قلوب أطفال لبنان الضعيفة تنبض من جديد في حفل «زابينغ مع النجوم»

تنظمه جمعية «هارت بيت» بمشاركة نحو 100 فنان

قلوب أطفال لبنان
قلوب أطفال لبنان
TT

قلوب أطفال لبنان الضعيفة تنبض من جديد في حفل «زابينغ مع النجوم»

قلوب أطفال لبنان
قلوب أطفال لبنان

مرة جديدة سينبض قلب بيروت على وقع موسيقى من شأنها أن تنقذ حياة 300 طفل لبناني يعانون من تشوّه في القلب منذ ولادتهم كلّ سنة. وانطلاقاً من هدفها الإنساني الذي يصبّ في معالجة أطفال مرضى القلب، تنظّم جمعية «هارت بيت»، تحت عنوان «زابينغ مع النجوم» (zapping with stars)، حفلها الغنائي السنوي الثاني عشر على مسرح مركز (بيال) وسط العاصمة الذي يشارك فيه على مدى ليلتين متتاليتين (في 22 و23 الحالي)، أكثر من مائة فنان من بينهم مغنون وعازفون وراقصون.
يسبق هاتان الأمسيتان الموسيقيتان حفل عشاء يُنظّم خلاله مزاد علني على تحف قديمة ولوحات رسم، ويحضره نحو ألف شخص، وتّجمع فيه التبرعات من أجل علاج هؤلاء الأطفال. أمّا الحفلان الآخران فيتضمنان عرض لوحات غنائية تكريماً لفنانين راحلين من لبنان والعالم، أمثال ألفيس برسلي وداليدا وزكي ناصيف إضافة إلى غيرهم من نجوم الغناء الحاليين أمثال بيونسيه. وسيكون لفنانين لبنانيين مثل طوني توما ومنال ملاط وأنغريد نقّور إطلالات خاصة ليشاركوا في الحفل من خلال تقديمهم وصلات غنائية معروفة. ويقف إلى جانب هؤلاء أطباء وطلاب جامعيون أخذوا على عاتقهم مساعدة أطفال مرضى القلب من خلال تطوّعهم للغناء في الحفلين المذكورين.
وكانت جمعية «هارت بيت - سلسلة الأمل» التي تأسست في عام 2005 على يد عدد من الأطباء في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت، قد أطلقت هذا المشروع من أجل مساعدة أطفال مرضى القلب، بعد أن لمست صعوبة في تأمين العلاج المجاني لعدد كبير منهم. وانطلاقاً من هذه النقطة بالذات قررت تنظيم حفلات موسيقية سنوية من شأنها أن تساهم في إنقاذ حياة أولاد يعانون من أمراض القلب، وتصل نسبتهم إلى 1 في المائة من كل عام أي نحو 600 طفل لبناني. وتباع بطاقات دخول الحفلات في متجر «فيرجين ميغا ستور» بجميع فروعه في لبنان وتتراوح أسعارها ما بين 25 دولاراً و100 دولار.
يبلغ معدّل تكلفة علاج طفل واحد يعاني من تشوّه أو عاهة في القلب منذ الولادة، نحو خمسة آلاف دولار. واستطاعت «هارت بيت» حتى اليوم من تأمين العلاج لنحو 2500 طفل، من خلال إجراء عمليات جراحية وأخرى تعرف بالـ«قسطرة» أو من خلال متابعتهم بشكل دقيق ومدّهم بالدواء اللازم.
وعادة ما تتكلّل جميع الحالات بالنجاح والشفاء التام، باستثناء نسبة 5 في المائة منها، وغالباً ما يكون أصحابها يعانون من حالة صعبة تتطلّب علاجاً على المدى الطويل.
وتتولّى ثلاث لجان طبية درس ملف الطفل المستهدف علاجه من دون الاطلاع على هويته. فتضع الأولى منها تقريرها عنه، فيما الثانية تأخذ على عاتقها دراسة وضعه الاجتماعي حرصاً على إيلاء الطبقة الفقيرة أولوية المساعدة. أمّا اللجنة الثالثة فتكون طبيعة عملها إدارية تضم أطباء يشرفون على هذه الحالات لإبداء موافقتهم على تبني المستعصية منها، التي تستلزم علاجاً فورياً، وذلك بناء على التقارير المرفوعة إليها. ومن العروض الفنية التي ستشهدها الحفلتان المذكورتان لوحات راقصة تعبيرية وأخرى كلاسيكية لفريق ينحدر من مدرسة كركلا للرقص، تدرّب راقصوه على يد مديرة الفرقة اللبنانية العالمية إليسار كركلا. وكذلك ستأخذ جميع العروض المقدّمة المنحى التلفزيوني، بحيث يسودها طابع البرمجة التلفزيونية التي يتخللها إعلانات تجارية وهي كناية عن وصلات غنائية يشارك فيها طلابّ الجامعة اليسوعية لكليّة الطب. ومن المتوقّع أن يحضر الحفلتين ما فوق الألفي شخص يومياً، وذلك حسب ما ذكرته لنا ريم بلطجي مديرة شؤون الإنتاج لجمعية «هارت بيت». وحدّدت الجمعية المذكورة أوقات مختلفة لإقامة حفلتيها، بحيث تجري الأولى في الثامنة والنصف من مساء السبت 22 الحالي، فيما تجري الثانية منها في الخامسة والنصف من بعد ظهر الأحد المقبل (23 الحالي).
حتى اليوم لم تُرفض أي حالة مرض تلّقتها جمعية «هارت بيت»، وهي تأمل بأن تتطوّر إمكانياتها المادية، ليصبح في إمكانها معالجة أكبر عدد من أطفال مرضى القلب الذين يبلغ عددهم 600 طفل سنوياً في لبنان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».