رحيل جوناثان ديمي الباحث في الحلم الأميركي الزائل

أشهر أعماله فيلم إنساني وآخر مرعب

جودي فوستر وأنتوني هوبكنز في «صمت الحملان» - جوناثان ديمي
جودي فوستر وأنتوني هوبكنز في «صمت الحملان» - جوناثان ديمي
TT

رحيل جوناثان ديمي الباحث في الحلم الأميركي الزائل

جودي فوستر وأنتوني هوبكنز في «صمت الحملان» - جوناثان ديمي
جودي فوستر وأنتوني هوبكنز في «صمت الحملان» - جوناثان ديمي

يمكن وصف فيلم «صمت الحملان» (1991) بكثير من التعريفات. هو فيلم رعب. وهو اقتباس روائي (عن كتاب للتوماس هاريس). وهو فيلم احتوى على موهبتين لامعتين أمام الكاميرا (أنتوني هوبكنز وجودي فوستر)، وهو فيلم ناجح جداً بمعيار زمانه (273 مليون دولار عالمياً بتكلفة لم تتجاوز 20 مليون دولار).
لكن لا يمكن استكمال أي من هذه المواصفات من دون الإشارة إلى المخرج جوناثان ديمي (Demme) الذي قام بتحقيق هذا الفيلم وجلب إليه مدير تصويره المفضل (الياباني الأصل تاك فوجيموتو) للغاية.
فبقدر ما هو فيلم رعب وفيلم مقتبس عن نص منشور وبقدر ما يحتفي بممثلين موهوبين وبنجاح تجاري كبير، هو فيلم من صنع مخرج مارس السينما بحب وتنوّع منذ عام 1974 وتوفي في السادس والعشرين من هذا الشهر مخلفاً وراءه نحو 90 فيلما سينمائيا وفيلم فيديو أولها «حرارة في قفص» Caged Heat وآخرها «جوستن تمبرلايك وتنيسي كيدز» في العام الماضي.
* حرارة في قفص
لجانب نشاط لا ينقطع، بحث جوناثان ديمي، في مهنته السينمائية، عن قيمتين: فنية وإنسانية. لم يستطع ممارستهما معاً على الدوام، لكنه ما كان يترك إحدى هاتين القيمتين حتى يلتقط الأخرى، وفي أفلام مثل «فيلادلفيا» و«ملڤِن وهوارد» و«صمت الحملان» ونسخة 2004 من «المرشح المنشوري»، التقط الجانبين معاً.
وُلد سنة 1944 وأحب باكراً فن الموسيقى وفن السينما. بدأ ناقداً سينمائياً بعدما فشل في دراسته الجامعية. والده عرّفه على المنتج الراحل جوزف ليڤين الذي ضمّـه إلى موظفي شركة «أڤكو إمباسي» (إحدى شركات الإنتاج المتوسطة التي سادت في الستينات والسبعينات) كملحق صحافي. خلال عمله ذاك تعرّف على المنتج والمخرج روجر كورمان وعبره حقق أول فيلم من ثلاثة أنتجها كورمان له وهو «حرارة في قفص» (أو «حرارة حبيسة» Caged Heat).
البعض كان يخلط بينه وبين جوناثان آخر انطلق في الفترة ذاتها هو جوناثان كابلان، ذلك لأن كليهما عمد إلى الفيلم التجاري المحض كبداية. كابلان في «ممرضات ليليات» سنة 1972 وديمي في «حرارة في قفص»، لكن كابلان استمر في هذا المنهج طوال سنوات عمله بينما تحوّل ديمي إلى الفيلم المؤطر فنياً بعد تجربته الثلاثية مع روجر كورمان.
لكن بالعودة إلى تلك الأعمال المبكرة، وبل إلى فيلمه الأول ذاك، نجد أن جوناثان ديمـي كانت لديه النية في التعامل نقدياً مع المحيط الاجتماعي ضمن التوليفة التي كان يوفرها له المنتج التجاري كورمان. «حرارة في قفص» كان، في جانب أساسي، عن نساء سجينات لم تتح لهن فرصة تحقيق الحلم الأميركي. في فيلمه الثاني، «كرايزي ماما» (1975) تعرّض لذلك الحلم الأميركي مباشرة متناولا شخصيات نسائية أخرى يتخلين عن السعي لتحقيق الذات ويكتفين بالمغامرة. الفيلم الثالث، «القتال بضراوة» (Fighting Mad) انتقل عبره لحكاية من بطولة رجالية لكن المساس بالواقع ما بعد انهيار الحلم، هو ما يدفع بيتر فوندا لخيارات صعبة.
