«ذكريات لا تموت» دراما خليجية تغوص في أسرار العلاقات الزوجية

بطلات مسلسل ذكريات لا تموت
بطلات مسلسل ذكريات لا تموت
TT

«ذكريات لا تموت» دراما خليجية تغوص في أسرار العلاقات الزوجية

بطلات مسلسل ذكريات لا تموت
بطلات مسلسل ذكريات لا تموت

يعرض المسلسل الكويتي «ذكريات لا تموت» حصرياً على قناة «mbc1»، وهو دراما خليجية اجتماعية، تتناول قصة عائلة مكونة من 4 أسر، وأم مسنة، تحتضن أبناءها الكبار وتظلّل عليهم وتهتم بعلاقات الإخوة بعضهم مع بعض.
يلقي المسلسل الضوء على هذه الأسر الأربع التي تعيش في بيت واحد، وعلى مشكلات الرجال مع زوجاتهم، وطبيعة كل شخصية، بين الضعف والقوة والقسوة. تدور أحداثه حول تأثير ذكريات الماضي ومشاعرها المختلفة على حاضر 3 صديقات تفرقن بعد زواجهن، غير أن الأقدار جمعتهن من جديد، فيستعدن من الذاكرة المواقف الصعبة والقاسية التي مررن بها، والقضايا التي طرأت على حياتهن بعد الارتباطات الاجتماعية الجديدة.
المسلسل من تأليف الكاتبة أنفال الدويسان، ومن إخراج منير الزعبي، وموسيقى تصويرية لعبد الله مبارك، وإنتاج صباح بيكتشر. ويقوم بأداء شخصيات المسلسل نجوم خليجيون، منهم مرام، وفاطمة الصفي، وأمل العوضي، ومشاري البلام، والفنانة القديرة انتصار الشراح، وبثينة الرئيسي، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة ومتميزة من نجوم الشاشة الخليجية.
ويتناول المسلسل زوايا وقضايا اجتماعية تتعلّق بالحب والاحترام من طرف واحد بين الأزواج، والعطاء والمحبة اللذين تقابلهما اللامبالاة، والجشع والتعجرف.
استطاع الثنائي منير الزعبي والكاتبة الكويتية أنفال الدويسان أن يقدما رؤية ذكية لشخصيات المسلسل، بثلاث شخصيات لثلاث حكايات، من «سارة» التي تجسدها الممثلة العمانية بثينة الرئيسي، وتبدأ حكايتها بتخطيطها لكتابة قصة فتفاجأ بأنّها تكتب مذكرات حياتها: «ذكرياتنا لا تفارقنا على مدى الحياة... تلك هي بالذات الذكريات التي تتحكم في حياتنا»، وتبدأ بسرد قصتها وحياتها؛ لأنّ أروع القصص وأكثرها صدقاً هي التي تتكلم عن واقع حياتنا. ففي حين تعتقد سارة أن مشكلتها في تأخر الإنجاب مشكلة بسيطة يتضح لها من خلال الأحداث أنها معقّدة جدا.
وتظهر «ريم» (الممثلة والإذاعية أمل العوضي) حبيبة زوجها «فهد» في الماضي لتلعب دور المنافس لسارة؛ فـ«ريم» ذكرى حب زوجها فهد التي لا تموت، وقد انفصلا رغما عن إرادتهما، بعد رفض أهلها ارتباطهما لأسباب تعود لتقاليد اجتماعية صارمة، ويذهب كل منهما في سبيله، فتغادر ريم الكويت، ثم تعود بعد سنوات كثيرة بهدف استعادة حبيبها الذي تزوّج سارة واستقر في حياته، وبهذا تكون شخصية سارة هي الأكثر جذباً في المسلسل.
وتأتي «شيماء» (صمود الكندري) بدور الزوجة التقليدية التي تحبط زوجها وتعجز عن تقديم الاحترام اللازم له أمام الآخرين، في حين أن زوجها الذي يجسد شخصيته الممثل الكويتي «يعقوب عبد الله» شخص مبدع يريد تحقيق أحلامه، وتتوالى الأحداث في ظل تناقض شخصيتيهما.
«بدرية» (الممثلة والمخرجة الكويتية فاطمة الصفي)، زوجة في الأربعينات من عمرها، تعاني بسبب زوجها سامي (عبد المحسن القفاص) الذي هجرها لإرغامه على الزواج بها، ويريد البحث عن حب يشعر به وهو في أواخر الأربعينات، لتكتشف أنه يمر بأزمة منتصف العمر، وهي الأم التي تتولّى تربية ابنها بمفردها مع كل مشكلات المراهقة، ولا تستطيع أن تقيّم سلوكه بطريقتها ولا بطريقة زوجها الذي يرى في الضرب والعنف وسيلتين للتربية الصحيحة، ما يؤثر على الابن سلبا، فتقف بدرية عاجزة عن منع زوجها من إيذاء ابنها نفسيا وجسديا.
تتناول حلقات المسلسل أمراض المجتمع وشخصيات الناس بتناقضاتها، فتحكي سارة (تيمة ومحور ومقيم الشخصيات) في نهاية كل حلقة عن مرض اجتماعي في حياة شخصيات المسلسل. فعلى مدى حلقات المسلسل تظهر لنا الكاتبة معاني إنسانية.
كما تستعرض انخداع بعض الناس ببعض، والجوانب المظلمة في الشخصيات، وأهمية الوقت بعد ضياعه مع أشخاص لا يستحقون التضحية، ومفاجآت الحياة السارة. يظهر المسلسل في ثنايا حلقاته حقائق مهمة في العالم العربي، ولا بدّ من الإشارة إليها، منها أن للمرأة قلباً كغرفة صغيرة يسكنها رجل واحد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».