كشف المخرج الفلبيني والرائد في «السينما البطيئة»، لاف دياز، والمعروف بـ«الأب الروحي للسينما الفلبينية»، فلسفته الخاصة وعشقه لهذا النوع من الفن الذي يروي حكايات يكتبها بنفسه، وتعرض عبر مدة قد تتعدى الـ10 ساعات، مشيراً إلى أن مشاهدة الأفلام في عطلة نهاية الأسبوع ملأت ذاكرته بالصور حتى امتزجت السينما بروحه.
وقال دياز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتبر أفلامه وكأنها رواية طويلة ويحصل على وقته كاملاً في صناعتها مهما كلفه الأمر من وقت ومجهود، مضيفاً: «لا أريد حصر السينما وحكاياتها المشوقة والمثيرة في لقطات سريعة، ولا أنظر للوقت في أعمالي، ولا ألتزم بالحبكة، بل أطور القصة وفق رؤيتي».
وتابع: «لا أركز على شعور الجمهور سواء بالملل أو الارتياح تجاه العرض المطروح بالسينما، بل يكون تركيزي على المنحى التصاعدي للأحداث كما أريده، وكيفية عرض قصتي بأريحية لتصل فلسفتي لمن يريد مهما كانت المدة».
وأوضح دياز أن هناك من اشتكى له طول المدة التي يعتمدها في أفلامه، لكنه يركز فيما يريد ويترك للجمهور حرية الرأي في المتابعة من عدمه: «أكتب نصوصي بنفسي وأشعر وكأنني بداخل الحكاية ولا أريدها أن تنتهي مهما حصل؛ فالحبكة تجذبني شيئاً فشيئاً وأطورها كيفما أشاء».
وتحدث المخرج الفلبيني المعروف بأعماله التأملية التي يستعرض من خلالها روح بلاده وتاريخها المضطرب، وفق قوله، خلال ندوته بصفته خبيراً سينمائياً بملتقى «قمرة السينمائي» في دورته الـ11، والتي تقام راهناً في العاصمة القطرية الدوحة، وتستمر حتى 9 أبريل (نيسان) الجاري بتنظيم من «مؤسسة الدوحة للأفلام».
وذكر دياز خلال الندوة أن السينما أداة لفهم الإنسانية، كما تطرق إلى قسوة الديكتاتوريات التي دمرت بلاده، وفق قوله. مطالباً صناع الأفلام بتقديم المزيد عن الواقع وتوثيقه لاستكشاف الروح الفلبينية، مؤكداً أن السينما أمر روحي تعكس الواقع الذي يعيش بداخلنا.
وحسب دياز فقد تأثرت أفلامه بكلاسيكيات فيودور دوستويفسكي وليو تولستوي، التي عشق صفحاتها، خصوصاً فيلم «المرأة التي غادرت»، الذي قدمه قبل 9 سنوات، واستوحاه من قصة قصيرة للكاتب الروسي ليو تولستوي بعنوان «الله يرى الحقيقة لكنه يمهل»، ونال جائزة «الأسد الذهبي» بمهرجان «البندقية السينمائي» في دورته الـ73.

ونوه دياز إلى أن فيلم «مانيلا في مخالب النور»، الذي قدمه المخرج لينو بروكا منتصف السبعينات صدمه بشدة وغير مفهومه ونظرته للسينما وكيف أنها أداة قوية للتغيير؛ لأنه كان أول فيلم فلبيني يتضمن إدراكاً اجتماعياً عميقاً.
وأكد المخرج الفلبيني أن انتقاله إلى أميركا ثم العمل بصفته صحافياً في صحيفة «فيليبينو ديلي إكسبرس»، بولاية نيوجيرسي شكلا نقطة تحول في مسيرته الإخراجية، وبدأت فلسفته في فهم الزمان والمكان بالسينما تتضح، حيث قدم فيلمه «شارع ويست سايد» مطلع الألفية الجديدة، خلال مدة زمنية تقارب الـ5 ساعات من أجل استعراض واقع الشتات الفلبيني في أميركا بعد عدة تجارب سينمائية قصيرة، موضحاً أن «للشعوب في الفلبين وجنوب شرقي آسيا نظرة مختلفة تجاه الزمان والمكان».
وقدم دياز من قبل فيلم «تطور أسرة فلبينية»، الذي وصلت مدته إلى 11 ساعة، بينما استغرق إنجازه 10 سنوات، وذلك من أجل رؤية الحياة عبر نافذة السينما بمنظوره كي يتعايش الناس مع الأحداث من دون تلاعب، وفق قوله.

