الخرطوم تطالب جوبا بالكف عن التدخل في شؤونها الداخلية

جنوب السودان ينفي اتهامات بدعم حركات التمرد

الخرطوم تطالب جوبا بالكف عن التدخل في شؤونها الداخلية
TT

الخرطوم تطالب جوبا بالكف عن التدخل في شؤونها الداخلية

الخرطوم تطالب جوبا بالكف عن التدخل في شؤونها الداخلية

حذر السودان جمهورية جنوب السودان من الاستمرار في دعم حركات التمرد المناوئة له، وطالبها بالكف الفوري عن التدخل في شؤونه الداخلية، في وقت نفت فيه جوبا بشدة وجود أي معارض سوداني على أراضيها، ووصفت اتهامات الخرطوم بـ«الكاذبة»، مؤكدة أنها كانت تسعى لعقد لقاء قمة بين الرئيس سلفا كير ميارديت مع نظيره السوداني عمر البشير لمناقشة قضايا الترتيبات الأمنية على الحدود المشتركة بينهما، لكنها تركت الباب مواربا لتحديد موعد لهذه القمة.
واتهم جهاز الأمن والمخابرات السوداني جنوب السودان في بيان صحافي بمواصلة إيواء ودعم الحركات المناوئة للخرطوم، مشيراً إلى أن رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه الأول تعبان دينق قاي وقادة الأجهزة الأمنية عقدوا اجتماعات مع قيادة «الحركة الشعبية - شمال» في جوبا، وطالب جاره الجنوبي بالكف عن التدخل في الشأن السوداني، وذكر البيان أن معلومات تؤكد أن جوبا تعمل على إطالة أمد الحرب في السودان.
وقال بيان جهاز الأمن والمخابرات السوداني إن حكومة السودان ظلت «تمد أياديها البيضاء عوناً ودعماً إلى حكومة جنوب السودان منذ الانفصال، وفي كل المراحل الحرجة التي مرت بها، بما في ذلك تقديم الدعم الإنساني لمواطنيها، وفتح الحدود أمام مئات الآلاف من الذين فروا من الحرب والمجاعة، لكن حكومة جنوب السودان ردت على هذا التعامل الإنساني بالاستمرار والتوسع في دعم وإيواء الحركات المسلحة المتمردة حسب ما أوردته ووثقته المعلومات، بما في ذلك تقارير الأمم المتحدة».
غير أن السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان أتينغ ويك أتينغ نفى بشدة لـ«الشرق الأوسط» هذه الاتهامات ووصفها «بالكاذبة والمفبركة»، مشددا على أن بلاده لا تأوي أي معارض سوداني أو حركة متمردة على الخرطوم، و«هذه الاتهامات التي ساقها جهاز الأمن تعبر عن أحلام البعض في خلق توتر بين البلدين».
وأوضح أتينغ أن بعض الجهات داخل الخرطوم هي التي تخلق هذه الأزمات، وأضاف موضحا: «لقد كنا نرتب لعقد اجتماع قمة بين الرئيسين سلفا كير وعمر البشير لمناقشة قضايا أمنية، وغيرها من القضايا التي تهم البلدين... لكن مثل هذه الاتهامات التي يفبركها جهاز الأمن السوداني ستخلق عراقيل جديدة»، إلا أنه استدرك قائلا: «لكن رغم ذلك فإن وزارة الخارجية والجهات ذات الصلة تواصل إجراءات وترتيبات لعقد هذه القمة».
وكانت مصادر في الخرطوم وجوبا قد كشفت عن مساع من رئيس جنوب السودان لعقد اجتماع قمة مع نظيره السوداني عمر البشير، تسبقها اجتماعات لخبراء من الدولتين، يشارك فيها قانونيون بمساعدة الاتحاد الأفريقي، وكان متوقعاً أن تعقد في أديس أبابا.
وذكرت المصادر أن اللجنة التحضيرية ستستعرض التقدم الذي أحرز في اتفاق التعاون المشترك المبرم عام 2012، خاصة حول الترتيبات الأمنية ووضع آليات للتعامل مع الحركات المسلحة، وتشكيل لجنة فنية تابعة للأجهزة الأمنية لتنفيذ خطة أمنية، وتكوين قوة حدودية مشتركة بين البلدين.
من جانبه، نفى الأمين العام لـ«الحركة الشعبية – شمال»، ياسر عرمان، عقد حركته أي اجتماعات في جوبا، واصفاً بيان جهاز الأمن السوداني بـ«الكاذب»، وقال إن رئيس الحركة مالك عقار والأمين العام والجنرال عزت كوكو موجودون في أديس أبابا، و«معلومات جهاز الأمن مضروبة ومفبركة».
وتقاتل الحكومة السودانية، «الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال» في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ عام 2011. ولم تفلح أكثر من عشر جولات تفاوضية في إنهاء التنازع ووقف الحرب، لكن الطرفين دخلا في هدنة خلال الأشهر الأخيرة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.