المسلحون في جرود عرسال أمام خيارات تسوية بينها الرحيل نحو الشمال

ينقسمون إلى ثلاث فئات: «النصرة» و«داعش» وبقايا «الجيش الحر»

مسلحون في البقاع اللبناني يوقفون سيارات آتية من عرسال لتفتيشها قبل أكثر من عامين (غيتي)
مسلحون في البقاع اللبناني يوقفون سيارات آتية من عرسال لتفتيشها قبل أكثر من عامين (غيتي)
TT

المسلحون في جرود عرسال أمام خيارات تسوية بينها الرحيل نحو الشمال

مسلحون في البقاع اللبناني يوقفون سيارات آتية من عرسال لتفتيشها قبل أكثر من عامين (غيتي)
مسلحون في البقاع اللبناني يوقفون سيارات آتية من عرسال لتفتيشها قبل أكثر من عامين (غيتي)

انحصرت خيارات المقاتلين المعارضين السوريين والمقاتلين المتطرفين في جرود عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، بين التوصل إلى تسوية تقضي بإخلاء المنطقة والتوجه إلى العمق السوري، أو تسليم السلاح والانتقال إلى مخيمات اللاجئين السوريين في داخل عرسال، أو تسوية أوضاعهم مع النظام السوري، وهو الخيار الذي يرفضه المقاتلون «تجنباً للتجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام».
وأكد مصدر لبناني في بيروت واسع الاطلاع على جهود التوصل إلى اتفاق في جرود عرسال، أن «هناك محاولات للتسوية حالياً» في المنطقة تقضي بإخراج المقاتلين المعارضين للنظام السوري من جرود عرسال، لكنه شدد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن محاولات التسوية «بطيئة»، و«لم تصل إلى نتائج بعد».
في المقابل أكد مصدران في شرق لبنان، لبناني وسوري، لـ«الشرق الأوسط»، أن «سرايا أهل الشام»، وهي فصيل يجمع ما تبقى من مقاتلي «الجيش السوري الحر» في جرود عرسال، فتحت قنوات تواصل مع «حزب الله» اللبناني بغرض التوصل إلى تسوية. وشددا على أن الحصار الذي يتعرضون له في التلال الحدودية، بين قوات النظام السوري من الجهة الشرقية، و«حزب الله» من الجهة الجنوبية، والجيش اللبناني من الجهة الغربية: «لم يترك منفذاً لإبقاء الأمر على ما هو عليه».
وأوضح المصدر السوري الموجود في جرود عرسال لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلحين غير المتطرفين في المنطقة «يؤكدون ألا جدوى من البقاء، وأن الالتصاق بالمتشددين في الجرود يعرضهم للخطر»، لافتاً إلى أن المفاوضات «بدأت قبل خمسة أشهر وتوقفت، ثم تجددت في الفترة الماضية بعد إجلاء مقاتلي المعارضة من الزبداني ومضايا؛ ما يرفع المخاوف من عملية عسكرية لـ(حزب الله) في الجرود بغرض حسم الأمر، واستكمال سيطرته على سائر المنطقة في القلمون الغربي الحدودية مع شرق لبنان».
وينقسم المسلحون في منطقة جرود عرسال إلى ثلاث فئات، وتقدر أعدادهم بالمئات. القسم الأول هو من مقاتلي تنظيم داعش الذي يسيطر على المنطقة الواقعة بين جرود عرسال وجرود رأس بعلبك شمالاً، ويمتلك خط تواصل مع جرود بلدة قارة السورية ويتعرض هذا الخط للقصف الدائم، وغالباً ما يعتبر مقطوعاً. أما القسم الثاني، فهو من مقاتلي تنظيم «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، ويتمركزون في المنطقة المواجهة لبلدة عرسال، ويبدأ تواجدهم في منطقة تبعد نحو 5 كيلومترات علن آخر حاجز للجيش اللبناني في المنطقة في وادي حميد، وتحديداً في المصيدة، كما أن «حزب الله» وميليشيا «الدفاع الوطني» التابعة للنظام السوري تتواجد شرقهم على مسافة خمسة كيلومترات تقريباً في جرود فليطا السورية المواجهة للأراضي اللبنانية.
