ازدياد مرض «انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم» في المجتمع السعودي

عرض نتائج أول دراسة من نوعها في الشرق الأوسط

ازدياد مرض «انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم» في المجتمع السعودي
TT

ازدياد مرض «انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم» في المجتمع السعودي

ازدياد مرض «انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم» في المجتمع السعودي

عرض باحثون سعوديون أمس في جدة نتائج أحدث دراسة حول مدى انتشار متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي خلال النوم في المجتمع السعودي، وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. وقدم البروفسور سراج عمر ولي، مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة، والباحث الرئيسي في الدراسة العلمية، والدكتور أيمن بدر كريّم، استشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة، رئيس نادي جدة لطب النوم النتائج في ندوة نظمها نادي جدة لطب النوم بفندق «راديسون بلو» بطريق المدينة بجدة.
دراسة سعودية حديثة
وعن مدى انتشار انقطاع التنفس أثناء النوم في السعودية، تشير الدراسة التي أجراها مركز طب وبحوث النوم بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة على عينة كبيرة من الأفراد في مدينة جدة، بإشراف الأستاذ دكتور سراج عمر ولي مدير المركز، وتم نشرها في عدد شهر أبريل (نيسان) الحالي للمجلة الدورية لطب الصدر (Annals of Thoracic Medicine)، إلى إصابة نحو (9 في المائة) من أفراد العينة البالغ عددهم أكثر من 2600 مريض أعمارهم بين (30 إلى 60 عاما)، بانقطاع التنفس أثناء النوم، حيث بلغت نسبة الإصابة لدى الرجال (12 في المائة) ونحو (5 في المائة) لدى النساء، وخصوصا مع الإصابة بأمراض مزمنة أخرى وأعراض زيادة النعاس خلال النهار، وذلك عن طريق إجراء تقييم طبي دقيق لمجموعة عوامل خطر الإصابة باختناق النوم. كما تم إثبات الإصابة بالمرض عن طريق إجراء دراسة مختبرية للنوم في مركز طب وبحوث النوم بالمستشفى الجامعي أو في منزل المريض بواسطة جهاز تقني متنقل، حيث أظهرت الدراسة أيضا أن الشخير المزمن - وهو المظهر الرئيسي من مظاهر انقطاع التنفس أثناء النوم - عرَض منتشر بين الرجال والنساء (نحو 24 في المائة و17 في المائة على التوالي)، كما تبيّن من نتائج الدراسة أن التقدّم في العمر، والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكّري تعتبر من ضمن عوامل الخطر المستقلّة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم.
ويعاني كثيرون مما يعرف طبيا بمرض «متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم»، وهو من أكثر اضطرابات النوم انتشارا إلا أنه، وعلى العكس من كثير من الأمراض المزمنة، لا يتم التعرف عليه إلا بعد زمن طويل قد يصل في كثير من الأحيان إلى (8) سنوات من المعاناة التي تظهر على هيئة شخير مزمن، ونوم متقطّع رديء، ومضاعفات ارتفاع ضغط الدم وفرط النعاس والإرهاق خلال النهار.
ومتلازمة اختناق النوم - من الناحية الحيوية - عبارة عن نوبات متكررة من انسداد مجرى التنفس العلوي تحدث خلال النوم مما يؤدي إلى توقف جزئي أو كاملٍ لسريان الهواء وانخفاض نسبة تشبع الدم بالأكسجين تؤدي عادة إلى تكرار التنبه أثناء الليل.
ويعاني حسب الدراسات المثبتة نحو (4 في المائة) من الرجال و(اثنتين في المائة) من النساء متوسطي العمر من متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم في الولايات المتحدة، كما تصل نسبة الإصابة بها بشكل عام إلى (5 في المائة) في المجتمعات المدنية وتزداد فرصة الإصابة به مع توفّر بعض عوامل الخطر، كالبدانة والتقدّم في العمر، والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكّري وغيره.