أول فيلم بعد مرحلة كورمان سجلت كذلك الخطوة الأولى للمخرج ديمي صوب القضايا الاجتماعية الأكثر تمسكاً بالمعالجة الفنية والأكثر استجابة لدواعي المضمون. إنه «عالجه بعناية» (Handle With Care) الذي عرف أيضاً بـ«محطة المواطنين» سنة 1977، سيتعاطى المخرج هنا مع شخصيات عدة في بلدة صغيرة يجمعها الاستماع إلى محطة إذاعية في الوقت الذي تسعى فيه للتواصل. ينتقل دَمي بين هذه الشخصيات بسهولة ويصنع فيلماً عن روح أميركية جميلة قلما بتنا نشاهدها في أفلام اليوم.
معالجته تستحضر للذهن، وعلى الفور أسلوب عمل روبرت ألتمن، الذي كان سبق ديمي إلى هذا النوع من تداول الشخصيات من دون خط سير قصصي. على ذلك، هو فيلم مختلف في تناوله التفاصيل ومن خلال أنه كوميدي المعالجة على نحو أكثر مباشرة من كوميديات ألتمن الساخرة.
* علاقات وراء الستار
هذه العناية بالشخصيات سادت بعد ذلك طابع أعمال جوناثان ديمي فالتقطناها في «ملڤن وهوارد» (1980) الذي يتمحور بدوره حول من استطاع تحقيق الحلم الأميركي ومن لم يستطع، ثم في «شيء متوحش» و«متزوجة من العصابة» وكلاهما في أواخر الثمانينات.
خلال هذه الفترة وما قبلها بدأ ديمي تحقيق أفلام موسيقية، كون الموسيقى كانت، بالنسبة إليه، لا تقل أهمية عن السينما (وفي بعض أحاديثه قال إنها تأتي في المرتبة الأولى).
في عام 1991 عاد إلى الفيلم الروائي (بعد انقطاع خمس سنوات) وحقق فيلمه الأنجح «صمت الحملان»: جراح ماهر يعيش منفرداً ويهيم حبّـاً بمطبخه. لا مانع في هذا سوى أن طعامه مؤلف من لحوم بشرية. يعمل ديمي هنا لا على تحقيق فيلم مخيف فقط، بل أساساً على تحليل للعلاقات بين الشخصيات التي تتوزعه. المحققة التي تريد أن تتعرّف على دوافع المجرم وعلى المجرم الذي، كما يعرف كتـاب السيناريوهات، من الصعوبة تقديمه تحت ضوء إيجابي إذا ما كان على هذا النحو من الشر. لذلك، يستعين المخرج باللقطات القريبة للوجوه لكي تمكنه من دفع مشاهديه للتواصل مع شخصية هانيبال لكتر المخيفة.
فيلمه التالي هو «فيلادلفيا» (1993) الذي أصاب موضوع مرضى الإيدز، والعلاقات المثلية، في الوقت المناسب كون المرض المذكور كان ما يزال في انتشار وبائي.
لجانب أنه فيلم يبحث في الوقع المؤلم لضحاياه، ينتقي شخصيات من على جانبي المسألة. أولئك المتفهمين للمشكلة وأولئك المناوئين لها. وفي هذا المضمار يحاول المخرج إبقاء العلاقات المثلية مغطاة بستار تعرف ما وراءه لكنك لا تراه. فحتى في عام إنتاجه (1993) كان من المبكر، أميركياً، الإفصاح عن طبيعة العلاقات من دون الإضرار بمستوى الإقبال على الفيلم. هذا ما دفع النقاد للانقسام حول هذا الفيلم. هناك من اعتبره أفضل عمل دار حول المعضلة من الناحية الإنسانية على الأقل، وهناك من وجده متنازلاً وقابلاً بضغوط متطلبات السوق.
بعد هذين الفيلمين عمد ديمي إلى مزيد من الجمع بين أفلامه الشخصية (غالباً عن الموسيقى والمغنين) مثل فيلمين عن المغني نيل يونغ وآخر عن بروس سبرينغستين (ولديه فيلم عن السياسي جيمي كارتر سنة 2007) وبين تلك الهوليوودية من النوع الدرامي والكوميدي غالباً ومنها «محبوبة» (1998) «راتشل تتزوّج» (2008) لجانب الفيلم السياسي و«المرشح المنشوري» (2004). لكن الغلبة، عددياً، هي لأفلامه التسجيلية التي تكاثرت مع ابتعاده عن صف المطلوبين أكثر من سواهم لتحقيق أفلام هوليوود الجديدة.
في العام الماضي شوهد له «ريكي آند ذا فلاش» (افتتح مهرجان القاهرة) مع ميريل ستريب الذي يبقى آخر أفلامه الروائية. بعده أنجز آخر فيلم له وهو التسجيلي عن المغني جوستين تمبرلايك وفريقه «تنيسي كيدز».



إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».