السودانيون يتفننون بطهي اللحوم

من أشهرها السلات والأقاشي

السودانيون يتفننون بطهي اللحوم
TT

السودانيون يتفننون بطهي اللحوم

السودانيون يتفننون بطهي اللحوم

يشهد السودان حاليا نمطا جديدا من العيش، فقد فرضت متطلبات الحياة على شعبه نوعا من التغيير في العادات، وبعد انتشار المطاعم ومحال المأكولات الجاهزة بكثرة، بات أهل الخرطوم يعتادون على تناول وجباتهم خارج المنازل، الأمر الذي لم يعهده أهل هذا البلد الغني بثرواته الحيوانية من قبل. وأهم الوجبات التي اجتاحت أسواق المأكولات، تلك المتخصصة التي تعنى بتصنيع وبيع اللحوم المطبوخة بمختلف أنواعها ونكهاتها المبتكرة محليا أو المستوردة من ثقافات شعوب مجاورة، بما في ذلك اللحوم المجففة، لا سيما مع زيادة عدد المصانع المحلية التي باتت تنتج اللحوم المجففة مثل البسطرمة والمرتديلا والسجق والنقانق «هوت دوغ» ولحم البقر المشوي الـ«روست بيف».
أضحت الأسواق الشعبية في السودان، تفيض بمنتجات اللحوم الطازجة مشوية كانت أو محمرة وأشهرها شواءات الجمر والصاج والسلات والأقاشي، بمختلف أسرار نكهاتها وبهاراتها وفنون طهيها.

سوق قندهار

يعتبر سوق الناقة أو قندهار لاحقا، أشهر أسواق اللحوم المطهية في السودان، وتعود تسميته الأولى لأيام خلت، كانت تشكّل السوق حينها مركزا لتجارة الجمال القادمة من غرب السودان باتجاه مصر والخليج، وأصبحت تعرف اليوم بسوق قندهار بعد ترحيله، منذ نحو 12 سنة لمسافة لا تتجاوز 15 كيلومترا، لكنها كانت كفيلة بتغيير اسمه وطبيعته، حيث جعلته على مقربة من جبال شبيهة بجبال قندهار الأفغانية التي كانت تتصدر نشرات الأخبار، إبان الغزو الأميركي لأفغانستان في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2001، ولكثرة إعجاب السودانيين بنضال الشعب الأفغاني الذي وقف في وجه هذا الغزو. فيما أرجعت بعض المصادر الاسم لـ«غضب» ضد الجبروت الحكومي وفرض ضرائب وجبايات في زيادات مطردة من دون أي خدمات في منطقة نائية، وعلى الرغم من كل الصعاب فقد تحولت السوق بل باتت معلمًا سياحيا يجذب أهل العاصمة وضيوفهم من مختلف الجنسيات والمستويات الاجتماعية، ببساطته، وبلذة طعم أطباقه من اللحوم التي تُذبح يوميا فتكون طازجة وطرية.
تبدأ طاهيات قندهار ساعات الصباح الباكر استعداداتهن بتحضير قدورهن والكوانين وصاجات التحمير والشوايات. ومع زيادة ساعات النهار وحسب رغبة الزبائن الذين يختارون نوع اللحم وكذلك كيفية طهيه، تعمل الطاهية وهي جالسة على مقعد خشبي تقليدي يسمونه «بنبر»، فيما يجلس الزبائن على مقاعد بلاستيكية أو خشبية بسيطة ترص بذوق فوق أرض رملية (مقشوشة ومرشوشة)، مستمتعين بالروائح التي تعبق في المكان منتظرين طلباتهم.
يعتبر الشواء على النار مباشرة «شية الجمر»، من أشهى أنواع الطبخ المعهود في قندهار وكذلك اللحوم المحمرة «شية الصاج» بعد تقطيعها قطعا صغيرة يسهل تناولها باليد، وخيارات اللحم تتنوع بين لحم الإبل والبقر والضأن.
يأتي طبق اللحم مصحوبا بقطع من الخبز البلدي وسلطة خضراء تتكوّن من طماطم وخيار وبصل وجرجير، ولا يُنسى ما للشطة الحمراء المخلوطة بالليمون ومسحوق الفول وقليل من الملح من نكهة مميزة.
وانتشرت في شوارع الخرطوم بفروعها الثلاثة الرئيسية في الآونة الأخيرة، أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، محال حديثة، واجهاتها من زجاج وأرضيتها من رخام، يعمل فيها جزارون وباعة من الشباب، اقتبسوا الفكرة من سوق قندهار حيث يختار الزبون اللحم وطريقة طهيه؛ لكن وعلى الرغم من الحداثة وسهولة الوصول لهذه المحال، فإن أجواء قندهار تظل أكثر عفوية وتحمل روح المغامرة، فهي تتوسط الصحراء بعد اجتياز طرق مزدحمة وترابية ملتوية مما يزيد إحساس القادم إليها بالجوع والعطش.

