«رؤى»... إبداعات تشكيلية تحرر الموهبة من حبس الإعاقة

29 لوحة للفنان المصري رضا فضل في معرضه الأول

الفنان رضا فضل يضع لمسات أخيرة على إحدى اللوحات بالمعرض
الفنان رضا فضل يضع لمسات أخيرة على إحدى اللوحات بالمعرض
TT

«رؤى»... إبداعات تشكيلية تحرر الموهبة من حبس الإعاقة

الفنان رضا فضل يضع لمسات أخيرة على إحدى اللوحات بالمعرض
الفنان رضا فضل يضع لمسات أخيرة على إحدى اللوحات بالمعرض

«إبداع فني من رحم الإعاقة»، «قصة طموح تتحدى الظروف الصعبة».. هذا ما ستحدثك به نفسك عندما تتجول بين الأعمال التشكيلية في المعرض الفني الذي يحمل اسم «رؤى»، لصاحبه الفنان المصري رضا فضل، الذي أبى منذ صغره أن يستسلم إلى لقب «ذوي الاحتياجات الخاصة»، كونه فاقدا للكفين والساعد الأيمن.
المعرض الذي يضم 29 عملا فنيا، يحمل أساليب أدائية ورؤى فنية متعددة، فبعض أعماله تحبير على ورق كانسون بأحجام مختلفة، وأعمال أخرى بطريقة المنوتيب أو طباعة المرة الواحدة بالحبر على ورق بريستول، وأكثر من عمل بطريقة التنبرا التي كان يستخدمها قدماء المصريين، وقوامها الأكاسيد والشمع وبعض الأعمال الفنية بالإكريلك.
كما تنوعت الملامس على سطح العمل الفني باستخدام أكثر من أداة فنية، ما بين الفرشاة أو سكين الباليته، وما بين قلم الرابيدو واستخدام حبر الكينو.
ومن خلال هذا التنوع في الأساليب والأدوات، جاء اختيار فضل لاسم معرضه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اخترت للمعرض اسم (رؤى) نظرا لاختلاف الأساليب الأدائية والرؤى الفنية في الأعمال وتنوع الموضوعات، كما أن الاسم يعد أيضا تيمنا باسم ابنتي رؤى، البالغة من العمر 5 سنوات وهي تشاركني فيه بعمل لها». وأضاف: «المعرض نتاج تجارب فنية كثيرة تعلمتها خلال حياتي الفنية والدراسية السابقة، وهو الأول لي بشكل مستقل ومنفرد، بعد معارض جماعية كثيرة شاركت من خلالها بأعمالي مع زملائي من الفنانين ذوي القدرات الخاصة على مدار السنوات الماضية، ونلت عنها عدة جوائز».
من أبرز لوحات المعرض، عمل يحمل عنوانه ويعبر عن طفولة الفنان التي استوحاها من ابنته ونظرتها له وكيف ترى إعاقته، كما تعكس أعمال أخرى ذكرياته في الريف المصري وسط الفراشات والبالونات وصيد الأسماك. كما ترصد أعمال أخرى ملامح تراثية وريفية.
يذكر أن فضل، شارك خلال السنوات القليلة الماضية في الكثير من الملتقيات الفنية والمعارض الجماعية التي تجمع إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، واستطاع فيها أن يلفت نظر النقاد والجمهور لموهبته، خاصة «صالون الفن الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة» الذي تنظمه وزارة الثقافة سنويا والذي نال فيه المركز الأول لأكثر من دورة متتالية.
كما نال خلال السنوات الماضية شهادات تقدير وميداليات، منها شهادة تميز من منظمة اليونيسيف، وميدالية بيت العرب من جامعة الدول العربية، كما كُرّم من قبل الكثير من الشخصيات، منهم الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، والأمير الوليد بن طلال، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وقرينته.
ويختتم صاحب المعرض حديثه مع «الشرق الأوسط» قائلا: «آمل من خلال هذا المعرض في بداية جديدة وقوية لي على الساحة الفنية، فطموحي متواصل، وأتمنى أن يكون بداية لسلسلة معارض محلية، كما أتمنى الوصول بفني بشكل خاص، وفن ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام، إلى العالمية، لنقول لكل العالم إنّنا لا نقل إبداعا عن الأسوياء».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».