أما القسم الثالث، فهو من المسلحين التابعين لـ«الجيش السوري الحر»، ومعظمهم من النازحين من قرى القصير وريف حمص، ولاذوا بالجرود قبل أن توسع التنظيمات المتطرفة من سيطرتها في المنطقة؛ مما دفع هؤلاء المقاتلين للانضمام إلى كتلة عسكرية واحدة هي «سرايا أهل الشام»، سرعان ما تفككت مع اقتتال التنظيمات المتشددة. وقالت مصادر لبنانية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» إن عدداً من المنضمين إلى هذا التشكيل العسكري «ألقوا أسلحتهم ودخلوا مخيمات النازحين السوريين في عرسال بعد توسع (داعش) في الجرود، كما تخلوا عن العمل العسكري».
لكن قسماً من هؤلاء لا يزال في الجرود، ودخل أخيراً في مفاوضات مع «حزب الله» لتسوية الأوضاع بعد التطورات العسكرية التي أفضت إلى سيطرة النظام السوري و «حزب الله» على سائر منطقة القلمون الغربي، باستثناء هذه الرقعة الحدودية مع عرسال. وقال المصدر السوري إن «سرايا أهل الشام» «يمثلون المقاتلين المعتدلين، كما يمثلون الأهالي وينفذون رغبات المدنيين، وبالتالي فإن إمكانية الدخول في تفاوض عنهم كبيرة، في حين أن (داعش) لا يعير اهتماما للأهالي، ولا يفاوض عادة إلا على مكاسب كبيرة له».
وحول خياراتهم في المفاوضات، قال المصدر إنهم «يرفضون بشكل قاطع تسوية أوضاعهم مع النظام السوري، كما حال بعض المقاتلين في ريف دمشق، ويفكرون في أحد الخيارين، إما الذهاب إلى الشمال أو إلقاء السلاح والدخول إلى مخيمات عرسال»، مشيراً إلى أن هؤلاء «يرفضون الالتحاق بقوات النظام السوري التي ستجبرهم على الالتحاق بالجبهات العسكرية؛ كون معظمهم من الفارين من الخدمة العسكرية والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية».
وتتصاعد بين السوريين في عرسال الأنباء عن اقتراب «مرحلة الحسم» في الجرود، التي ستلي مرحلة طويلة من الحصار تمتد لنحو عامين، إثر تقلص المساحات الجغرافية التي كانت المعارضة تشغلها في المنطقة. وبينما يقول متابعون إن «حزب الله» الذي يتواجد في جرود نحلة المتاخمة لجرود عرسال من الجهة الجنوبية «لا يستطيع خوض عملية عسكرية في عرسال التي يغلب عليها الطابع السني، بسبب الحساسيات المذهبية والخصوصية اللبنانية»، استبعد الخبير الاستراتيجي اللبنانية العميد المتقاعد وهبة قاطيشا أن يقوم الحزب بعملية مشابهة في المنطقة في وقت يقوم الجيش اللبناني بمهامه في ملاحقة الإرهابيين وضرب تحركات المجموعات المتشددة، مشدداً على أن الحزب لا يستطيع أن يقوم بعملية في عرسال تتضمن 120 ألف مدني، كما أنه لا يستطيع تنفيذ عملية عسكرية في جرودها؛ لأنه لا يمتلك التجهيزات اللوجيستية التي تمكنه من تنفيذها.
وقال قاطيشا لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش اللبناني على جهوزية دائمة في المنطقة الحدودية الشرقية، ويضرب التنظيمات المتشددة حين يجد مجالاً متاحا للعمليات، أما (حزب الله) فلا يستطيع ذلك لسببين، أولهما لأنه لا ينتشر في المنطقة الجردية في عرسال، كما أنه لا يمتلك الوسائل الجوية التي أتاحت للجيش اللبناني تنفيذ الضربات والعمليات النوعية، لذلك، من الناحية العسكرية، لا يستطيع «حزب الله» تنفيذ تلك العمليات في الحدود الشرقية».
وينشر الجيش اللبناني مدافعه على طول المنطقة الحدودية المواجهة لعرسال باتجاه جرود راس بعلبك شمالاً. وعلى الرغم من أن الجيش اللبناني ثبت آخر حواجزه في منطقة المصيدة في جرود عرسال، وبقيت منها مسافة باتجاه الحدود السورية، إلا أن «التغطية النارية للجيش تشمل كل المنطقة تقريباً إلى العمق باتجاه الجبال الحدودية، حيث ينتشر فتح الشام و(داعش)»، بحسب ما يقول المصدر السوري.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.