السودان ومصر يتفقان على التهدئة وحل القضايا العالقة

غندور وشكري يحيلان النزاع على «مثلث حلايب» إلى رئيسي الدولتين

السودان ومصر يتفقان على التهدئة وحل القضايا العالقة
TT

السودان ومصر يتفقان على التهدئة وحل القضايا العالقة

السودان ومصر يتفقان على التهدئة وحل القضايا العالقة

أعلن وزيرا خارجية كل من مصر والسودان إحالة ملف «مثلث حلايب» المتنازع عليه بين البلدين إلى رئيسي البلدين، واتفقا على تنسيق المواقف بينهما، والعمل على نزع فتيل التوتر، بالإضافة إلى توقيع ميثاق شرف إعلامي لوقف الحملات المضادة. كما أعلنت مصر وضع ممتلكات المعدنيين السودانيين التي تحتجزها رهن تسلم حكومة السودان، ونفت التحريض على السودان في مجلس الأمن، وقالت إن مواقفها داعمة ومؤيدة للسودان في مختلف المؤسسات الإقليمية والدولية.
وأجرى وزيرا خارجية البلدين سامح شكري وإبراهيم غندور جولة مباحثات ضمن لجنة التشاور السياسي بين البلدين في الخرطوم، وذلك في نهاية زيارة استمرت يومين، سلم خلالها رسالة شفوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس عمر البشير تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
وتأتي المباحثات بين الوزيرين في أعقاب أزمة حادة شهدتها العلاقة بين البلدين، تبادلا خلالها الاتهامات، وشنت أجهزة إعلام في كلتا الدولتين حملات مناوئة للأخرى.
وقال وزير الخارجية السوداني في مؤتمر صحافي مشترك مع رصيفه المصري عقد بالخرطوم أمس، إنهما تحدثا بشفافية ووضوح حول كل تفاصيل علاقات البلدين، وتابع موضحاً: «لقد أجرينا حساباً دقيقاً لما تم إنجازه حتى الآن من فتح للمعابر، وانسياب لحركة المواطنين والسلع وقضايا قنصلية كثيرة، وحسبنا أن الرئيسين التقيا خلال الفترة الماضية 19 مرة، إما مباشرة أو على هامش مؤتمرات وقمم أفريقية وعربية».
وأوضح غندور أنهما بحثا تطوير علاقة البلدين التي وصفها بـ«الاستراتيجية»، وعلى تجاوز ما سماه «أي عقبات قد تقف حائلاً دون أن تصل العلاقة إلى مبتغاها»، وأنهما اتفقا على عقد لقاءات دورية على جميع المستويات لـ«تلافي ما يمكن أن يخدش العلاقة»، كاشفاً عن تطابق مواقف البلدين في القضايا الإقليمية والدولية، التي تقوم على الدعم المتبادل، منطلقةً في ذلك من تشابه المواقف والتحديات التي تواجه كلتا الدولتين، وعلى حل النزاعات في «اليمن، ليبيا، سوريا، العراق، الصومال، وجنوب السودان» عن طريق الحوار.
ومن جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه سلَّم رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس عمر البشير، أكد فيها الالتزام بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، باعتبارها «أمناً متبادلاً».
واعترف شكري بوجود توتر في العلاقة بين البلدين، بقوله: «أحياناً تكون هناك أمور تتطلب منا أن نتواصل لإزالة أي شوائب أو أي سوء فهم، أو سوء تقدير، لأنه ليس هناك محل، إلا أن تقوم هذه العلاقة على التقدير المتبادل والاحترام المتبادل».
وأوضح شكري بخصوص دعم بلاده لحكومة جنوب السودان بالسلاح، أن ذلك لن يكون خصماً من السودان، موضحاً أن ذلك يستهدف دعم مؤسسات الدولة لتقوم بواجباتها أمام المجتمع الدولي، وأن مصر تتعامل معها انطلاقاً من كونها دولة مستقلة وعضواً في الأمم المتحدة، وتابع موضحاً أن «دعم مؤسسات الدولة يأتي ليظل جنوب السودان دولة مركزية تضطلع بمسؤولياتها أمام المجتمع الدولي، ولا تنزلق فيما هو واقع من صراع داخلي».
وقال رداً على اتهامات سودانية بأن مندوب مصر لدى مجلس الأمن اتخذ موقفاً معادياً للسودان: «لا أخفى بأن هذا سبَّب لي على المستوى الشخصي ولكثير من المصريين قدراً من الألم، لأنه في حد ذاته يمثل نوعاً الشك وعدم الثقة، وعندما أثير هذا الحديث وافينا (معالي) الوزير بمداخلة المندوب المصري لدى مجلس الأمن، وهي موجودة وخالية تماماً من أي عبارة قد يستوحى منها عدم تأييد الموقف السوداني، أو أي نوع من التحامل على السودان، بل بالعكس هي كانت داعمة ومعضدة لموقف السودان ولرفع أي نوع من التحامل عليه»، وأوضح رأس الدبلوماسية المصرية أنه اتفق مع رصيفه السوداني على ترك ملف النزاع الحدودي بين البلدين على «مثلث حلايب» لقيادتي البلدين، وقال بهذا الخصوص: «هذه القضية يتم تناولها على مستوى القيادتين، وهناك تفاهم بينهما حول كيفية التناول وإطاره، والسبيل والتوقيت، وكل هذا من صلاحيات القيادتين»، فيما قال غندور إن «قضية حلايب هي قضية اجتماعات الرئيسين، واتفقنا على أن تترك للقيادة، لكن ناقشنا بعض التفاصيل على أن تناقش في الأطر المعنية بذلك»، متوقعاً حدوث اختراق في الملف المعقد بين البلدين بقوله: «ربما تشهد الأيام المقبلة تقدماً فيها».
وفيما يتعلق بحظر السودان لاستيراد السلع المصرية التي يقول إنها «ملوثة»، اتفق الطرفان على إحالة النقاش حول حظر السودان لاستيراد السلع المصرية إلى الجهات الفنية المختصة، وقال شكري في هذا السياق: «إنها ليست قضية تجارية، بل قضية مرتبطة بجوانب فنية، وعلينا أن نطلع على هذه المكونات الفنية والعملية»، موضحاً أن بلاده تنتظر النتيجة الفنية لحسم قضية التبادل السلعي، فيما قال غندور: «اتفقنا على ترك المنتجات الزراعية للأجهزة الفنية، وهي التي تقرر، إذ إن الموقف ابتداء كان يتعلق بقضية فنية».
وتوصل الوزيران إلى اتفاق يقضي بتوقيع «ميثاق شرف» بين إعلاميي البلدين، وبين مجلسي الصحافة في البلدين، يلتزم بموجبه الإعلاميون بدعم علاقة البلدين، والنأي عن الإساءة لأي من الشعبين أو البلدين أو أي من القيادتين، مهما كانت الأسباب.
كما اتفق البلدان، وفقاً للوزيرين، على وقف دعم كل واحد منهما لمعارضة الأخرى، وقال غندور إنهما أشارا إلى قضية بعض الحركات المتمردة الموجودة في القاهرة، وإن الوزير شكري أكد له أن الموجودين في القاهرة «لا يتمتعون بالحرية في العمل ضد السودان، أو العمل السياسي المعادي»، وعلى التعامل بالمثل في قضية مواطني الدولتين، وأن يحصلوا على إقامة لمدة ستة أشهر، ومهلة شهرين إضافيين قابلة للتجديد، حال دخولهم للبلد الثاني.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.