«حكايا مسك» يفتتح فعالياته في أبها بتحفيز الطلبة على أنشطة إبداعية

«شهريار» يجذب الأطفال لكتابة القصة... وساحات الرسم واحة لتنمية الموهبة

بعض الطلبة أثناء التدرب على الرسم بالرصاص ورسم الكاريكاتير
بعض الطلبة أثناء التدرب على الرسم بالرصاص ورسم الكاريكاتير
TT

«حكايا مسك» يفتتح فعالياته في أبها بتحفيز الطلبة على أنشطة إبداعية

بعض الطلبة أثناء التدرب على الرسم بالرصاص ورسم الكاريكاتير
بعض الطلبة أثناء التدرب على الرسم بالرصاص ورسم الكاريكاتير

استقبلت فعاليات «حكايا مسك» التي افتتحت في مركز الملك فهد الثقافي بأبها، أمس، 5439 طالباً من طلبة التعليم العام، التحقوا بأنشطة تفاعلية تعزز مواهبهم وتحفزهم على الإبداع. ففي قسم «المؤلف الصغير» عقدت أربع مسرحيات ترفيهية تعليمية تفاعلية، أما في قسم «محترف الكتابة» فعقدت 4 ورش عمل عن كيفية كتابة البحث العلمي، وأثر الكتابة في المستقبل. في حين تدرب الطلاب في «ساحات الرسم» على أساسيات الرسم بالرصاص ورسم الكاريكاتير، بينما تعلموا في «معمل صناعة الرسوم المتحركة» تحريك الجرافيكس والكتابة الحركية والخدع البصرية، وفي «استوديو الإنتاج» أخذ الطلبة أساسيات في تصوير الظل وتصوير الطبيعة والإضاءة في الإخراج والصور الأحادية.
وقدّم هذه الدورات والأنشطة التفاعلية، التي تنظمها مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية» في أبها، كل من صالح أبو عراد ومحمد عسيري في «محترف الكتابة»، وعلي الشهري وأحمد آل عواض في «ساحات الرسم»، وحسن العسيري وعلي الفيفي وعمر الغامدي في «معمل الأنيميشن»، وسعد آل خرصان وعبد القادر الغوازي وحسين القحطاني في «استوديو الإنتاج»، حيث يعتمد مهرجان «حكايا مسك» على اكتشاف الموهوبين وإشراكهم في تقديم أنشطة تفاعلية للعامة؛ للمساهمة في نشر المعرفة وثقافة والإبداع، إضافة إلى إيجاد منصة تمكين ليسوّقوا إبداعاتهم.
ويواصل مهرجان «حكايا مسك» تقديم ورش العمل والأنشطة في الأقسام الإبداعية بعد عصر اليوم؛ إذ ستتاح لجميع الزوار، في حين سيصاحب هذه الأنشطة التثقيفية التعليمية، فعاليات «سوق حكايا»، التي يشارك فيها 29 متجرا لعرض إبداعات الشباب من لوحات رسم ومجسمات وأعمال حرفية، وكذلك فعاليات «مسرح حكايا» التي تنطلق الساعة السادسة بفقرة عروض مرئية، يتبعها استضافة للإعلامي ياسر الشمراني، الذي سيتحدث عن تجربته الإعلامية في تغطية أحداث الحد الجنوبي للمملكة، ثم عرض مسرحية «حبل غسيل» التفاعلية الكوميدية.
بلغة عربية فصحى، يعلو صوت الشاب عبد الله الرحيلي (22 عاماً) في أرجاء «حكايا مسك»، وأركان الفعاليات، مردداً «كان ياما كان» إعلاناً منه بسرد حكايا بيضاء للأطفال زائري مركز الملك فهد الثقافي «المفتاحة» بأبها.
وبالزي المعروف لشهريار، يحكي الرحيلي قصصاً متنوعة على مئات الأطفال من طلاب المراحل الابتدائية، الذين يتوافدون على المهرجان، راوياً لهم قصة «شفق والأميرة الحزينة»، وكذلك رواية «القزم ذهين وسارق الصندوق»، وحكاية «الزرافة الشجاعة زوزو».
