تاريخ حافل بالتعاونات الفنية

من إيف سان لوران وبيت موندريان إلى كارل لاغرفيلد وشارلوت غاستو

من عرض «فندي» لشتاء 2017 وتبدو فيه رسمات شارلوت غاستو واضحة
من عرض «فندي» لشتاء 2017 وتبدو فيه رسمات شارلوت غاستو واضحة
TT

تاريخ حافل بالتعاونات الفنية

من عرض «فندي» لشتاء 2017 وتبدو فيه رسمات شارلوت غاستو واضحة
من عرض «فندي» لشتاء 2017 وتبدو فيه رسمات شارلوت غاستو واضحة

هناك تعاونات كثيرة بين الفن والموضة، وهي ليست وليدة الساعة بل علاقة تعود إلى بداية القرن الماضي توطدت مع الزمن. فقد ظهرت في بداية القرن الماضي مع ظهور الموضة تقريبا، وليس أدل على هذا من أعمال المصمم بول بواريه المستلهمة من أعمال الفنان المستشرق كريستيان لاكروا مثلا. ما يُحسب في هذه العلاقات ويجعلها مهمة من الناحية التاريخية أنها لا تُعبر عن أفكارهم ورؤيتهم فحسب بل تعكس أيضا ثقافة عصرهم، ما يجعلها قراءة مهمة في تغيراتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وغني عن القول: إن العلاقة في بعض هذه التعاونات بين الفنان والمصمم تتمازج مع بعضها ليُصبح الخيط بينهما رفيعا. فالمصمم أحيانا يرى نفسه كفنان ويتعامل مع أدواته على هذا الأساس لا سيما في مجال الـ«هوت كوتير»، والفنان يريد أن يجرب لغة جديدة بتعامله مع الموضة أو فقط يرغب في الاستثمار فيه حتى يُمول فنه. غني عن القول: إن بعض هذه التعاونات يعرف نجاحا ساحقا يسجله التاريخ، فيما تمر أخرى مرور الكرام ويتم نسيانها بعد فترة قصيرة. ورغم ذلك لا ننكر أنها في غالب الأحوال تجتهد في تكسير التابوهات والمتعارف عليه لتصل إلى أكبر عدد من الناس. من أشهر التعاونات تلك التي جرت بين جون كوكتو وسلفادور دالي مع كل من شانيل وإلسا سكياباريللي وكريستيان ديور في منتصف القرن الماضي. وطبعا لا يمكن التطرق إلى هذه النجاحات من دون ذكر تعاون إيف سان لوران مع الفنان أندي وورهول في عام 1974، أو اقتباسه من لوحات الفنان بيت موندريان في عام 1965 الذي أعطانا فستان «موندريان» كما أصبح يعرف حتى الآن.
ولا يختلف اثنان أن قوة هذه التعاونات تعززت في العصر الحديث مع تطور تقنيات الغرافيك والرسم الديجيتال، إذ من النادر أن نجد مصمما شابا لم يستلهم من أعمال فنان أو يتعاون معه، ولو في تصميم ديكور مكان العرض. عرض دار «فندي» الذي أقيم في روما على خلفية نافورة تريفي الشهيرة يشهد على هذا. فهو لا يزال على البال نظرا لفخامته وفنيته ورومانسيته وسحره الذي يجمع الماضي بالحاضر، بكل إمكانياته المادية.
فبمناسبة ميلاد الدار الـ90 وتزامنه مع افتتاح نافورة تريفي بروما أقامت «فندي» عرضها لشتاء 2017 على خلفية النافورة الشهيرة في حفل ضخم حضره أكثر من 500 ضيف استمتعوا بكل دقيقة فيه. ولم لا والدار هي التي تولت كل مصاريف الترميم؟ بيد أن سحر المكان لم يُلغ أو يُقلل من جمال الأزياء التي كانت في مستوى المناسبة من حيث رسماتها الرومانسية التي تبدو في كل قطعة وكأنها تحكي قصة متكاملة. تكتشف بعد العرض أنها كانت نتيجة تعاون مصمم الدار الإيطالية، كارل لاغرفيلد، إضافة إلى استلهامه من الآرت نوفو، أو الآرت ديكو.
فقد ظهرت مثلا رسمات لكل من كاي نيلسون وكايتي بايلي وشارلوت غاستو، تارة على فستان سهرة من الموسلين أو الحرير وتارة على معطف من الفرو، في صورة لا تترك أدنى شك أن الفن والموضة يمكن أن يُكملا بعضهما على شرط تم التعامل معهما بحرفية.



اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.