الجامعة الأميركية في بيروت تكرم الفنانة الراحلة صباح

في حفل يقيمه برنامج زكي ناصيف للموسيقى تحت عنوان «لنتذكر ونكتشف»

الجامعة الأميركية في بيروت تكرم الفنانة الراحلة صباح
TT

الجامعة الأميركية في بيروت تكرم الفنانة الراحلة صباح

الجامعة الأميركية في بيروت تكرم الفنانة الراحلة صباح

لا تزال الفنانة اللبنانية الراحلة صباح تسكن في أذهان محبيها رغم مرور ثلاث سنوات على رحيلها - 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 - فمنذ وفاتها حتى اليوم جرى تكريمها في أكثر من مهرجان وحفل في مختلف المناطق اللبنانية، تقديرا لمشوارها الفني المميّز وهي الملقبّة بـ«الأسطورة». ومن هذا المنطلق قرّرت الجامعة الأميركية في بيروت إقامة حفل تكريمي لها في 2 مايو (أيار) المقبل ينظّمه برنامج زكي ناصيف للموسيقى تحت عنوان «لنتذكّر ونكتشف». هذا البرنامج الفني الذي تمّ تأسيسه منذ فترة قصيرة في الجامعة الأميركية كان سبق وأقام حفلا تكريميا مماثلا للراحلة سلوى القطريب في فبراير (شباط) الماضي.
ويحيي هذا الحفل الذي سيقام في قاعة «الاسمبلي هول» في حرم الجامعة فرقة الموسيقى العربية لبرنامج زكي ناصيف بقيادة المايسترو جورج حرو، يرافقها كورال البرنامج الذي يتألّف من نحو أربعين منشدا تشرف على أدائهم السوليست منال بوملهب.
ومن المقرر أن يستغرق الحفل 85 دقيقة، بحيث يتم افتتاحه بثلاثة مقاطع موسيقية من أغاني الفنانة الراحلة «عالبساطة» و«يانا يانا» و«يا دلع»، على أن يبدأ بعدها فريق الكورال بأداء أغنية «أهلا بهالطلّة أهلا» وهي من ألحان الراحل زكي ناصيف. وهذه الأغنية ستكون واحدة من بين مجموعة أغان لحّنها ناصيف لصباح مثل «يا جبال بلادي الخضرا» و«عالبنان لاقونا» و«تسلم يا عسكر لبنان» التي سيتم اختتام الحفل على وقعها. ومن الأغاني الأخرى التي سيتم إنشادها في هذا الحفل «كلّ ما باشوفك» و«قلعة كبيرة» و«حبيبة أمها» و«تعلى وتتعمّر يا دار»، إضافة إلى ميدلاي منوع يتألّف من ثلاث أغنيات لها «مسّيناكم وعالندى وعالصورة مضيلي». وكانت الجامعة الأميركية قد دعت أفراد عائلة الفنانة الراحلة لحضور الحفل، وفي مقدّمتهم ابنة شقيقتها كلودا عقل وشقيقها روجيه فغالي وابن شقيقها نبيل فغالي، إضافة إلى حشد من أهل الموسيقى والإعلام وأصدقاء صباح.
وأشارت كلودا عقل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها سعيدة بهذا التكريم الذي يصدر عن صرح جامعي عريق يشكّل رمزا من رموز لبنان الثقافية. وأضافت: «تستاهل صباح كل هذه التكريمات، لأنها قيمة فنيّة لن تتكرر بشهادة الجميع، ولقد أبدينا موافقتنا دون تردد على حضور هذا التكريم، لا سيما أن منظميه لم يوفروا جهدا ليكون على المستوى المطلوب دون أن يترددوا في مشاركة عائلة صباح بالاقتراحات التي يتضمنها برنامج الحفل». وأكدت عقل (ابنة الممثلة الراحلة لمياء فغالي) أن جوقة الكورال ستلقي الضوء على أغان جميلة لصباح لم تأخذ حقّها في الماضي مثل «أنا هنا يا ابن الحلال»، وهي من ألحان سيد مكاوي وكتب كلماتها صلاح جاهين.
ورأت كلودا عقل (والدها الصحافي الراحل فاضل سعيد عقل)، أن هذا التكريم سيكون عزيزا على قلوب أقرباء الفنانة الراحلة، لأنه سيذكرهم دون شك بابنها صباح الذي تابع دراسته الجامعية في هذا الصرح عندما تخصّص في مجال الطب على مقاعده. وقالت: «لابن خالتي ذكريات حلوة في الجامعة الأميركية في بيروت، خصوصا أن مدة دراسته فيها استغرقت وقتا نظرا للسنوات الدراسية الطويلة التي يتطلّبها تخصّصه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».