لبنان: قانون الانتخابات يعمّق الأزمة... وعون يجدد رفضه التمديد لمجلس النواب

المرعبي لـ «الشرق الأوسط» : الانقسام حادّ جداً وننتظر أن ينادي المنادي

لبنان: قانون الانتخابات يعمّق الأزمة... وعون يجدد رفضه التمديد لمجلس النواب
TT

لبنان: قانون الانتخابات يعمّق الأزمة... وعون يجدد رفضه التمديد لمجلس النواب

لبنان: قانون الانتخابات يعمّق الأزمة... وعون يجدد رفضه التمديد لمجلس النواب

يشكّل قانون الانتخابات العتيد مأزقاً حقيقياً للقوى السياسية في لبنان، التي أظهرت حتى الآن أنها عاجزة عن الاتفاق على قانون يحظى بقبول الكتل الكبرى، في ظلّ تراجع حركة الاتصالات والمشاورات، واقتراب موعد الجلسة التشريعية المقرّرة في 15 مايو (أيار) المقبل، بعنوان وحيد، هو التمديد للمجلس النيابي، وعدم الذهاب إلى الفراغ.
وأمام تضاؤل فرص الاتفاق على قانون جديد، وحتمية الذهاب نحو جلسة التمديد، وما تتركه من تداعيات، جدد رئيس الجمهورية ميشال عون، رفضه لخيار التمديد، بقوله «لا أحد يحلم بالتمديد لمجلس النواب أو البقاء على القانون نفسه أو حصول أي فراغ». ورأى أنه «آن الأوان لنتمكن من وضع قانون انتخابي جديد بعد 9 سنوات». وأضاف: «لقد نجحنا في بناء وحدتنا الوطنية وسنعمل على تحقيق المواطنة الكاملة للجميع، وسنتمكن من حلّ جميع الشوائب التي تعترضنا وسنتوصل إلى قانون انتخابي جديد».
من جهته، استغرب وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، في تصريح له، عدم انعقاد جلسات لمجلس الوزراء، وسأل: «لماذا لا تجتمع الحكومة لتسيير مرافق البلاد وتصريف أمور المواطنين، في الوقت الذي تعمل فيه هيئات عدة، منها ما هو معروف ومنها ما هو مجهول، وتقوم باتصالات في شأن التوافق على قانون للانتخابات النيابية».
غير أن تعقيدات قانون الانتخاب لا يمكن حلّها داخل مجلس الوزراء، على حدّ تعبير وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، الذي أوضح أن «الانقسام السياسي بات حاداً في لبنان، وهناك كثير من العوامل التي تبقي الأمور كما هي». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة المؤلفة من كل المكونات السياسية، غير قادرة على إقرار قانون الانتخابات بجلسة أو جلستين، لأن انطلاقها بالنقاش من نقطة الصفر قد يحتاج إلى سنتين». وسأل: «إذا عجزت الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية عن التوصل إلى صيغة يقبلها الجميع، فكيف للحكومة أن تنجز قانوناً لم يُتأمن توافق على خطوطه العريضة بعد؟».
وشدد المرعبي على أن «الخلاف قائم على كل بند من بنود هذا القانون، بدءاً من قانون الستين (النافذ)، وصولاً إلى المتخلط والنسبية الكاملة، لأن الانقسام حاد جداً». وأضاف: «طالما كل الحوارات والاجتماعات السابقة لم تصل إلى نتيجة، فسنبقى معلقين إلى أن ينادي المنادي باتفاق معيّن»، لافتاً إلى أن «ولاية المجلس النيابي اقتربت من نهايتها، وإذا لم نتفق فسنذهب للأسف من تأجيل إلى تأجيل ومن تمديد إلى تمديد، هذا إذا لم نذهب إلى الفراغ لا سمح الله».
يبدو أن تيار «المستقبل» مصرّ على النأي عن الصراعات الداخلية، وفق وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي قال، إن «خيارنا خلال المرحلة الانتقالية الخطيرة التي تجتازها المنطقة، ألا نكون جزءا من الاشتباك السياسي الداخلي، وأن نحتفظ بأنفسنا أمنيا وسياسيا على رغم الحرائق المحيطة بنا، وأن نتمسك بالثوابت القائمة على فكرة الدولة واستمرار مؤسساتها وأن نكون منفتحين على كل القوانين الانتخابية من دون استثناء».
وأكد المشنوق خلال حوار مع المكتب التنفيذي في «تيار المستقبل»، أن «هناك من يتهيأ له أنه يمتلك فائضا متنقلا من القوة، يستطيع استثماره في اللعبة الداخلية، لكن الأشهر المقبلة ستثبت أن هذا ليس سوى وهم كبير»، متحدثاً عن «الأسباب الموجبة التي دفعت (تيار المستقبل) إلى اتخاذ الخيارات السياسية الأخيرة». ولفت إلى أن «هذه الخيارات حالت دون استمرار تآكل مؤسسات الدولة، وحصنت الوضعين السياسي والأمني في البلد، وسط الحرائق التي تعم المنطقة». واعتبر المشنوق أنه «من الضروري أن نحتفظ بأنفسنا وبقدراتنا في انتظار التسوية التي ستتحقق في المنطقة»، مشدداً على «ألا تسليم ولا استسلام، كما يتصور البعض، بل على العكس: (تيار المستقبل) احتفظ بحرية الحركة السياسية، لكنه نقل الاشتباك السياسي من خارج النظام إلى داخل ملعب النظام بكامل مؤسساته الدستورية». وشدد وزير الداخلية على «أهمية دور رئاسة الجمهورية كمرجعية لكي لا يفتقد البلد إلى المرجعية».
عضو كتلة «الكتائب» النائب إيلي ماروني، اعتبر «إنقاذ المؤسسات الدستورية يبدأ بإقرار قانون للانتخابات لأن المجلس النيابي هو أم لكل السلطات، ومن دون مجلس نواب يمثل فعلا إرادة الشعب لن تكون هنالك أي سلطات». ودعا إلى «إقرار قانون على قياس الوطن والمواطن وليس على قياس المصالح، لأنه آن الأوان لأن نتحد جميعنا من أجل إنقاذ لبنان قبل فوات الأوان».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».