رحلة من جيش صدام إلى أفغانستان

عبد الهادي العراقي
عبد الهادي العراقي
TT

رحلة من جيش صدام إلى أفغانستان

عبد الهادي العراقي
عبد الهادي العراقي

ظهر عبد الهادي العراقي في جلسات الاستماع التحضيرية لمحاكمته رجلا ذا بنية متوسطة وحاجبين كثيفين ولحية طويلة بيضاء يظهر فيها اللون الأسود على استحياء، وتشابهت هيئته وملامح وجهة إلى حد كبير مع ملامح وهيئة أسامة بن لادن لكنه أقصر قامة. وقد شارك في جلسات الاستماع مرتديا زيا باكستانيا مكونا من جلباب أبيض طويل وفوقه جاكيت أسود ووضع على رأسه عمامة بيضاء. وخلال الجلسات كان متابعا ويقظا لكل ما يقال ويدون بعض الملاحظات ويناقش فريقه للدفاع خلال الدقائق التي تأخذها المحكمة استراحة.
ووفق ما علمت «الشرق الأوسط» فإن العراقي متزوج وله أربعة أبناء تتراوح أعمارهم ما بين 15 و19 عاما، يحرص على الاتصال بهم تليفونيا وعبر خاصية فيديو مسجل توفره إدارة المعتقل للمحتجزين. وحياته اليومية بالمعتقل تتراوح بين الصلاة والقراءة وممارسة بعض الرياضة. وقد اقتيد العراقي إلى معتقل غوانتانامو في 2 أبريل (نيسان) 2007 بعد أن احتجزته الاستخبارات المركزية الأميركية. ويعد العراقي من العشرة الكبار المحتجزين بشكل منفصل في سجن سري داخل معتقل غوانتانامو. وخلال جلسات الاستماع الأولى أصر عبد الهادي على أن اسمه الحقيقي هو نشوان التامير، واستخدم فريق الدفاع هذا الاسم رغم أوراق القضية التي تشير له باسم العراقي.
يقول أعضاء فريق الدفاع إنه محارب، يتمتع بصفات الجندي في ساحة المعركة، وإنه رغم ثورته على الحارسات السيدات في المعتقل فإن لديه احتراما وتقديرا كبيرا للمرأة.
وهو من مواليد مدينة الموصل شمال العراق عام 1961 ويعد أحد أبرز قادة تنظيم القاعدة وعضو مجلس شورى المجاهدين في العراق.
ويعد العراقي هو الرجل الوحيد من بين المحتجزين في معتقل غوانتانامو الذي يحمل خبرة عسكرية؛ فقد خدم في الجيش العراقي وكان ضابطا برتبة رائد، وشارك في الحرب العراقية الإيرانية في فترة الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين، وفي أعقاب استيلاء صدام حسين على الكويت وحرب تحرير الكويت سافر العراقي إلى أفغانستان في نهاية الثمانينات ليحارب القوات السوفياتية وانضم لمجموعة من المجاهدين عرفت باسم كتيبة الأنصار يرأسها أحد أمراء الحرب واسمه عبد رب الرسول سياف.
وعندما غرقت أفغانستان في حرب أهلية في بداية التسعينات، أقام العراقي في مدينة بيشاور غرب باكستان وأشرف على معسكرات تابعة لسياف لتدريب المجندين. وبعد عدة سنوات انضم لتنظيم القاعدة وأصبح قريبا من أسامة بن لادن واحتل موقعا متميزا في مجلسه للشورى الذي كان يتكون من عشرة مستشارين فقط.
وتقول أوراق البنتاغون إن عبد الهادي العراقي حظي بثقة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ولعب دورا مهما كهمزة وصل بين تنظيم القاعدة وطالبان من جهة وتنظيم القاعدة في العراق من جهة ثانية. وتعامل مع كبار قادة التنظيم مثل خالد شيخ محمد وأبو فراج الليبي.
وفي أواخر التسعينات قاد عبد الهادي العراقي وحدة المتطوعين الدوليين الذين قاتلوا مع طالبان ضد التحالف الشمالي لأحمد شاه مسعود في المحافظة الشمالية الشرقية تاكهار. وأصبح العراقي مستهدفا من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية بعد قيامة بهجمات إرهابية في شرق أفغانستان في مايو (أيار) 2002 عندما قاد عمليات تفجير أدت إلى مقتل عدد من القوات الأميركية والقوات الأفغانية في الفترة بين عامي 2002 و2004.
وتقول أوراق القضية إنه قاد ونفذ هجوما على القوات الأميركية بالقرب من مدينة شكين بأفغانستان في 29 سبتمبر (أيلول) 2003 وأدى الهجوم إلى مقتل جندي وجرح اثنين. وفي 30 سبتمبر 2003 قاد العراقي تنفيذ هجوم في منطقة شكين بأفغانستان وأدى إلى مقتل الجندي الأميركي إيفان أونيل (19 عاما)
وفي 27 يناير (كانون الثاني) 2004 خطط العراقي وقام بتمويل عملية تفجير انتحارية أسفرت عن مقتل الكابتن جيمي بريندان ميرفي وهو جندي من القوات الكندية، ومول تفجيرا انتحاريا آخر في 28 يناير 2004 أسفر عن مقتل جندي بريطاني وجرح جنود بريطانيين.
وفي 23 مايو 2004 خطط ومول ودرب أتباعه لشن هجوم على قافلة عسكرية نرويجية بأسلحة صغيرة وقنابل مما أسفر عن مقتل أحد أعضاء الجيش النرويجي وإصابة آخرين.
وفي 29 مايو 2004 أمر بتمويل تفجير على جانبي طريق قالات في أفغانستان مما أدى إلى مقتل أربعة جنود أميركيين من قوات العمليات الخاصة.
تولى العراقي مسؤولية التخطيط للهجمات ضد القوات الأميركية وقوات التحالف حتى ألقي القبض عليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2006 في تركيا بينما كان يحاول الوصول إلى العراق من أفغانستان بأوامر من أسامة بن لادن لتقديم المشورة والمساعدة لتنظيم القاعدة في العراق. وتم احتجازه من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية لمدة 170 يوما، لكنه لم يخضع لأساليب الاستجواب المعززة لدى وكالة الاستخبارات (الإيهام بالغرق)، وبعدها تم ترحيله إلى معتقل غوانتانامو في أبريل 2007. ووجهت له تهم شن هجمات وقتل جنود من قوات التحالف في أفغانستان والتخطيط لمؤامرة لاغتيال الرئيس الباكستاني برويز مشرف. ومن المقرر أن تستمر جلسات الاستماع للتحضير لمحاكمته لعدة شهور على أمل أن يتم تحديد جلسة للمحاكمة خلال صيف 2018. وقد وجهت اللجنة العسكرية له تهمة ارتكاب جرائم حرب وليس ارتكاب جرائم إرهابية لكن في حالة الإدانة فإن العقوبة هي السجن مدى الحياة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.