الأسباب والأعراض
تعتبر البدانة من بين أهم عناصر خطر الإصابة باضطرابات التنفس أثناء النوم، حيث يصاب ما يقرب من 60 في المائة من الرجال أصحاب الوزن المفرط بانقطاع التنفس أثناء النوم بدرجات متفاوتة. فالوزن الزائد عادة ما يؤدي إلى تراكم الشحوم حول الرقبة مما يؤدي إلى ضيق مجرى الهواء العلوي وترهل أنسجة وعضلات البلعوم ومن ثم إعاقة التنفس أثناء النوم. وتزيد نسبة الإصابة بخمول الغدة الدرقية وقلة إفرازها لهرمون «الثايروكسين» عند النساء أكثر من الرجال، مما يؤدي عادة إلى زيادة الوزن وكسل عضلات البلعوم، وهذا من ضمن الأسباب التي يجب التنبه إليها وعلاجها قبل التحكم في أعراض اضطرابات التنفس أثناء النوم عند النساء. وبالنسبة لقياس محيط الرقبة، فإن مقاس (17 بوصة) للرجال و(16 بوصة) للنساء يعتبر حدا علميا فاصلا يزيد بعده خطر الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم. وتتمثل الأعراض بوضوح في الشخير المرتفع، ونوبات الاختناق والتململ أثناء النوم والشعور بالصداع والخمول المفرط عند الاستيقاظ في الصباح. ومن المهم الإشارة إلى أن انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم يمكن أن يظهر في صورة أعراض لا تدل على المرض بالضرورة وهي تشمل زيادة الشعور بالنعاس أو الإرهاق خلال النهار وتعكر المزاج وحتى الاكتئاب والقصور الجنسي.
المضاعفات
وتؤثر اضطرابات التنفس أثناء النوم سلبا على وظائف الأعضاء بما في ذلك القلب والأوعية الدموية. فقد أثبتت عدة دراسات طبية معتمدة أن مرض انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم يشكل عنصر خطر أساسي ومستقل يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وصعوبة التحكم به. كما يرتبط هذا المرض على المدى الطويل بقصور الدورة الدموية لشرايين القلب التاجية، وكذلك هبوط عضلة القلب واختلال نبضاته. وهناك من الدلائل ما يشير إلى ارتباطه بجلطات الدماغ وتأثيره على هرمون الأنسولين مما يزيد من احتمال خطر الإصابة بمرض السكري خصوصا عند أصحاب الوزن الزائد.
أما على صعيد العلاقة الزوجية فقد أكدت بعض الدراسات أن الزوجات اللواتي يعانين من شخير أزواجهن تكون نسبة إصابتهن بالأرق المزمن والصداع والنعاس أثناء النهار، أكثر من غيرهن من الزوجات اللواتي يرتبطن بأزواج غير مصابين بالشخير. ويجب التنبيه إلى أن انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم يعتبر سببا من الأسباب الخفية للضعف الجنسي لدى الرجال وفقد الرغبة تدريجيا في ممارسة الحياة الطبيعية، مما يتسبب في كثير من المشاكل بين الزوجين.
التشخيص والعلاج
ومن أجل الوصول إلى التشخيص الدقيق، يحتاج المريض إلى الخضوع لإجراء دراسة مختبرية للنوم لرصد ما ينتابه من اضطرابات في التنفس، حيث يتم تسجيل رسم نشاط الدماغ، ورصد الشخير وملاحظة حركة التنفس ومتابعة تدفق الهواء وانقطاعه المتكرر بواسطة مجسات توضع قريبا من الأنف، وكذلك تسجيل نسبة الأكسجين في الدم عن طريق النبض طوال ساعات النوم. ويجب التنويه إلى أن فحص النوم إجراء غير مؤلم على الإطلاق، بل ويطلب من المريض النوم بصورة عادية قدر الإمكان. ويقوم استشاري اضطرابات النوم بعد الفحص بمراجعة الإشارات بعد تحليلها، ومن ثم إعطاء التشخيص النهائي ووصف العلاج المناسب.
ومن الضروري التأكيد على أن انقطاع التنفس أثناء النوم مرض عضوي يمكن علاجه وتجنب مضاعفاته الصحية والاجتماعية بشكل فعال. ويختلف العلاج بطرقه الطبية والجراحية باختلاف شدة المرض، وكذلك بحسب عمر المريض ووزنه أو إصابته بأمراض مزمنة أخرى. وعموما يساعد إنقاص الوزن الزائد والامتناع عن التدخين وانتظام مواعيد النوم والاستيقاظ على تحسّن حالة المريض. إلا أنه في أغلب الحالات، يتم اللجوء إلى معالجة المريض على المدى الطويل بواسطة جهاز دفع الهواء «CPAP» الذي يدفع الهواء المضغوط بدرجات متفاوتة خلال مجرى التنفس بواسطة كمامة توضع على الأنف أو الأنف والفم معا، مما يعمل على إبقاء مجرى الهواء مفتوحاً وتأمين استقرار وظيفة التنفس أثناء النوم، ومن ثم الشعور بالراحة عند الاستيقاظ وخلال ساعات النهار.
كما يمكن في بعض الحالات القليلة، اللجوء إلى جراحات الأنف أو الحلق المختلفة أو الاستعاضات الخاصة بالفم والأسنان والتي تستخدم أثناء النوم. ولا بد من التنويه، إلى أن استعجال جراح الأنف والأذن والحنجرة في إجراء عمليات سقف الحلق (قص اللهاة أو جزء من سقف الحلق الرخو)، قبل التقييم الشامل والدقيق من طبيب اضطرابات النوم وإجراء فحص النوم للمريض، يعد إجراء غير مهني، لا يصب في مصلحة المريض على المدى الطويل، ولا يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم بشكل فعال بالضرورة، بل قد يتسبب في مضاعفات عضوية مزمنة، تجعل من الصعب علاج المريض بشكل فعال بأجهزة دفع الهواء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».