الأقاشي

الأقاشي طبق من اللحم يُتبل بنوع خاص من البهارات بعد تقطيعه إلى شرائح عريضة رقيقة، يعلق في عيدان خشبية خاصة ليتعرض بعدها للنار لنحو ربع ساعة، ويُقلّب على الوجهين بطريقة فنية.
عُرفت الأقاشي واشتهرت في غرب أفريقيا ومن ثمّ انتقلت إلى غرب السودان، مع القبائل المهاجرة، ثمّ وصلت إلى الخرطوم قبل سنوات قليلة، لتنتشر في المطاعم والمقاهي، وتدخل في منافسة شديدة مع باقي المشاوي المصنوعة من اللحم، كالبيرغر والشاورما والكباب، ولقي الأقاشي رواجًا كبيرا بين الناس لمذاقه الطيب.

السلات
وهناك نوع آخر لطرق طهي اللحوم يسمى «السلات» وصل إلى العاصمة من شرق السودان، وهو يختلف عن السلات المكي والخليجي. أمّا طريقة تحضيره فعلى الشكل الآتي، تُنتزع العظام من منطقة الضلوع بمهارة فائقة من دون المسّ بالّلحم أو إحداث أي ثقوب فيه، فيخرج قطعة متكاملة مترامية الأطراف تفرش فوق نوع معين من الحجارة تسمى «حصحاص» وهي ملساء ونظيفة تُختار بعناية فائقة وترص فوق نار قوية بحيث تمتص الحرارة إلى أن ينضج اللحم ويذوب عنه الدهن ويسقط في النار، ثم يقطع الضلع ويقدم.
وبعيدا عن المطاعم الشعبية المنتشرة في شوارعها تشهد الخرطوم سلسلة من المطاعم الفخمة، بعضها ملك سوداني خالص وبعضها بشراكة مع مستثمرين أجانب من الذين يؤمنون بمستقبل الخرطوم الواعد وبالسودان عموما بوصفها أرضا عذراء خصبة تصلح للاستثمار.
وفي حي الرياض الراقي الذي أمسى أكثر أحياء الخرطوم حيوية، حيث تفتح المحال أبوابها لساعات متأخرة من الليل، جالت «الشرق الأوسط» زائرة مطعم «سيدارز» ذا الشهرة الواسعة بما يقدمه من أطباق لحم «ستيك» بنكهات لذيذة الطعم ساحرة، ويفوق ثمن الطلب الواحد منه 130 جنيها، وهو مبلغ لا يستهان به.
وفي حديث مع يوسف السويدي مدير المطعم، وهو لبناني الأصل، برّر غلاء الأسعار بالزيادة المطردة في سعر اللحوم والزيادات غير المفهومة لما وصفه بـ«جبايات لا تنقطع»، موضحًا أنّهم لا يربحون من بيع اللحوم، ولكنّهم يعوضون الربح من بيع المشروبات التقليدية التي تحظى بإقبال هائل.
ووصف السويدي الذي سبق له العمل في عواصم أخرى حول العالم، اللحوم السودانية بمختلف أنواعها بأنّها من أجود أنواع اللحوم وتتفوق على كثير من تلك ذائعة الصيت والشهرة العالمية كالأسترالية والنيوزيلندية، لخلوها من «الزفر» كما أنّها طرية جدا ويرى أنّ سوق العمل في اللحوم سيزدهر في حال أعطوه حريته «المقننة».

الأكل في المطاعم

لم يشهد السودان سابقًا هجمة كالتي يشهدها اليوم في تبدّل عادات الأكل، فثقافة ارتياد المطاعم حديثة الولادة، ولها أسباب كثيرة فما هي ولماذا هذا التبدل الطارئ؟
«الشرق الأوسط» طرحت السؤال على مجموعة من الشباب السوداني، فأجمعوا على أنّ الإقبال على المطاعم لا شك أنه من دواعي التغيير الاقتصادي، بدأ مع الهجرة المتزايدة إلى العاصمة، وحاجة المهاجرين لمحال توفر لهم وجبة دسمة ومغذية سواء، إذ عادة ما تكون وجبة الإفطار طبق فول من أقرب دكان أو مطعم. ناهيك من حاجة الأسر والأصدقاء لبعض الترفيه في ظل أوضاع سياسية قاتمة، وندرة أماكن الترفيه في العاصمة ما يجعل فرصة تناول وجبة خارج المنزل «ترفيها» لا سيما مع تزايد أعداد الأمهات الخارجات إلى العمل.
كما أشاروا إلى حاجة معظم طلاب وطالبات الجامعات ممن جففت الحكومة من دخلهم، بالإضافة إلى مواقع العمل والمؤسسات التي توسعت من دون «كانتين أو كافيتريا» أو أي مكان خاص يتناولون فيه طعامهم اليومي، مؤكدين أنّ المنافسة وزيادة عدد محال الأطعمة تصب في مصلحة الزبون، وإن كان هذا لا يعني البتة أنّ الأسر لا تحرص على الالتفاف حول «صينية» الطعام.



مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
TT

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)

الشيف غابريال في «إيميلي في باريس» (Emily in Paris) هو شخصية محورية في المسلسل، وهو شاب فرنسي وسيم يعمل شيفاً في مطعم في باريس. يُجسِّد دوره الممثل الفرنسي لوكاس برافو. غابريال هو جار إيميلي، ويسكن في نفس المبنى الذي تسكن فيه البطلة الأميركية، التي تنتقل من شيكاغو إلى باريس للعمل في شركة تسويق. تنشأ بينهما علاقة معقدة ومليئة بالتوتر العاطفي، حيث تنجذب إيميلي إلى الشيف غابريال، لكنه في نفس الوقت مرتبط بعلاقة حب مع كامي، وهي إحدى صديقات إيميلي.

إلى جانب جاذبيته الشخصية، غابريال موهوب جداً في الطهي، ويكرس وقته بالكامل لمهنته طاهياً وحلمه الحصول على نجمة ميشلان للتميز. في مواسم لاحقة من المسلسل، يلعب دورُه في إدارة المطعم والطموح لفتح مطعمه الخاص دوراً مهماً في تطور قصته. العلاقة بينه وبين إيميلي وكامي هي جزء أساسي من دراما الحب الثلاثي، التي تتكرر في سياق المسلسل.

الطاولة الشهيرة التي يجلس عليها الشيف غابريال (إنستغرام)

الشخصية تعكس الجوانب الرومانسية والمهنية للعالم الباريسي، حيث يتفاعل الشيف غابريال مع شغفه بالطهي وتحديات العلاقات العاطفية.

هذه هي باختصار قصة الشيف الوسيم الذي يعمل في مطعم «ليه دو كومبير» (Les Deux Compères)، وهو موقع حقيقي ومعروف في باريس، لكنه في الواقع لا يحمل هذا الاسم. المطعم الحقيقي يُدعى «Terra Nera»، وهو مطعم إيطالي يقع في الدائرة الخامسة في باريس بالقرب من البانثيون، تماماً كما في المسلسل.

ومن وراء شهرة «إيميلي في باريس» عالمياً أصبح «تيرا نيرا» وجهة شعبية للزوار والمعجبين بالمسلسل، بعد أن تم تصوير مشاهد كثيرة فيه. على الرغم من أن المسلسل يظهره مطعماً فرنسياً بإدارة غابريال، فإن المطعم الحقيقي يقدم أطباقاً إيطالية.

ويدور كثير من الأحداث والمشاهد في المسسل في هذا المطعم الذي يلعب دوراً محورياً، فهو ليس مكان عمل الشيف غابريال فقط، ولكنه نقطة التقاء شخصيات رئيسية كثيرة في القصة أيضاً.

يشتهر مطعم «تيرا نيرا» بأطباقه الإيطالية الأصلية، فهو صغير الحجم يقصده الذواقة الباحثون عن عنوان إيطالي في قلب العاصمة الفرنسية، كما يشتهر أيضاً بخدمته الجيدة. ويعمل فيه أعضاء من عائلة إيطالية واحدة. من أشهر أطباقه: أنتيباستي ميزون، واللينغويني ألي فونغولي، وساليتشي نابوليتانا، وتورتا ديلا نونا، أو «تورتة الجدة»، ولاكريما كريستي.

ميزة المطعم أنه يقدم مأكولات إيطالية تقليدية مع التركيز على الأطباق الكلاسيكية، مثل البيتزا والمعكرونة، بالإضافة إلى اللحوم والأسماك التي تحضر على الطريقة الإيطالية المتوسطية.

يشتهر «تيرا نيرا» بالأطباق الإيطالية بما فيها الأسماك (إنستغرام)

ومن الأسباب التي زادت من شهرة المطعم هو موقعه في منطقة سياحية، وقربه من معالم ثقافية كثيرة، مثل البانثيون وجامعة السوربون.

الديكور في المطعم بسيط وجميل بنفس الوقت، وأجواؤه دافئة جداً، يجذب كثيراً من الزوار بسبب المسلسل الذي تنتجه «نتفليكس»، ما زاد من شعبيته بين عشاق «إيميلي في باريس» والسياح عموماً، وخاصة عشاق الأكل الإيطالي.

وقبل ظهور المطعم في المسسل كان المطعم مقصد الذواقة الإيطاليين والفرنسيين الذين يعشقون الأكل الإيطالي.

مطعم «تيرا نيرا» الإيطالي في باريس (إنستغرام)

الطاهي الرئيسي في مطعم «Terra Nera» في باريس هو «Giovanni Lepori». يتميز «Lepori» بخبرته الواسعة في تقديم المأكولات الإيطالية الأصيلة، مع التركيز على إعداد الأطباق باستخدام مكونات طازجة وتقنيات تقليدية، تعكس روح المطبخ الإيطالي. ومن الضروري أن تقوم بالحجز المسبق نظراً لشعبيته المتزايدة، خصوصاً خلال المواسم السياحية على مدار العام.