عالم مناخ أسترالي يتوقع اشتداد ظاهرة «النينيو» لتصبح الأقوى منذ عقود

شرق القارة القطبية الجنوبية يتعرض للذوبان ويزيد من ارتفاع منسوب مياه البحار

ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي
ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي
TT

عالم مناخ أسترالي يتوقع اشتداد ظاهرة «النينيو» لتصبح الأقوى منذ عقود

ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي
ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي

قال عالم مناخ أسترالي إن «ارتفاع درجات حرارة المحيط الهادي والحركة السريعة للمياه الدافئة في اتجاه الشرق تزيد من مخاوف اشتداد ظاهرة النينيو الجوية لهذا العام لتصبح الأقوى خلال عقود عدة». وتؤثر النينيو وهي ظاهرة دفء مياه سطح المحيط الهادي على الأحوال الجوية ويمكن أن تتسبب في فيضانات وأيضا موجات جفاف في مناطق مختلفة من العالم مما يؤدي إلى نقص إمدادات الطعام، حسب «رويترز».
وتشير غالبية نماذج الطقس المتوقعة إلى أن النينيو قد تحدث منتصف العام تقريبا لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة قالت في 15 أبريل (نيسان) إن من السابق لأوانه تقدير قوتها المرجحة.
لكن الدكتور وينجو كاي خبير المناخ في منظمة الكومنولث للعلوم والأبحاث الصناعية التابعة لأستراليا قال إن «ارتفاع درجة حرارة مياه المحيط الهادي أكثر من المستويات التي حدثت في السنوات التي شهدت ظاهرة النينيو من قبل والحركة السريعة للمياه الدافئة في اتجاه الشرق زادت من مخاوف اشتداد الظاهرة هذا العام».
وقال كاي لـ«رويترز» «أعتقد أن ما يحدث يتفق مع كثير من صفات نينيو قوية». النينيو القوية تحدث مبكرا وشهدنا ذلك خلال الشهرين الماضيين وهذا شيء غير معتاد.. الرياح التي تسبب التدفئة قوية جدا وهناك ما نسميه بالعناصر الشرطية حيث يجب أن يكون هناك الكثير من موجات الحر في النظام حتى تحدث نينيو قوية.
واستند العالم الأسترالي في توقعاته على البيانات الدراسية التي نشرتها الإدارة الأميركية الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
ويقول خبراء الأرصاد الجوية إن «احتمال حدوث ظاهرة النينيو سيتأكد خلال الشهر أو الشهرين القادمين وإن كان يصعب الآن تحديد مدى قوتها».
وقال مكتب الأرصاد الجوية الأسترالي في الثامن من أبريل (نيسان) إن «حدوث ظاهرة النينيو هذا العام مرجح بنسبة 70 في المائة ومن المقرر أن يصدر المكتب تقريره المحدث اليوم (الثلاثاء)».
وحدثت أشد ظاهرة للنينيو عام 1997 - 1998 وتسببت في فيضانات شديدة على طول نهر يانجتسي في الصين مما أدى إلى مقتل أكثر من 1500 شخص.كما أن اشتداد ظاهرة النينيو يزيد من احتمالات تأثر الكثير من السلع الزراعية في آسيا وأستراليا.
إلى ذلك، أثبتت دراسة أن جزءا من شرق القارة القطبية الجنوبية أكثر عرضة للذوبان مما كان يعتقد من قبل مما قد يؤدي إلى انجراف للثلوج في المحيط بشكل يصعب وقفه وزيادة منسوب مياه البحار لآلاف السنين، حسب «رويترز».
وذكر التقرير أن «ويلكس باسين» شرق القارة القطبية والذي يمتد لأكثر من ألف كيلومتر في الداخل به كمية كافية من الجليد لرفع منسوب مياه البحار ما بين ثلاثة وأربعة أمتار في حالة ذوبانه كأحد آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقال ماثياس مينجيل من معهد بوستدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا في بيان إن «ويلكس باسين بشرق القارة القطبية الجنوبية مثل قنينة مائلة وبمجرد نزع سدادتها سينسكب ما فيها».
وقال أندريس ليفرمان المشارك في هذه الدراسة وهو من معهد بوستدام أيضا لـ«رويترز» إن «النتيجة الرئيسة هي أن تدفق الثلوج سيتعذر وقفه إذا بدأت في الحركة. وقال إنه ما زال يوجد وقت للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات معينة للإبقاء على الجليد في مكانه».
ووعدت نحو 200 حكومة بإبرام اتفاقية للأمم المتحدة بحلول نهاية 2015 للحد من زيادة انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض والتي يصنعها الإنسان والتي تقول لجنة بالأمم المتحدة إنها ستؤدي إلى مزيد من الجفاف وموجات الحر وهطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر.
وفي المعظم تتركز المخاوف من ارتفاع منسوب مياه البحار والذي يمكن أن يغرق مناطق منخفضة تمتد من شنغهاي إلى فلوريدا على الثلوج في جرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية بالإضافة إلى كميات أصغر بكثير من الجليد في سلاسل جبلية تمتد من الهيمالايا إلى الإنديز.
وتعد دراسة من بين أول الدراسات التي تقيس الأخطار في شرق القارة القطبية الجنوبية والتي تعد مستقرة عادة. وتعادل مساحة القارة القطبية الجنوبية الولايات المتحدة والمكسيك معا وهي تحتوي على كميات من الجليد تكفي لرفع منسوب مياه البحار نحو 57 مترا إذا ذابت كلها.
وأشارت الدراسة إلى أن ذوبان الغطاء الجليدي قد يستغرق 200 سنة أو أكثر إذا ارتفعت درجة حرارة المحيطات. وفور إزالته فقد يستغرق الأمر ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف سنة لإفراغ ويلكس باسين من الجليد لأن الجاذبية الأرضية تسحب الجليد تجاه البحر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».