خيبة أمل في أوساط قضاة مصر بعد تصديق السيسي على قانون مثير للجدل

اعتبروه «تعدياً على استقلالهم»... ومساعٍ للطعن بعدم دستوريته

خيبة أمل في أوساط قضاة مصر بعد تصديق السيسي على قانون مثير للجدل
TT

خيبة أمل في أوساط قضاة مصر بعد تصديق السيسي على قانون مثير للجدل

خيبة أمل في أوساط قضاة مصر بعد تصديق السيسي على قانون مثير للجدل

أصيبت الأوساط القضائية في مصر، أمس، بخيبة أمل، بعد أن صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على تعديل قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية المثير للجدل، ليضع حدا لآمالهم في تدخل رئاسي لإنهاء أزمة عميقة بين البرلمان وعموم القضاة.
وقال قيادي في نادي قضاة مصر لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يعد لدى القضاة إلا اللجوء للطعن على القانون، بعد أن أصبح أمرا واقعا، وسط دعوات بين القضاة للتصعيد.
وفي خطوة مفاجئة، صدّق السيسي على تعديلات قانون اختيار رؤساء الهيئات البرلمانية، قبل انقضاء يوم واحد على إقرارها في البرلمان، ونُشرت التعديلات في الجريدة الرسمية في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس الخميس.
وتتيح التعديلات الجديدة للرئيس المصري اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين مرشحين متعددين، بعد أن كانت الجمعية العمومية لكل هيئة تقدم المرشح لرئاستها، بناء على الأقدمية، كمعيار وحيد درج العرف عليه.
وأثارت التعديلات منذ أن طرحت في أروقة البرلمان كمشروع قانون، غضب كثير من القضاة، واعتبروها تعديا على مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات. وأرسلت الهيئات القضائية، التي يوجب الدستور استطلاع رأيها في القوانين الخاصة بالقضاة، رفضها للبرلمان، كما حذر قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة من شبهات عدم دستورية تلك التعديلات.
ونشرت الجريدة الرسمية في وقت متأخر مساء يوم الخميس، التعديلات التي أجريت على قانون هيئة النيابة الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة وقانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة. والتعديلات مذيلة بتوقيع السيسي، وهو ما يعني أنها أصبحت نافذة.
وقال قيادي في نادي قضاة مصر، طلب عدم ذكر اسمه، إن «الوضع صعب للغاية، كنا نأمل أن يتدخل الرئيس لوضع حد للعبث باستقلال القضاء. لكن على أي حال القضاة يدركون اللحظة التاريخية الحساسة التي تمر بها البلاد. ومن الأفضل أن نلجأ للمحكمة الدستورية العليا لحسم الأمر، بعد أن أصبح القانون أمرا واقعا».
وكان مجلس إدارة نادي القضاة، قد قرر خلال اجتماع له يوم الأربعاء، بالتزامن من جلسة البرلمان التي أقرت القانون، دعوة أعضائه لعقد جمعية عمومية طارئة في 5 مايو (أيار) المقبل.
وقال المستشار عبد العزيز أبو عيانة، رئيس نادي قضاة الإسكندرية، رئيس المجلس الاستشاري لنادي قضاة مصر، في أول تعليق من القضاة على تصديق الرئيس على قانون السلطة القضائية، إن القضاة لا يريدون الصدام مع أحد. وأضاف في تصريحات صحافية، أمس، أن الرد بشكل قانوني عن طريق الطعن على قرار الرئيس باعتبار القانون «أصبح أمرا واقعا».
وجرت أمس اتصالات محمومة بين قيادات نادي قضاة مصر ومجالس إدارات أندية الأقاليم، التي كان مقررا أن تجتمع الاثنين المقبل، لمناقشة سبل الرد على إصرار البرلمان تجاهل القضاة الرافضين للمشروع.
وتنص التعديلات على أن يرشح المجلس الأعلى لكل هيئة قضائية أسماء ثلاثة من أقدم سبعة نواب لرئيسها المنتهية ولايته، ليختار رئيس الجمهورية أحدهم لخلافته. ومن بين هذه الهيئات محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية في البلاد، والتي ينظم عملها قانون السلطة القضائية.
وتبلغ فترة ولاية رئيس الهيئة القضائية أربع سنوات، أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال عمله.
ونصت التعديلات على وجوب إبلاغ رئيس الدولة بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يوما على الأقل. وفي حال «عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور... أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط... يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة».
وكانت تلك القوانين تنص قبل تعديلها على اختيار الجمعية العمومية لكل هيئة قضائية أحد القضاة ليرأسها، ويقتصر دور رئيس الجمهورية على التصديق على هذا الاختيار.
وشهدت جلسة البرلمان التي أقر فيها القانون احتجاج عدد من النواب، معتبرين أن التعديلات تمس باستقلال القضاء، وهو أمر يخالف نصوص الدستور، وانسحب 15 منهم من الجلسة عقب إقراره. وقال المستشار عادل الشوربجي، النائب الأول لرئيس محكمة النقض، عضو مجلس القضاء الأعلى، في تصريحات أمس، إن تصديق الرئيس السيسي على مشروع قانون السلطة القضائية يجعلنا ملتزمين به، مضيفا: «لا نستطيع عدم تنفيذ القانون».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.