ويسهم قسم «المؤلف الصغير» في تأسيس جيل جديد يجعل من القراءة والتأليف نافذة ينطلق من خلالها الطفل إلى العالم، حيث يستقطب مسؤولو فعاليات المؤلف الصغير الأطفال وطلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة ممن يمتلكون مهارة محددة في مجالي الخطابة والإلقاء، أو السرد القصصي لمساعدة المشاركين في الإبداع، وتحفيزهم ليكونوا قدوة، والحذو حذوهم.
ويتعرف زوار قسم المؤلف الصغير إلى أبرز العلوم والمعارف التطبيقية من خلال استخدام تطبيقات تساعدهم في صناعة القصة بدءاً من الفكرة حتى النشر.
حوّل الفنانون المشاركون ساحات الرسم والمعارض في مهرجان «حكايا مسك» إلى واحة للتأمل والتجربة قبل استعراض الأعمال الإبداعية، فبمجرد مرور الزائر من أمام الساحات ومعارض الفنانين، تراه يحدق في هذه الأعمال ويسرح في تفاصيل ما يعرض من لوحات.
ولكن الأمر لا يقتصر على إطلاع الزائر على الأعمال الإبداعية فحسب، بل ما يقوم به الفنانون من رسامين ونحاتين من رسم حي أمام الزوار، وما يعرضه المشاركون منهم في تقديم ورش عمل من تجارب وخبرات وتطبيقات يدرب من يلتحق بهذه الدورات، يجعل الزائر في تجربة ثرية ربما تدفعه بعد هذه التأملات إلى أن يعقد العزم في أن يطلق مهارة أو يطور هواية.
أجواء تلك الساحات دفعت بطلاب المدارس ممن زاروا الملتقى خلال الفترة الصباحية، إلى خوض تجربة محاكاة واقعية، بدأت بجانب فكري نظري لتنتقل فيما بعد إلى عرض عملي كان نتاجه عشرات الأوراق التي رسمها الطلاب من تلقاء أنفسهم.
وتأتي أهمية إشراك الحضور في ممارسة الرسم المباشر مع المشاركين من الرسامين ومناقشة رسوماتهم مباشرة في الوقت ذاته، في أنها تترك انطباعاً إيجابياً لدى كل طالب تقدّم برسمه أمام زملائه عبر ساحات الرسم؛ وهو ما زرع بداخلهم حب أوراقهم ليتهافتوا على تذييلها بتوقيع الرسامين بالساحات.
ويهدف «حكايا مسك» إلى صناعة محتوى متخصص وهادف لفئة الشباب، وتنويع مستوى البرامج التدريبية ووضع خطة لبرامج متقدمة للشباب المحترف في مجالات المهرجان، والوصول إلى أكبر شريحة من المستفيدين الشباب الذين يعملون في قطاعات متخصصة في المجالات الإبداعية، إضافة إلى رفع الجانب الترفيهي في المحتويين التعليمي والتدريبي المقدمَين لفئة الشباب والأطفال، والتركيز على البرامج والأنشطة التفاعلية والإبداعية. كما تهدف فعاليات المهرجان إلى تأهيل وتدريب المبدعين في دورات تدريبية مكثفة قبل بدء المهرجان، واستحداث آليات لعرض وصناعة البرامج التدريبية التفاعلية، وتعزيز قنوات التواصل بين الجهات المشاركة والزوار، وتمكين الشباب المبدعين ودعمهم في مجالات المهرجان، وتحقيق الانتشار والوصول إلى الفئة المستفيدة، وكذلك تشجيع إنتاج مواد ومنتجات تحت سقف المهرجان وتوثيقها ونشرها عبر منصات الإعلام الحديثة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».