؤسسي للوزارة في العاصمة المؤقتة عدن، و«بناء قدرات كادر الوزارة وناشطي المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في اليمن»، إضافة إلى «مسألة رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وخصوصا منها الجسيمة والجرائم التي ترتكب ميليشيات الحوثي وصالح».
وذكر الدكتور عسكر بأنه «‏على المدى المتوسط نتمنى أن نكون قد عملنا على تدريب وتأهيل أكبر عدد من ناشطي حقوق الإنسان ومن موظفي الدولة وتوعية تهم في جانب قضايا حقوق الإنسان، وكذلك البناء المؤسسي وبناء آليات وطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان سواء في المناطق المحررة وغير المحررة، ‏وعلى المستوى البعيد أتمنى أن يكون جزءا من بناء السلام في اليمن وتحقيق العدالة الانتقالية التي تسهم في تنفيذ مخرجات الحوار وتحقيق سلام دائم وشامل في اليمن».
وبخصوص زيارته الأخيرة إلى أوروبا وجنيف ونتائجها، قال وزير حقوق الإنسان اليمني، إنه جرى تدشين حملة دولية لإيقاف الاعتقال التعسفي وبحث قضايا المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم وزير الدفاع، اللواء محمود سالم الصبيحي والسياسي محمد قحطان ورفاقهم الآخرين، وأضاف عسكر: «‏وجدنا تجاوبا مهما من المنظمات الدولية، حيث كشفنا لهم جرائم الحرب ضد الإنسانية التي ارتكبتها الميليشيات بحق أبناء الشعب اليمني وإن شاء الله نستمر في هذا السياق حتى نصل إلى الرأي العام الدولي ونكشف له حجم الجرائم التي ترتكب في اليمن من قبل هذه الميليشيات»، وأردف الوزير عسكر: «‏كما خرجت جولتنا بالكثير من النتائج أبرزها موافقة كثير المنظمات الدولية على دعم الوزارة في موضوعين أساسيين، هما البناء المؤسسي وبناء القدرات وكذلك اتفقنا مع عدد من المنظمات على تمويل مشروع بناء مركز وطني في عدن لاستيعاب الأطفال المجندين من قبل ميليشيات الحوثي وصالح وإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا».
وإزاء الأنشطة التي تقوم بها بعض المنظمات «الحقوقية» اليمنية وغيرها لدعم الانقلاب والانقلابيين، قال وزير حقوق الإنسان اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة «ستواجه كافة أعمال التضليل التي تقوم بها بعض المنظمات المحسوبة على الميليشيات والمدعومة إيرانيا ومن اللوبي الإيراني الذي ينشط في الكثير من الدول العربية وفي الولايات المتحدة، سوف نواجه المنظمات الدولية بالحقائق وبالضحايا وأسرهم وأسر الشهداء والمعاقين وضحايا الألغام، وهي حقائق مفجعة وقد ارتكبتها الميليشيات في حق الشعب اليمني». ومضى الوزير عسكر يتحدث عن تعزيز مسار حقوق الإنسان في بلاده، مؤكدا أنه «لن يتعزز إلا بالوعي بأهمية حقوق الإنسان في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ اليمن، إذ لا يمكن أن تكون هناك حرب بهذا المستوى ولا يكون هناك تعزيز مواز لها في هذا المضمار»، ويؤكد أن «احترام حقوق الإنسان، أثناء الحرب، يجعل لهذه الحرب أهدافا أخلاقية وقيما عليا، يتم السعي لتحقيقها عبر الحرب».
وجدد الوزير اليمني تأكيد حكومته على أنها مع السلام «ولكن السلام الذي يكون قابلا للاستمرار والحياة، السلام الدائم والشامل»، مستعرضا المحطات التي جرت في المشاورات والتسوية السياسية والتي أفشلها الانقلابيون، وحول الجهود الجديدة للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، قال الوزير عسكر: «نتمنى أن يكون هذه المرة قد جاء بأفكار وطموحات تستلهم المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2016 والذي مضمونه يؤكد على فكرة إنهاء الانقلاب»، مؤكدا أنه «لا بد أن تكون أفكار ولد ‏الشيخ هي لتحقيق السلام في اليمن ولمنع أسباب نشوب نزاعات مسلحة في المستقبل القريب في اليمن لا بد أن تؤسس للسلام وليس لتسوية سياسية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.